الأضرار تهدد موقع صنعاء في القائمة العالمية

آخر موعد لإنقاذها من الشطب ينتهي بنهاية 2020
صادق علي
May 15, 2020

الأضرار تهدد موقع صنعاء في القائمة العالمية

آخر موعد لإنقاذها من الشطب ينتهي بنهاية 2020
صادق علي
May 15, 2020

كانت صنعاء القديمة، بما تمثِّلُه من حضورٍ للفن وللثقافة ولعبقرية المعمار والتخطيط، نموذجاً حياً لتفوق الإنسان وقدرته على تطويع واستغلال مواد البيئة الأولية، من "النُّورَة" البيضاء (القَضَاض) والياجور، لبناء واحدةٍ من أعظم مدن التراث الإنساني المأهولة بالسكان حتى اللحظة، وإلى أن يشاء الله.

   حين تَلِجُ المدينة؛ أزقّتها، أسواقها، حاراتها، مبانيها، أبراجها، مساجدها، بساتينها... كل ذلك يخبرك عن جمالٍ، وتاريخٍ عمرُه يتجاوز الـ6 آلاف سنة. أسبابٌ دفعت "اليونسكو" لإدراج صنعاء القديمة على قائمة التراث العالمي العام 1986، على إثر ملفٍّ تاريخيٍّ تضمّن شرحاً مفصلاً عن جمال المباني وعمرها، إضافة إلى العناصر المعمارية التي تُشكّل الكتلة الهامة من المدينة والنسيج المعماري الداخلي كتخطيطٍ عامّ، كان قد تقدّم به البروفيسور رونالد ليكوك لـ"اليونسكو"، إلى جانب الدور الذي لعبه الدكتور عبد الكريم الإرياني، وآخرون في وزارة الثقافة آنذاك، بالنظر إلى كون صنعاء واحدةً من أقدم المدن الحية في العالم، المتميزة بطابعها ونمط عمارتها وتخطيطها الضارب في القدم، والمنسجم مع ظروف التغيرات الطبيعية والمناخية.

   ورغم كل هذا الحضور الدولي والشواهد التاريخية، إلا أنه لم يشفَعْ للمدينة من مقصلة الإهمال ونيران العبث لغارات "التحالف العربي"، بقيادة السعودية، إضافةً إلى الأضرار البالغة جراء الأمطار والسيول الحالية، التي تسببت جميعها بتدمير وانهيار عددٍ من المباني وإلحاق الضرر الجسيم بها؛ الأمر الذي يضعها مجدداً على قائمة الأماكن المهددة بالخطر من قبل "اليونسكو، والمرشحة بالخروج من القائمة العالمية.

تشير دراساتٌ علميةٌ صادرةٌ عن الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية إلى أن هناك حوالي  238 منزلاً بحاجة إلى تدعيمٍ عاجلٍ، و166 إلى تسقيفٍ، و12 إلى إعادة بناءٍ، و456 إلى ترميمٍ، و1032 منزلاً بحاجة إلى صيانة

معاناة المدينة التاريخية

   تعاني مدينة صنعاء التاريخية، في الوقت الراهن، تعرُّضَ عددٍ من مبانيها للتشققات والانهيارات بفعل الأمطار والسيول وطفح المجاري، والإهمال المتعمد؛ إذ تشير دراساتٌ علميةٌ صادرةٌ عن الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية إلى أن هناك حوالي  238 منزلاً بحاجة إلى تدعيمٍ عاجلٍ، و166 إلى تسقيفٍ، و12 إلى إعادة بناءٍ، و456 إلى ترميم، و1032 منزلاً بحاجة إلى صيانة، وجميعها تحتاج ميزانيةً كبيرةً، فضلاً عن عددٍ من المنازل التي لم يتم مسحُ الأضرار التي لحقت بها جراء القصف، حتى الآن.

   في هذا الصدد، يتحدث المهندس عبدالله الصماط، المدير التنفيذي لمؤسسة عرش بلقيس للتنمية والسياحة والتراث (إحدى منظمات المجتمع المدني)، لـ"خيوط"، عن الدور الذي تلعبه المنظمة في تنمية الوعي، للحفاظ وحماية مدينة صنعاء التاريخية وكل المعالم والمواقع الأثرية في كل اليمن، بجهودها الذاتية منذ عام 2006، مشيراً إلى تنفيذ المؤسسة عدداً من الوقفات الاحتجاجية وإصدار العديد من البيانات الصحفية والبروشورات والملصقات والحملات التوعوية والندوات الكفيلة بنشر التوعية والحد من المساس بمعالم المدينة، إضافةً إلى التقارير التي يتم رفعها للجهات المعنية، بما فيها مجلس النواب.

   من جانبها، تقول دعاء الواسعي، رئيسة مؤسسة عرش بلقيس وناشطة في المجال الثقافي، إلى أن دور المؤسسة وغيرها من المؤسسات والمنظمات المجتمعية مقتصرٌ على لفت النظر وكشف الاختلالات، وليس لها أي دورٍ تنفيذيٍّ أو عقابيٍّ، حد تعبيرها.

   إلى ذلك، اطّلعت "خيوط" على بيانٍ صادرٍ عن المؤسسة، أكدت فيه إلى ضرورة التحرك لإنقاذ ما تتعرض له البيوت والمواقع الأثرية من انهيارٍ بسبب غزارة الأمطار.

   الجدير بالذكر أن تواصلاً كان في فبراير العام 2018 بين وزارة الثقافة في صنعاء ومنظمة اليونيسكو، تم خلاله تسليم الأخيرة تقريراً شاملاً عن وضع صنعاء القديمة ومدنٍ يمنيةٍ أخرى مدرجةٍ على قائمة التراث؛ على ضوئه كانت" اليونيسكو" منحت اليمنَ مهلةَ عاميْن إضافيين لمنع شطب المدينة من قائمة التراث العالمي.

   توفي رجل نازح من الحديدة وأصيبت زوجته جراء انهيار المنزل عليهما في "بيت فاهم"، حارة "سمرة"، بقلب صنعاء القديمة، إضافةً إلى انهيار "بيت معمر"، المكون من أربعة أدوار

أضرارٌ وضحايا

   وعلى إثر الأمطار الموسمية الغزيرة هذا العام، كان قد توفي رجلٌ نازحٌ من الحديدة وأصيبت زوجته جراء انهيار المنزل عليهما في "بيت فاهم"، حارة "سمرة"، بقلب صنعاء القديمة، إضافةً إلى انهيار "بيت معمر" المكون من أربعة أدوار، دون ضحايا، بحسب تصريحات دعاء الواسعي.

   وفي جولةٍ استطلاعيةٍ قامت بها "خيوط" شملت بعضَ أحياء صنعاء القديمة، تم الاطلاع على حجم الأضرار البالغة التي ألحقتها الأمطار والسيول وتضرر عددٍ من المنازل، منها أيضاً منزل "بيت عَوْفَر"، الذي يحوي عَشرة أيتامٍ يسكنون في البيت الواقع في حي معمر بصنعاء القديمة، وهو أحد البيوت الآيلة للسقوط؛ ما دفع الأسرة إلى جمع أثاثها استعداداً لترك المنزل، بعد أن تلقتْ إنذاراً من الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية بذلك؛ على الرغم من عجز الأسرة عن توفير سكنٍ بديلٍ، نظراً للظروف الصعبة التي تعيشها، بحسب تصريح لأحد أفراد الأسرة، يجاوره "بيت أبو لحوم"، الذي كان قد انهار، هو الآخر قبل أيام من الأول؛ في حين يشير مواطنون من سكان صنعاء القديمة إلى أن عدداً كبيراً من المنازل المتضررة في حي الجامع الكبير وحي الفُلَيْحي، وطَلْحة، بحاجة ماسة إلى إعادة ترميمها قبل فوات الأوان.

   من جانبه، يقول أحمد الصّمّاط، مدير عام مديرية صنعاء القديمة، لـ"خيوط إن المجلس المحلي أعدّ خطةً عاجلةً بضرورة التحرك لإنقاذ المنازل والأسر المتضررة، عبر سلسلةٍ من الإجراءات، بدءاً من العمل على وقف تدفق السيول لأحياء المدينة،, مروراً بتقديم العون من فُرُش إيوائية وغيرها للأسر المتضررة، موجهاً دعوته لسكان صنعاء القديمة إلى ضرورة الحفاظ على منازلهم وعدم العبث بها بالاستحداثات والتشوهات، والحفاظ على مدينتهم قدر المستطاع، كَمَا دعا التجارَ إلى مد يد العون للحفاظ على صنعاء، وعدم تدمير المنازل التاريخية.

   وأشار في هذا السياق إلى أن عملاً قائماً على قدمٍ وساقٍ لترميم قرابة 40 منزلاً، وفقا للأولويات من ناحية الضرر، بتمويلٍ من الصندوق الاجتماعي للتنمية.

 إهمالٌ مُزْمن

   يكشف الوضع الراهن إهمالَ الحكومات السابقة وتقاعس السلطات الحالية، التي لم تخصص ميزانيةً تشغيليةً كافيةً للهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية ، باستثتاء رواتب الموظفين والكوادر.

   كان عبدالله الكبسي، وزير الثقافة  في حكومة صنعاء، قد حذّر، في وقتٍ سابقٍ، من خطورة تجاهل الجهات المعنية لوضع مدينة صنعاء القديمة، جراء استمرار هطول الأمطار الغزيرة وتدفق السيول.

  وأضاف الكبسي في تصريح (أدلى به لوكالة سبأ التابعة لسلطة صنعاء) أن الوضع في المدينة يوشك أن يكون كارثياً، إذا لم تتضافر جهود كافة الجهات الحكومية والخاصة لإنقاذ منازل المدينة العتيقة، التي يعود تاريخ أغلبها إلى أكثر من 500 عام، داعياً رجال المال والأعمال من أثرياء مدينة صنعاء التاريخية إلى إنقاذ مدينتهم وبذل القليل من أموالهم لهذه المدينة التي كان لها فضلٌ في ثرائهم، ومناشداً المؤسسات الخيرية سرعة مد يد العون للأسر المتضررة.

   بدوره، أكد خالد الإبراهيمي، رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية، في تصريح لـ"26سبتمبرنت"، في أبريل/ نيسان 2020، أن الكثير من منازل صنعاء القديمة أصبحت آيلةً للسقوط وتحتاج إلى تدعيمٍ عاجل .

•••
صادق علي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English