مساحة للمعرفة أم مسرح مخاطر؟

وسائل التواصل الافتراضي من وجهة نظر نشطاء
رشيد سيف
July 7, 2020

مساحة للمعرفة أم مسرح مخاطر؟

وسائل التواصل الافتراضي من وجهة نظر نشطاء
رشيد سيف
July 7, 2020

في ظل توتر المشهد العسكري من جهة، وتناقض الموقف السياسي من جهة أخرى، كانت وسائل التواصل الاجتماعي المتنفس الوحيد أمام الشباب في اليمن -الفئة الأكثر إقبالًا على شبكة الإنترنت- حيث كانت الخط الوحيد للاتصال بالعالم، خصوصاً في ظل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. يلجأ معظمهم إلى تصفح تلك الشبكات بغية الهروب من المأساة التي تنتجها الحرب بشكل يومي بعيداً عن المعرفة والاكتشاف.

ويُعتبر المشهد السياسي من أكثر المشاهد إثارة للجدل على منابر التواصل، إذ يبدي كل من المعارض والمؤيد رأيهما حسب القناعة أو الانتماء، كما أن البعض يسعى عبر تلك الشبكات التفاعلية إلى خلق أجواء دعائية ينتج عنها آثار خطيرة تنعكس سلباً على الحياة الفردية والمجتمعية معاً.

أداة تصنيف

يقول عبدالقادر لـ”خيوط” إن تهديدات تطاله برسائل نصيّة ومكالمات هاتفية بسبب نقده للوضع السياسي في جنوب اليمن، رغم منطقية طريقته في النقد –حسب رأيه- كونه صحفياً لا يختلف عن غيره من قادة الرأي، مشيراً إلى أن أحد التهديدات كان بالتصفية الجسدية ومن مصدر مجهول، في حال استمر في نشاطه السياسي على منصة فيسبوك.

كما يتحدث صلاح في ذات السياق، بأن مهاجمته لجماعة أنصار الله (الحوثيين) جعلته يتصدر قائمة المطلوبين، الأمر الذي أجبره على إكمال الدراسة في عدن. ويضيف: “لا أجرؤ على العودة إلى أي منطقة تخضع للحوثيين وإن كنت متخفياً”.

وتتخذ المكونات السياسية والدينية، مشاركة الأشخاص على شبكات التواصل الاجتماعي، أداة لتصنيفهم ووسيلة لإدانتهم. وهي تفعل ذلك عن طريق رصد آراء ومقالات ناشطي “فيس بوك” و”تويتر”، والتي تتناول الوضع الذي التي تشهده اليمن منذ 2011، حيث أصبح “فيسبوك” حجة لسلب الحياة، وسبيلاً للمقاطعة المجتمعية.

توظيف سياسي

تسلط بعض المكونات اليمنية الضوء في مواقع التواصل الاجتماعي، على قضايا معينة “بهدف تضليل الرأي العام أو إقناعه”، هكذا يرى الكاتب والدبلوماسي مصطفى ناجي، فضاء التواصل الإلكتروني.

ويضيف في حديثه لـ”خيوط”: “حالياً حقل السياسة مغلق بسبب الحرب، لذا لا مجال للأفكار السياسية والخطط، هناك خطاب حرب انخرطت فيه الأحزاب دون الامتثال لأي قيود قانونية خاصة بالضوابط الدستورية تجاه وحدة وسلامة البلد، أو الالتزام باللياقة السياسية في التعامل مع الخصوم السياسيين”.

كما يرى ناجي أن “الحرب خلقت تشظياً اجتماعياً، وأن الأحزاب منقسمة ومشتتة ومرتهنة لأطراف إقليمية. وهذا بدوره يولد مزيداً من التحشيد والتعبئة، إلى جانب غياب وجهات نظر عقلانية وتزايد الآراء العاطفية المشحونة”.

الإعلامي خليل القاهري، يشير في ذات السياق، إلى أن الشبكات الاجتماعية توظف “من خلال تضمين تلك الوسائل أفكاراً ومبادئ تسعى لتحقيقها، وتجنيد عناصر عاملة ومتفرغة، بل وحتى استقطاب مزيد من المتابعين لتلك الوسائل، والمروّجين للمضامين، كمتفاعلين ومشاركين وربما متبنّين، وقد يلجؤون إلى نشر المضامين الممولة”.

مخاطر التعبير عن الرأي في وسائل التواصل الاجتماعي موازية لمخاطر الحرب ذاتها، ورغم ذلك، يشار إلى أن تلك الشبكات فتحت فضاء لمناقشة قضايا لم يكن من الممكن مناقشتها من قبل

ومع تزايد استخدام الشباب للشبكات الاجتماعية في القضايا الحساسة في الجانبين السياسي والاجتماعي، تتزايد المخاطر الواقعية على المستخدمين، وقد تصل في بعض الحالات إلى التصفية الجسدية أو الانتهاكات الجسيمة. ذلك أن كثيرين يتبنون قضايا مختلفة وشائكة على رأسها قضايا السياسة والدين والمرأة، إلى جانب حرية الفكر. كما تنتشر أيضاً “#هاشتاغات” التضامن مع الصحفيين والكتاب الذين يتعرضون للرقابة والقمع بسبب أعمالهم، و يعتمد هؤلاء النقاد على منصتي “فيسبوك” و”تويتر”، لمكاشفة الساسة والعسكريين، كما تعتبر هذه المنصات من جهة أخرى، الطريق المختصر لمهاجمة الناشطين في كافة الأصعدة الدينية والحزبية والمدنية، وهذا ما يضاعف نسبة المخاطر التي تتفاوت بين الاعتقال، والاضطرار للنزوح أو الهجرة، أو الموت.

الجانب الحقوقي

القانون اليمني يكفل للفرد الحق في التعبير والرأي. هذا ما دفعنا للتساؤل عن أسباب القمع والترهيب على منصات التواصل الاجتماعي، وإذا ما كان هناك تشريع يمني ينطبق على مستخدمي الشبكات الاجتماعية أو يمكن تكييفه عليها من حيث العقوبات؟ يجيب الحقوقي فهمي الباحث بالتالي: “لا يوجد تشريع ينص على عقوبات أو ينظم النشر في الإنترنت بشكل عام في القانون اليمني، ليس فقط النشر، ولكن تفتقد اليمن كل القوانين المتعلقة بالإنترنت”.

غير أن الباحث يستدرك بالقول إن هناك حالات “تم الاعتماد فيها على قانون الصحافة والمطبوعات، وقانون العقوبات. عدا ذلك، وفي ظل غياب قوانين مختصة بالإنترنت، تستخدم السلطة والقضاء المواد القانونية للأوضاع المشابهة وتسقطها على ما يتم في الإنترنت”.

في معظم القوانين في اليمن، هناك كلمات فضفاضة تترك احتمالات وتأويلات لتفسيرها وتوجيهها حسب هوى السلطة أو المحكمة”. وفي السياق ذاته توضح الناشطة الحقوقية هدى الصراري في حديث لـ”خيوط”، أن قانون الصحافة والمطبوعات يتضمن “حزمة تشريعات تقيّد الصحفيين”، لكن لا يوجد نص تشريعي في القانون اليمني يختصّ بتحديد “معايير المنشورات التحريضية”. والسبب في ذلك هو أن “النصوص القانونية (اليمنية) عادة ما تصاغ بشكل مبهم أو مطاطي، بحيث يتم تكييف المنشورات التحريضية حسب السلطة التقديرية، إما للجهات الرسمية كالأمن القومي، أو النظام أو السلطة القضائية”. “عادة ما تتخذ الأنظمة القمعية هذه الوسائل لقمع أي انتقادات قد تتعرض لها من السلطة الرابعة أو النشطاء والمعارضين” تضيف.

مفهوم الشبكات

الباحثة الليبية نور مصطفى محمود تقول لـ”خيوط” إن “الفضاء الافتراضي عبارة عن مرآة تعكس ثقافة الشعوب عموماً، من حيث الثقافات ومستوى اللياقة في الطرح السياسي أو غيره”. أما عن المعرفة، فتقول نور إن “المساحات الاجتماعية” الافتراضية، لا تضيف جديداً لمستخدمها. فهي ترى أن شروط اكتساب المعرفة غير متوفرة بما يكفي في هذه المساحات. وإلى ذلك، تعتبر نور أن هذه المنصات هي في طبيعتها “حالة حلم ناطق”، غير أنه حلم قد يتحول في الغالب إلى “أداة حرب قاتلة”، وإدمان له تأثير مباشر على مزاج المتابع”.

مخاطر التعبير عن الرأي في وسائل التواصل الاجتماعي موازية لمخاطر الحرب ذاتها، ورغم ذلك، يشار إلى أن تلك الشبكات فتحت فضاء لمناقشة قضايا لم يكن من الممكن مناقشتها من قبل. ويعتقد البعض أن غياب التوازن على تلك الصفحات يساعد على التحريض ضد الآخرين كأفراد أو ككيانات، سواء من الناحية الأيديولوجية أو السياسية، وأن هذا من شأنه منح الحزب أو الكيان فرصة الدفاع عن معتقده ونظامه، حتى وإن كان ثمن ذلك الحياة.

– تحرير “خيوط”

•••
رشيد سيف

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English