الاستيلاء على "الحمدي"

أطراف كثيرة تدعي ملكيتها، والمواطن ضحية
سهير عبدالجبار
June 27, 2022

الاستيلاء على "الحمدي"

أطراف كثيرة تدعي ملكيتها، والمواطن ضحية
سهير عبدالجبار
June 27, 2022

أخذت قضية مدينة الحمدي السكنية، في منطقة سعوان (شمال شرقي العاصمة اليمنية)، التي تدعي وزارةُ الأوقاف في صنعاء الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، ملكيتَها لأوقاف المدينة السكنية، منحى تصاعديًّا بعد قيام الوزارة بتسوير المساحات البيضاء، في حين يلتزم البنك اليمني للإنشاء والتعمير الصمتَ، ما اعتبره مراقبون تملُّصًا من مسؤوليته في دفع متأخرات إيجارات الأوقاف المتراكمة منذ عشرات السنين، بحسب ما تقوله وزارة أوقاف صنعاء. 

في سبعينيات القرن الماضي، قام بنك الإنشاء والتعمير (حكومي)، بإنشاء مدينة الحمدي السكنية على أرضية قام باستئجارها من الأوقاف، ومن ثَمّ بعد استكمالها عمل على بيعها للموظفين في الخدمة المدنية بنظام التقسيط. 

ويلتزم البنك الصمت حتى الآن في توضيح ملابسات هذه القضية الشائكة التي برزت نهاية الشهر الماضي مايو/ أيار 2022، بما يساهم في إيجاد معالجات واقعية تحقق العدالة لجميع الأطراف، مع تصاعد الخلافات ووصولها إلى مرحلة غير مسبوقة بين سكان مدينة الحمدي ووزارة الأوقاف، بعد قيام الأخيرة بتسوير المساحات البيضاء المجاورة للمدينة، ومطالبة الساكنين بالتعامل معها مباشرة ودفع الإيجارات المتأخرة وتجديد العقود.

مسارات القضية

منذ حوالي عامين، تفاجأ المُلاك بطلب الوزارة استيفاءَ إيجارات الأرض التي تقام عليها شققهم، على اعتبار أنها ملك للأوقاف، طلبٌ قوبل بالرفض من قبل المواطنين سكان مدينة الحمدي.

يقول أحد المواطنين: "تستولي الأوقاف على كل منافذ التنفس في المدينة، وتطالبنا بتجديد العقود ومعاملتنا كمستأجرين، رغم كوننا مُلّاكًا"

لكن القضية أقدم بكثير تعود لسنة 1977، عندما قامت الأوقاف بتأجير 2700 لبنة عشاري كما يطلق عليها في صنعاء (اللبنة عبارة عن قطعة أرض وتساوي 44.44 مترًا مربعًا)، ثم بعدها بسنة واحدة قامت بتأجير 2428 لبنة عشاري أخرى للبنك اليمني للإنشاء والتعمير، بعقد ساري المفعول لمدة ثلاثة أعوام فقط، بعدها يتم التعاقد من جديد، لكن آخر سداد للإيجار بحسب ادعاءات الأوقاف تعود لسنة 1988، لم يقم البنك بتجديد العقد. 

يقول أكرم الخوبري، أحد ساكني مدينة الحمدي، لـ"خيوط": "باع أبي منزلنا بشارع تعز، وقام بشراء شقة في مدينة الحمدي بالتقسيط وبعد 12 سنة، استوفينا المبلغ كاملًا، استلمنا العقد، ويوجد به بند يُلزم الطرف الأول دفع إيجار أرضية الوقف للعمارة التي فيها شقته سنويًّا بحسب النسبة المقررة للشقة الواحدة إلى الطرف الأول"، مضيفًا أنهم يواجهون أزمة خانقة بسبب قيام وزارة الأوقاف على كل منافذ التنفس في المدينة، ومطالبتهم بتجديد العقود ومعاملتهم كمستأجرين بالرغم من كونهم مُلاكًا.

توضيح قانوني

بنيت المدينة على مساحة 1000 لبنة عشاري صنعاني شاملة الشقق السكنية، بمتنافساتها وطرقها، فيما كان البنك قد تنازل عن باقي الأرض للدولة التي شيّدت بدورها على قطعة الأرض المتنازل عليها مدرسة 7 يوليو، وبريد ظهر حمير، وحديقة اللقية ووزارة التعليم العالي. 

من جهته، يوضح المحامي، صلاح الدين جمال، لـ"خيوط"، أنه يحق لوزارة الأوقاف أن تسور الأرض قانونيًّا، لكن الهدف الأساسي من الوقف، شرعًا وأخلاقيًّا، هو منفعة الناس.

بالمقابل، وبعد أن قامت محكمة الأموال العامة بالبتّ في القضية، يؤكد صلاح الدين أنه سوف يصدر الحكم لصالح أحد الأطراف، إما وزارة الأوقاف أو بنك اليمن للإنشاء والتعمير، حينها يحق لمن صدر الحكم لصالحة الانتفاع به.

 وينوّه جمال إلى أنّ المشكلة هي بين جهتين حكوميتين، معتبرًا أنّ بنك الإنشاء والتعمير تخلّى عن مسؤوليته الأخلاقية والقانونية تجاه سكان مدينة الحمدي، ووضعهم وجهًا لوجه في مواجهة مع وزارة الأوقاف التي طالبتهم بتسديد المبالغ المتأخرة، وتجديد العقود، ثم قامت بالسيطرة على المساحات الفارغة والخضراء في المدينة؛ لكيلا يحصل تعدٍّ على باقي أملاك الوزارة".

غرماء جدد

بدوره، يشير المواطن جمال الجوزي، من سكان المدينة، لـ"خيوط"، إلى طلب وزارة الأوقاف منهم التعامل معها بشكل مباشر بعد أن كانوا مُلّاكًا لمساكنهم، مستورين فيها- بحسب تعبيره، نتيجة انقطاع رواتبهم كموظفين مدنيين وصعوبة توفير لقمة العيش، مضيفًا بالقول: "ها نحن من جديد أصبحنا مستأجرين، وبقانون عقد يتغير كل عام".

في حين تؤكد جهات، تقول إنها معنية بالأوقاف بصنعاء، أنّها تمتلك وتحوز العديد من الأراضي والعقارات كما يوضح محمد الصوملي، الذي يُعرّف بنفسه أنه متحدث باسم الهيئة العامة للأوقاف المستحدثة في صنعاء، لـ"خيوط"، ومديونة بمبالغ طائلة للدولة، لكنها لم تستوفِ ولو جزءًا يسيرًا من تلك الحقوق، بحسب حديثه.

واستحدثت سلطة أنصار الله (الحوثيين) مطلع العام 2021، كيانًا إداريًّا باسم الهيئة العامة للأوقاف، وأتبعتها بوزارة الأوقاف، وسلّمتها مهام تنشيط موارد الأوقاف واستثمار أموالها.

يضيف الصوملي أنّ هناك العديد من القضايا العالقة بين الأوقاف والدولة، وبين الأوقاف ومتنفذين، وبينها وبين مواطنين؛ منها ما انتهى، ومنها ما يزال عالقًا، ولم تتحصل الأوقاف على حقوقها بعد.

من جهته، لم يُصدِر بنك اليمن للإنشاء والتعمير أيَّ بيان يوضح للناس موقفه بشأن القضية، وكانت "خيوط" قد حاولت التواصل مع مسؤولين في البنك، لكن دون جدوى.

•••
سهير عبدالجبار

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English