ارتفاع الرسوم الجامعية يهدد مستقبل الشباب

طلبة يغادرون الجامعات قبل التخرج وآخرون لا يستطيعون الالتحاق
مبارك اليوسفي
September 15, 2020

ارتفاع الرسوم الجامعية يهدد مستقبل الشباب

طلبة يغادرون الجامعات قبل التخرج وآخرون لا يستطيعون الالتحاق
مبارك اليوسفي
September 15, 2020
ت: خالد القاضي

تتجدد هموم طلبة الجامعات اليمنية، مع بداية كل عام دراسي جديد، إذ أن الرسوم الباهضة، بالنظر للأوضاع الاقتصادية لليمنيين عمومًا، تقض مضاجع الطلبة وعائلاتهم على حد سواء. 

عمار أمين (26 سنة)، اضطر لإيقاف دراسته الجامعية والذهاب للعمل في إحدى محطات تحلية مياه الشرب، بسبب عدم قدرته على سداد ما تبقى عليه من رسوم جامعية، ومن نفقات الدراسة.

وعلى الرغم من أن عمار كان يدرس في جامعة صنعاء، كبرى الجامعات الحكومية في اليمن، إلا أن دراسته كانت بنظام النفقة الخاصة (النظام المتبع للطلبة ذوي المعدلات المنخفضة في الثانوية العامة أو غير المقبولين في اختبارات القبول)، ما يعني أن عليه الدفع مقابل التعليم، كما لو أنه يدرس في جامعة أهلية.

يقول عمار لـ"خيوط" إنه قرر إيقاف دراسته، رغم أنه أصبح في السنة الرابعة، بعد أن ضاق به الحال، ووصل إلى طريق مسدود لا يستطيع معه توفير الرسوم الدراسية. يضيف عمار: «مُنعت من دخول الاختبار بسبب عدم دفعي للرسوم المطلوبة»، مؤكداً رغبته في المواصلة، لكنه لا يعلم متى ستكون ظروف المادية مواتية لذلك.

المعاناة من عدم القدرة على دفع الرسوم الدراسية، لا تقتصر على عمار فقط، فهناك الكثيرين غيره حُرموا من مواصلة تعليمهم في الجامعات، الأهلية والحكومية على حدٍّ سواء؛ لأسبابٍ يأتي في مقدمتها عدم قدرتهم على تحمل نفقات التعليم المرتفعة، والتي زادت ارتفاعًا خلال سنوات الحرب. 

صور قانونية 

وعلى الرغم من أن القانون اليمني الخاص بالتعليم ينص على حق المواطن في الحصول على التعليم على نفقة الدولة، ابتداء من المراحل الأساسية وحتى التخرج من الجامعة، إلا أن المواطن لا يحصل على حقه القانوني في التعليم المجاني، إذ تفرض الجامعات الحكومية رسوم تسجيل وأنشطة ورسوم أخرى على كل الملتحقين، عدا أنها تفرض رسومًا باهظة على طلاب نظام "الموزي" و"النفقة الخاصة".

ويتضارب القانون الجامعي الموحد لشؤون الطلاب بالجامعات اليمنية الحكومية، الصادر عام 2007، مع مجانية التعليم المنصوص عليها القانون العام للتربية والتعليم رقم 45 لسنة 1992؛ ففي حين تنص المادة (8) من هذا القانون على مجانية التعليم في جميع مراحله، بما في ذلك "المستوى الجامعي"، ينص القانون الجامعي في مادته (104) على أنه "لا يحق للطالب الدارس على نفقته الخاصة في الجامعات الحكومية المطالبة بأي إعفاء من الرسوم المحددة للدراسة في الكليات والتخصصات المختلفة التي التحق بها منذ دخوله وحتى تخرجه".

على الرغم من تدني جودة التعليم في معظم الجامعات الأهلية، والافتقار لشروط التعليم الجيد والمنافس، إلا أنها لا تتساهل إزاء تأخير الرسوم الجامعية 

من جهتها تشكو أحلام محمد، طالبة في جامعة صنعاء بنظام الموازي، من مرارة معاناتها طوال الثلاث السنوات الماضية، وهي تفكر جدياً بترك الجامعة هذا العام، بسبب تدني الوضع الاقتصادي، وزيادة تكاليف النفقات التي لم تعد عائلتها قادرة على تحملها، بحسب حديثها لـ"خيوط". تقول أحلام إنه بالإضافة إلى تكاليف شراء الملازم والكتب الخاصة بالجامعة، فهي تحتاج إلى نفقات يومية لا تقل عن 1000 ريال يوميًّا للمواصلات واحتياجات بسيطة، وهو ما لم يعد بإمكانها الحصول عليه. وتُضيف أن تراجُع رئاسة الجامعة، في السنة الأخيرة، عن اعتماد التخفيض المقرر من قبل التعليم العالي، أثّر عليها بشكل كبير.

وزارة التعليم العالي في صنعاء، كانت أقرت تخفيض 30% لكل الطلبة الدارسين على نفقتهم الخاصة، في الجامعات الحكومية والأهلية. وهو القرار الذي تراجعت عن تنفيذه جامعة صنعاء منذ العام المنصرم (2019-2020)، بحسب إفادة الطالبة أحلام.

أرقام مفزعة 

وتشير تقارير سابقة للأمم المتحدة إلى أن هناك ما يقارب 20% من طلبة جامعة صنعاء باتوا غير قادرين على الحضور إلى قاعات الدراسة، بسبب الوضع الاقتصادي والأمني الذي يمر به اليمن.

إلى ذلك أشار الباحث اليمني، إبراهيم محمد صالح، في بحثه "مصاريف تمويل التعليم الجامعي في الجمهورية اليمنية"، إلى أن التمويل المقدم من الطلبة في الجامعات الحكومية ارتفع من 420 مليونًا، في عام 2006، إلى نحو 5 مليارات ريال في العام 2012، ويشمل هذا التمويل رسوم الطلاب والأنشطة وغيرها، ولا تشمل هذه الإحصائية للتمويل، الرسوم التي يدفعها طلبة الدارسين بنظام "النفقة الخاصة"، باعتباره نظامًا دراسيًّا حديثًا في بعض الكليات العلمية والنظرية، ورسومه تُدفع غالباً بالدولار الأمريكي.

     وبسبب عدم صرف مرتبات غالبية الموظفين الحكوميين منذ حوالي أربع سنوات، وعدم وجود فرص دخل أخرى وارتفاع نسبة الفقر إلى حوالي 75%، بحسب صندوق النقد الدولي، وجد طلبة الجامعات الأهلية أنفسهم تحت طائلة العجز أيضًا. 

يقول محمد أحمد، طالب في إحدى الجامعات الأهلية، إنه بالإضافة إلى تدني جودة التعليم في معظم الجامعات الأهلية، والافتقار لشروط التعليم الجيد والمنافس، إلا أنها لا يمكن أن تتساهل إزاء تأخير الرسوم الجامعية أبدًا. ويشكو محمد في حديثه لـ"خيوط"، ارتفاع الرسوم الجامعية، التي تثقل كاهل الطالب في مثل هذا الوضع، واعتماد سعر صرف الدولار بحوالي 370 ريال للدولار الواحد. وبالرغم من أن وزارة التعليم العالي كانت أقرت، في وقت سابق، اعتماد صرف الدولار، في كل الجامعة الحكومية والأهلية بـ250 ريال للدولار الواحد، لكن كثير من الجامعات الأهلية لم تعمل بهذا القرار، الأمر الذي يجعل الطالب يدفع ما كان يدفعه قبل التخفيض المعتمد من قبل وزارة التعليم العالي، حد تعبير محمد. 

ويبلغ عدد الجامعات اليمنية الحكومية 10 جامعات، فيما يبلغ عدد الجامعات الأهلية والخاصة 37 جامعة، بحسب إحصائيات بوابة التسجيل الموحدة عام 2017-2018. 

* تحرير "خيوط"


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English