رمضان البيضاء.. بين الفرحة وقلة الحيلة

إصرار على التكافل الاجتماعي
محفوظ الشامي
March 28, 2023

رمضان البيضاء.. بين الفرحة وقلة الحيلة

إصرار على التكافل الاجتماعي
محفوظ الشامي
March 28, 2023

لم يكن إقبال أهالي محافظة البيضاء كثيفًا على المحال التجارية كما جرت العادة مع قدوم شهر رمضان، فقد أسهمت الحرب الدائرة في البلاد منذ ثمانية أعوام، في تقويض قدرة المواطن الشرائية بشكل كبير.

يقول أكرم النقيب (30 عامًا)، وهو من سكان البيضاء، لـ"خيوط": "قبل عشرة أعوام لم يكن الفرق واضحًا بين فقراء وأغنياء المدينة على الأقل في رمضان؛ ذلك أنّ الكل كان يشتري احتياجات الشهر بمستوى متقارب."

ويضيف النقيب، أنّ عجز المواطن في البيضاء، ظهر هذا العام أكثر من سابقيه، حيث انعكس ذلك على طقوس وتقاليد استقبال رمضان المألوفة سلفًا، ليس فقط في نفوس الأطفال، بل الكبار أيضًا، إذ تراجع الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل مقارنة بما كان عليه الحال قبل عشر سنوات، حين كان البلد بلا حرب.

التمسك بالتكافل

يعمد الناس إلى توزيع أطباق الطعام فيما بينهم، كجزء من تقاليد أَلِفَها المجتمع في مدينة البيضاء؛ ذلك أنّ العرف السائد في مناطق هذه المحافظة، يرى أنّه من العيب أن يشتمّ جارك رائحة طعامك دون أن يتذوق منه.

يقول محمد المفلحي، وهو أحد ساكني المدينة، لـ"خيوط": "إنّه بالرغم من صعوبة الوضع على الجميع، فإنّ هناك من لا يزال يبادر إلى دعوة العمّال والمارّة في شوارع المدينة إلى مائدة إفطاره، كفعل يريد به أهالي المدينة الخيرَ والبركة، وكواجب لا يحيدون عنه".

الطقوس "الصوفية" تجعل من رمضان شهرًا مميزًا، حيث تتوقف المشاكل والخلافات، وتنتشر المحبة والألفة وقيم التسامح.

في السياق، يستقبل سكان مدينة رداع أول ليلة من شهر رمضان، بإيقاد الشعلة في أسطح المنازل، وإحراق إطارات السيارات التالفة، كتعبير عن الفرحة بقدوم الشهر من قبل الأطفال والشباب. 

وتشير الناشطة الاجتماعية جميلة عبدالله، لـ"خيوط"، إلى أنّ الكبار من الرجال يذهبون إلى المساجد لإحياء الأذكار والتسابيح، بينما تُعِدّ النساء أصنافًا خاصة من الحبوب لصنع أطباقٍ تتفرد بها مدينة رداع، ومنها "الهريش" الذي يتشابه مع طبق "العصيد".

وتنوه عبدالله، بأنّ سكان المدينة متأثرون بتردّي الأوضاع المعيشية؛ لذا لم يعد بمقدور الجميع شراء متطلبات شهر رمضان الغذائية، غير أنّها تؤكّد تمسّك الجميع بمبادئ التكافل والتراحم، من خلال تبادل أطباق الطعام بين الأُسَر وإفطار الصائمين، خاصة المنتمين لغير المدينة ودعوتهم إلى المنازل.

إحياء الطقوس

يصف علي الهادي (43 عامًا)، استقبال رمضان في مركز مديرية، محافظة البيضاء، إذ يقول لـ"خيوط": "يُحيي الناس أول ليلة من رمضان، بجلسات الذكر والتسابيح الملحّنة وقراءة القرآن"، إذ يرى هذا المواطن أنّ الطقوس "الصوفية" تجعل من رمضان شهرًا مميزًا، حيث تتوقف المشاكل والخلافات وتنتشر المحبة والألفة وقيم التسامح.

وانعكست الأوضاع المادية المتدهورة سلبًا على طقوس استقبال رمضان في عموم محافظة البيضاء، حيث يرى صلاح عبدالله الحقب، وهو باحث اجتماعي، في حديثه لـ"خيوط": "إنّ قلة الموارد مع زيادة الحاجة دون إشباعها، يخلق تغييرًا شبه تام في قيم الإنسان. وعليه، فإنّ أهالي البيضاء لا يخرجون عن هذا السياق، حيث يلاحظ خفوت إقامة المسابقات والسهرات والحفلات الرمضانية؛ نظرًا للبحث الدائم عن توفير احتياجات الشهر تزامنًا مع تردي الظروف المعيشية".

وفي مديرية ولد ربيع، التابعة لمحافظة البيضاء، يطلق الناس الألعاب النارية المضيئة في الهواء؛ تعبيرًا عن الفرحة بقدوم شهر رمضان، ويحدّدون كلَّ مساء أماكن الالتقاء للسهرات وإقامة المسابقات الرمضانية، وهو طقس يكاد يكون حاضرًا في معظم مديريات البيضاء، وفقًا لحذيفة الوري، أحد ساكني مدينة رداع.

•••
محفوظ الشامي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English