علوان سعيد الشيبانيّ

العِلْم في مواجهة الجهل والخرافة
خيوط
June 8, 2023

علوان سعيد الشيبانيّ

العِلْم في مواجهة الجهل والخرافة
خيوط
June 8, 2023

وُلد الأستاذ علوان سعيد الشيباني عام 1936، في قريةِ "المدهَف" بشرق بني شيبة، محافظةِ تعز. قصدَ الشيبانيّ الحبشةَ مطلعَ العامِ 1950 للعمل فيها برفقة أحد أبناء قريته، حيث قضى فيها قرابةَ أربعةِ أعوامٍ، عادَ منها بعدَ ذلك إلى مدينة عدن عام 1954، ليكملَ فيها تعليمَه الأساسيّ في "مدرسةِ بازرعة الخيرية". 

مَنَحهُ "نادي الاتحاد الشيباني" في أكتوبر من عام 1956، منحةً دراسيةً لمواصلة تعليمِه في الجمهوريةِ العربية المتحدة – مصر، حيث أكمل فيها الإعدادية والثانوية في العام 1960.

الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ كانت وجهتَه التاليةَ، حيثُ تخرّجَ فيها من كليةِ العلوم السياسيةِ والدوليةِ، بجامعة كانساس عام 1969، ونالَ درجةَ البكالوريوس في العلومِ السياسيةِ والاقتصاد، بعد أن أمضى ثلاث سنوات في دراسة الهندسة، وتركها مُجبَرًا بعد قطع منحته لأسباب سياسية.

عاد إلى صنعاء أواخر عام 1969، وعمل في وزارة الخارجية لفترة قصيرة، ثم انتقل إلى عدن مطلع العام 1971، حيث عمل في المؤسسة الاقتصادية للقطاع العام والتخطيط القومي.

عاد من جديد إلى صنعاء مرة أخرى برفقة أسرته، حيث عمل في وكالة راشد للسفريات والتجارة، قبل أن ينتقل إلى المؤسسة العامة للطيران اليمني كمدير للمبيعات ونائب للمدير التجاري في شهر مارس من عام 1973.

تدرّج في أعماله الوظيفية حتى وصل لموقع المدير التجاري وعضو مجلس الإدارة. وفي العام 1979، ترك الوظيفة العامة، واتجه للعمل الخاص، ابتدأه كشريك في وكالة راشد في العام 1981، وفي العام 1983 أسّس وكالة العالمية للسفريات، التي صارت اليوم مجموعة تضمّ قرابة ثلاثين شركة تعمل في مجالات مختلفة.

أسّس مؤسسة الخير للتنمية الاجتماعية في العام 2008، لتساهم في عملية تأهيل وتدريب مئات الشبان، ومساعدة الفئات الضعيفة والمهمشة، ولم يزل التعليم وبرامجه على رأس أولوياتها، لأنّ مؤسِّسَها كان يرى في "التعليم أداة مثلى للتغيير".

تُوُفّيَ في أحد مشافي لندن، يوم الأربعاء الموافق 8 يونيو 2022، ودُفن بصنعاء.

قال عنه يحيى حسين العرشي (وزير الثقافة السابق):

"لقد أدرك علوان الشيبانيّ، منذ وقت مبكر، أهميةَ العلم في مواجهة الجهل، وأهمية التعاون وتجاوز الفاقة والاحتياج؛ لذلك فقد اضطلعت مؤسسته بدورها في التعليم، وإلى دعم العملية التعليمية في بعض المناطق، وفي دعم التعليم في أوساط الفئات المهمشة، وخصوصًا في دعم تعليم الأطفال والفتيات، وحتى المستوى الجامعي داخل الوطن وخارجه، والمخرجات لهذا الدور ليست قليلة، مبتدئًا بمنطقة نشأته، متوسعًا إلى أنحاء متفرقة من مناطق اليمن".

وقال عنه عبدالباري طاهر (نقيب الصحفيين اليمنيين السابق):

"علوان الشيباني أحد الضمائر العلنية والمستترة في إنجاز أعمال وطنية كثيرة لم يتحدث عنها مطلقًا. كان دوره مائزًا في اليمنية للطيران، وله الفضل الكبير في النهوض بها؛ أسّس "العالمية" التي أصبحت واحدة من أهم المكاسب الاقتصادية. 

علوان، الضمير الحي واليقظ، اهتم أيّما اهتمام بالتعليم، اتجه لتعليم المهمشين. أدرك أنّ الهجرة التي عرفها وذاق مرارتها وكانت الأساس في بنائه، أنّها المدخل الحقيقي للتمدّن والتحضر وبناء الحياة والإنسان والثورات في اليمن، فأسّس فريق دراسة "الهجرة اليمنية؛ الأثر والتأثر"، وكانت الثمرة في عدة مجلات درست واقع الهجرة قديمًا وحديثًا، وأثرها على اليمن واليمنيّين". 

وقال عنه د. حمود العودي (أستاذ علم الاجتماع):

"سفير اليمن في العالم، وسفير العالم في اليمن، حملها بقلبه وطموحه؛ بعصامية ومثابرة، نال بها قلوب الناس. كثيرون هم رجال الأعمال، ولكن ليسوا كعلوان الأنموذج الخلّاق، نزل إلى الناس وعمل على تنميتهم، وعلّمهم الاعتماد على الذات بدلًا عن الاتكالية والتواكل".

وقال عنه قادري أحمد حيدر (باحث وكاتب):

"هو رجل أعمال لم تسلبه التجارة وجريان رأس المال في يديه، عمقَهُ الإنساني، وهو الخالد في الحياة، فالمال زائل، ولا يبقى سوى وجه الفضيلة والقيم الأخلاقية التي يتركها ذلك الأثر المالي. فالرأسمال قبيح بحكم صلته بالاستغلال للعمل المنتج، ونبيل فقط بمقدار ما يتركه البعض من أثر قيمي سامٍ يخلده في الحياة".

تقول آمنة النصيري (فنانة تشكيلية وأكاديمية):

"قبل أكثر من عشرين عامًا، حكى لي كاتب ومثقف قدير، كيف أنه في فترة مروره بأزمة صحية قاسية، خذلته المرافق الثقافية الرسمية وتجاهلت مرضه، وتقاعست عن معالجته على نفقة الدولة. في الوقت نفسه، يتواصل معه أحدهم ويبلغه أنّ هناك من يتكفل بنفقات علاجه كاملة. كان يقص التفاصيل بتأثر شديد ويثني على شخص لم يلتقه قبل ذلك سوى مرة واحدة. لكن ذلك الشخص عُرف باهتماماته الفكرية وبعلاقته الوثيقة بالوسط الثقافي والأكاديمي اليمني. كان ذلك هو رجل الأعمال المعروف الأستاذ علوان الشيباني. علمت، بعد ذلك، أنّ تلك لم تكن سوى قصة من قصص كثيرة ومواقف إنسانية متكررة، عُرفت عن الأستاذ علوان تجاه عديد من المثقفين وأهل الفكر والإبداع والشخصيات الوطنية".

يقول عبدالرحمن بجاش (رئيس تحرير صحيفة الثورة السابق):

"فعلى مستوى مسقط الرأس، قدّم علوان سعيد الشيباني الكثير: من بئر الماء حتى المعهد التقني. وعلى صعيد التعليم، إلى ما لم يتجه غيره، اتجه إلى الفئات الاجتماعية المهمشة، فأعطى وضمن إلى جانب التعليم الوظيفة. ولأنه يدرك قيمة التأهيل فهناك مؤسسة التدريب بهدف التوظيف.

ولأنه يدرك ما فعله اليمني الذي هاجر، فهناك الدراسة المتميزة حول الهجرة، والتي ينجزها ثلة من الكفاءات.

علوان الشيباني موجود على كل الجبهات التي يقاتل فيها الإنسان من أجل المستقبل، وبالعلم وليس بالفهلوة".

ويقول عنه عبدالعزيز البغدادي (النائب العام السابق):

"أحد أبرز الوجوه المشرقة لرجال الأعمال اليمنيّين، وأنبل وأجمل الأمثلة عن الرأسمال الوطني عطاءً وإحساسًا بالمسؤولية، هذه الشخصية الفذة التي عزّزت بالعمل المثابر الصلة الوثيقة بالثقافة والمثقفين وبالإنسانية من خلال أعمال ومشاريع يصعب حصرها".

وقال أنور العنسي (إعلامي في محطة البي بي سي):

"أشعر بالحزن وبالخجل معًا من ألّا أكتب عن علوان الشيباني، رجل الأعمال المحترم والذائع الصيت، الذي رأيته عبر أكثر من زاوية عاملني خلالها باحترام، ولم يكن من بينها الاستفادة من مكرماته للضعفاء والمحتاجين التي أرجو الله أن يجعلها في ميزان حسناته.

لفت انتباهي في الراحل، الذي آسف أننا لا نذكر مناقبه مثل غيره من الراحلين إلّا بعد رحيلهم، أنه حاول أن يجعل من (السياحة) التي نجح في كثير من مشروعاتها، (ثقافة) تبهر المقيمين في البلاد مثلما تدهش زوارها الأجانب.

وقال عنه عز الدين الأصبحي (سفير اليمن بالمغرب):

"دخل علوان مجال الأعمال بقلب المثقف وعقل السياسي، فأعطى لليمن ازدهارًا لم تكن تعهده في قطاع السياحة، فهو الطالب المجِدّ الذي وُلِد منتصف الثلاثينيات في قريته في بني شيبه (الحجرية - تعز)، ولم يتخلَّ عنها طوال رحلة كفاح ونجاح لافتة للنظر، تغلب على الفقر بالتعليم، وعاد نهاية الستينيات أكاديميًّا من أمريكا، وولج الوظيفة العامة في عام 1970، لكن سرعان ما تركها وأسّس شركة السياحة باليمن، لتصبح بحق إمبراطورية يشار إليها باحترام".

وقالت عنه رضيَّة المتوكل (رئيسة منظمة مواطنة):

"تمت دعوتي للمشاركة في الورشة المتعلقة بمشروع دراسة ظاهرة "الآثار المتبادلة للهجرة اليمنية" التي تمت برعايته. مشروع ثقافي اشترك فيه بجدية عشرات الباحثين والباحثات وجامعِي وجامعات البيانات. وكم كنت فخورة أن يهتم رجل أعمال يمني بهذا التوجه الثقافي بكل ما فيه من عمل ميداني جادّ. 

يومها، رأيته لأول مرة، شعرت بالخجل من نفسي لأنه كان أكبر عمرًا ممّا ظنّنت وممّا تتحمّله طريقتي في نقل الشكوى إليه، لكنه كان حيويًّا وبشوشًا رغم كبر سنّه. سلّمت عليه وتحدّثت معه، عرفته أكثر، وعرفت ماذا يعني وجود شخص مثله لليمن، وكانت آخر كلمة قلتها له: أنت إنسان جميل".

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English