في فترة استراحته المدرسية، إبان دراسته الابتدائية في مدينة عدن كان يبقى في الفصل الدراسي دون زملائه الذين يخرجون للعب واللهو، هذا البقاء كان -بحسب ما قاله الفنان التشكيلي عدنان جُمن- مميزًا؛ فقد كان يعطيه الأساتذة بعض الفطائر والعصائر؛ وذلك لقاء رسمه للوسائل الإيضاحية المتعلقة بالمواد الدراسية، إذ انطلق في مسيرته الإبداعية بمجال الرسم من خلال المعارض المدرسية في سن مبكرة من عمره.
وُلد الفنان التشكيلي عدنان جُمن في منطقة شِعب العيدروس بمدينة كريتر (عدن) في العام 1960م، وحظي برعاية فنية من أسرته المهتمة بمجال الفنون، وقد أفرد له شقيقه البكر الرسام والفنان الموسيقي شكيب، مساحةً كبيرة من وقته، وكان يتنقل به بين المعارض الخاصة بالفنون التشكيلية؛ الأمر الذي كان يصقل موهبة الصغير الشغوف ويسارع في نموّها؛ ما أسهم في بروزه رسامًا عُرف في الوسط الإبداعي والصحفي بوقت مبكر من مشواره الفني بمدينة عدن.
ولم يقتصر تميّز الفنان عدنان جُمن في سنّه المبكرة على الرسم وحسب؛ إذ ترافق مع ذلك إسهامه بأعمال الديكور التي كان ينجزها شقيقه شكيب للتلفزيون العدني في الفترة ما بين 1975م إلى 1980م، ثم تلا هذا النشاط الفني في مسيرته، العمل مع مجلة دار الثقافة الحائطية، التي كانت تصدر بشكل شهري في عدن، وقد كانت مشاركاته تتنوع بين الرسم والخط والتصميمات.
لم يتوقف الفنان عدنان جُمن عن الرسم في كل مراحل حياته وحتى اللحظة، إذ ظل محافظًا على شغفه وصقل موهبته بالمزيد من الإنجازات والتطوير والابتكارات، وقد خدم المشهد الثقافي في عدن، وقدّم أعمالًا متعددة، منها: رسم قصص الأطفال لمجلة نشوان التي كانت تصدر وقتها عن وزارة الثقافة والإعلام في عدن، وكذلك مجلة الطلائع، وكثير من الجهات المعنية. هو باختصار فنان شامل، ويرسم بجميع الخامات.
من دار المعلمين إلى أكتوبر
في العام 1978م، التحق الرسام عدنان جُمن بدار المعلمين والمعلمات - قسم الفنون الجميلة بعدن، وتخرج منه في العام 1980م، ثم تزوج وأنجب ابنتين وولد، ووافت المنية ولده الشاب وهو في منتصف عقده الثالث؛ ما شكّل صدمة نفسية للرسام وعائلته، ولكن ذلك لم يمنع الفنان من بقائه على صلة وثيقة بالرسم والإبداع.
في بداية مشواره بالرسم في مدينة عدن، كان الفنان التشكيلي عدنان جُمن يشق طريق الشهرة والوصول إلى عوالم الصحافة والإعلام؛ إذ يفيد لـ"خيوط" أن مدير تحرير صحيفة 14 أكتوبر، محبوب علي، اكتشف موهبته ونبوغه في مجال الرسم؛ إذ تعاقدت معه الصحيفة لعمل كاريكاتير يومي، اجتماعي وساخر، ابتدأ بالتزامن مع حملة منع مضغ القات، باستثناء يومَي الخميس والجمعة، وذلك في العام 1974م، وقد استمر عمله لرسم الكاريكاتير للصحيفة حتى العام 2006م.
لم يتوقف الفنان عدنان جُمن عن الرسم في كل مراحل حياته وحتى اللحظة، إذ ظل محافظًا على شغفه، وصقل موهبته بالمزيد من الإنجازات والتطوير والابتكارات، وقد خدم المشهد الثقافي في عدن، وقدّم أعمالًا متعددة، منها: رسم قصص الأطفال لمجلة نشوان، التي كانت تصدر وقتها عن وزارة الثقافة والإعلام في عدن، وكذلك مجلة الطلائع، وكثير من الجهات المعنية. هو باختصار فنان شامل، ويرسم بجميع الخامات.
صنعاء وكفاح الشعب والمستقبل
على إثر أحداث 16 يناير في العام 1986م، التي أفضت إلى حرب أهلية مدمرة في عدن، كان الفنان عدنان جُمن، قد أصيب بنكسة نفسية؛ حد تعبيره، وذلك جراء فقدانه كثيرًا من أصدقائه وزملائه في أتون ذلك الصراع المرير، ما جعله يتخذ قرار الانتقال من عدن إلى صنعاء، والاستقرار في الأخيرة من ذلك التاريخ حتى اليوم، وبدأ عمله في صنعاء في جريدة "كفاح الشعب"، التي كان يصدرها تيار الرئيس علي ناصر بصنعاء، الذي ترك عدن بعد أحداث يناير، وبعد الوحدة تفرغ لإخراج جريدة المستقبل وتنفيذ رسوماتها، حيث كانت واحدة من أهم الجرائد الأسبوعية التي جادت بها سنوات ما بعد الوحدة قبل أن تتوقف مع حرب صيف 1994. وبعد ذلك ساهم في صحيفة الثوري، وصم بم، وغيرها.
عمل رسامًا لمواد توعوية للعديد من المنظمات الدولية في صنعاء: منظمة الصحة العالمية، منظمة الغذاء العالمية، منظمة ماري ستوبس، منظمة يمان، وغيرها، كما عمل مع الكثير من مؤسسات المجتمع المدني في صنعاء.
وخلال فترة إقامة الفنان في صنعاء الممتدة حتى وقتنا الحالي، كان قد عرض في العام 1990م لوحاته في الصالة الأولى للفنان الراحل فؤاد الفتيح، ثم بعد عام 1995م تأسس المركز الوطني للفنون بصنعاء القديمة داخل (سمسرة المنصورة)، فعُلّقت لوحاته هناك، وهي فنون تشكيلية شاملة من جميع المدارس، وقد شكّل المعرض وقتها مركز جذب للسياح الأجانب والزوّار من داخل البلاد.
في الوقت الحالي، لا يزال الفنان التشكيلي عدنان جُمن نشطًا ويعمل على اشتغال لوحات ورسوم كثير منها، خاصة لزبائن يطلبون منه رسم صورهم أو مناظر طبيعية وما إلى ذلك، ويعزي الفنان انقطاعه عن الرسم الكاريكاتيري إلى مرحلة الحرب التي تعيشها البلاد، والتي أسماها بالحرجة، مؤكدًا أن هذا النوع من النشاط يتطلب هامشًا واسعًا من الحرية لممارسته، والأمر هذا منعدم هذه الفترة على اعتبار أن الكاريكاتير فن النقد والسخرية.
لديه مجموعة كبيرة من بورتريهات شخصية للمثقفين والكتّاب والإعلاميين اليمنيين، وصور متعددة عن الحياة اليومية في صنعاء وغيرها.
وتعدّدت مشاركات الفنان التشكيلي عدنان جُمن خارج البلاد في محطات كثيرة بحياته الإبداعية، ابتدأها في العام 1978م في ليبيا، ثم في موسكو 1980م، تلاها المشاركة في معرض الرسم الكاريكاتيري العربي بدمشق عام 1983م، وفي العام 1985م شارك في نشاط الرسم بالهواء الطلق بمدنية صوفيا في بلغاريا، ثم في معرض في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في 1985م، وفي العام 2007م شارك في معرض تشكيلي بدولة قطر، أما آخر مشاركاته الخارجية، فقد كانت في معرض الشتاء للفنون التشكيلية في الأردن 2010.
في مطلع يونيو/ حزيران من العام الجاري، بدأ الفنان التشكيلي عدنان جُمن برسم لوحة تشكيلية لمدينة صنعاء القديمة، وهو عمل وصفه الفنان بخلاصة تجربته الفنية الممتدة عقودًا في مجال الرسم الواقعي، وتعود الصورة الفوتوغرافية التي رسمها إلى المصور علي السنيدار، وقد دفعت الفنان لرسمها لما للمدينة وتفاصيلها من أثر على روحه، إذ أراد تخليد جمالها الساحر ضمن أعماله التي سيفاخر بها؛ كما قال.
اللوحة التي أسالت الحبر
في مطلع يونيو/ حزيران من العام الجاري، بدأ الفنان التشكيلي عدنان جُمن برسم لوحة تشكيلية لمدينة صنعاء القديمة، وهو عمل وصفه الفنان بخلاصة تجربته الفنية الممتدة عقودًا في مجال الرسم الواقعي، وتعود الصورة الفوتوغرافية التي رسمها إلى المصور علي السنيدار، وقد دفعت الفنان لرسمها لِمَا للمدينة وتفاصيلها من أثر على روحه؛ إذ أراد تخليد جمالها الساحر ضمن أعماله التي سيفاخر بها؛ كما قال.
رسم الفنان اللوحة على قماش أصلي وسميك، قام بمعالجته بنفسه؛ كما أكّد ذلك، واستخدم ألوانًا زيتية متعددة؛ وذلك لإظهار التفاصيل غير المحدودة في الصورة التي رسمها على مقاس كبير (مترين في متر ونصف)، وهو المقاس الأكبر الذي رسمه الفنان في مسيرته الإبداعية، وقد حاكى تفاصيل لا معدودة من مدينة صنعاء القديمة.
في السابع من سبتمبر/ أيلول من العام الجاري، نشر الفنان عدنان جُمن في صفحته الشخصية على فسيبوك، لوحته التشكيلية التي انكب ثلاثة أشهر لإنجازها، وقد أثارت فور نشرها جدلًا واسعًا على منصات ووسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ برزت أصوات مُشكِّكة في اللوحة ومسيرة الفنان الإبداعية، فيما رافقتها أصوات كثيرة في ذات السياق، تشيد بثراء الرسام وتعدد نتاجاته المبهرة عبر السنوات، وقد لاقى موضوع اللوحة زخمًا واسعًا من التعاطي والقراءات، ولا يزال قائمًا حتى اللحظة.