"جسر مذبح" ترقب هلع للسقوط

الخطر ينبعث من النفق
صلاح شوقي
August 12, 2020

"جسر مذبح" ترقب هلع للسقوط

الخطر ينبعث من النفق
صلاح شوقي
August 12, 2020
أحمد عبدالمولى

من بين كل جسور العاصمة اليمنية  صنعاء الموزعة شمالًا وجنوبًا لم يحضَ جسر من هذه الجسور بتغطية إعلامية في كبرى القنوات المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي، كما حدث مع جسر مذبح الذي تم تشييده نهاية عام 2009، كما لم يثِر جسرٌ الرعب في قلوب عابريه كما حدث معه؛ مما شكل إجماعًا شعبيًّا في العاصمة يدعو إلى سرعة النظر في وضعه، بوصفه الشريان الأهم الذي يربط الأجزاء الشمالية الغربية لمدينة صنعاء. 

غزارة الأمطار المتساقطة على العاصمة اليمنية منذ أيام، بشكل متواصل، وما رافقها من سيول، وما نتج عنها من أضرار كارثية طالت الممتلكات العامة والخاصة، أدّت إلى رفع وتيرة التحذيرات من وضعية الجسر، وما قد تتعرض له قواعده الأسمنتية للتآكل والانهيار بفعل هذه الأمطار المتواصلة والسيول.

ويُعَدّ جسر مذبح واحدًا من أكبر الجسور في العاصمة صنعاء، وهو أهمها من حيث الحجم وعدد المركبات العابرة عليه والتكلفة. وُضِعت خطة تشييده بين عامي 2006 و 2007 بتمويل حكومي بلغ  وقتها حوالي ثلاثة مليارات ريال يمني، وبإشراف شركة مقاولات محلية، وقد استطاع الجسر في وقتها حل مشكلة الازدحام المروري الخانق أمام جامعتين من كبرى الجامعات اليمنية؛ إحداهما جامعة صنعاء التي يفوق عدد طلابها 30 ألف طالب . 

وقد تعرض الجسر في مراحل تشييده لتوقفات متتالية؛ بفعل الأوضاع السياسية المتقلبة التي شهدتها البلاد، وكذا خلافات التمويل مع الشركة المنفذة .

وتضمنت خطةُ تنفيذ الجسر في حينه إنشاءَ نفق يمر من تحته، بتكلفة مالية تُجاوز ملياري ريال يمني، وبفترة إنجاز لا تتجاوز العام الواحد، وبدأت الشركة المعنية بإنشاء النفق في عام 2014، على أن يصل طول النفق إلى 700 متر  وبارتفاع 20 مترًا .

في الوقت الذي يدق فيه خبراء في المجال الهندسي، شاركوا في أعمال تشييد الجسر، ناقوس وضعيته الخطرة، يقلل مسؤولون في أمانة العاصمة  ووزارة الأشغال العامة في حكومة صنعاء مما يُثار حول الجسر ووضعيته المقلقة

 وخلال فترة الإنشاء والحَفر توقف مشروع النفق بفعل الحرب التي  اندلعت؛ ما تسبب بهوة عميقة تحت الجسر، باتت محل تخوف لدى العابرين لجسر مذبح؛ تخوُّفًا من سقوطه، ولا سيما أن الأمطار والسيول جرفت التربة الطينية التي تضغط عليها دعائم الجسر .

تأكيد وتشكيك

في الوقت الذي يدق فيه خبراء في المجال الهندسي، شاركوا في أعمال تشييد الجسر، ناقوس وضعيته الخطرة، يقلل مسؤولون في أمانة العاصمة ووزارة الأشغال العامة في حكومة صنعاء من الأخبار التي تتحدث عن إنهيار وشيك للجسر، ويذهب المسؤولون إلى القول: إن ما يتم تداوله من أخبار ليس لها محل من الصحة، وتدخل في سياق الحرب النفسية التي يشنها طرف الحرب على الضفة الأخرى، مؤكدين في الوقت نفسه أن حالة الجسر جيدة . 

وبحثت حكومة صنعاء في اجتماع عقدته مؤخرًا وضعية جسر مذبح، وأفضى الاجتماع إلى ضرورة النظر في وضع الجسر، ومؤكدًا سلامته في الوقت نفسه.

وحسب مسؤول في وزارة الأشغال في حكومة صنعاء ــ فضّل الاحتفاظ بهويته ــ تحدث لـ"خيوط": إن الجسر في وضع جيد وَفقًا لتقييم الخبراء الجيولوجيين ومقاولي التشييد في النفق.

من الناحية الفنية يقول مصدر هندسي في مشروع نفق وجسر مذبح، لـ"خيوط": إن جسر مذبح يقف على 16 دعامة ضخمة تغور في الأرض بعمق يصل إلى 20 مترًا، وهي الحوامل الأساسية له، وهذه الدعائم ترتكز على تربة هشة جيولوجيًّا وتلك طبيعة المنطقة التي تم تشييد الجسر عليها".

وتابع المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن قرار إنشاء النفق العابر من تحت الجسر لم يكن قرارًا دقيقًا، ولا يستند على قراءة جيولوجية دقيقة، وأن مما يضاعف مخاطر سقوط الجسر، هو امتلاء النفق بكميات ضخمة من المياه، مسهِمة في تجريف التربة حول منطقة الدعائم .

وحول ما يثار حول إمكانية سقوط الجسر، يؤكد المصدر، إمكانية حدوث ذلك، ما لم تتدارك الجهات المعنية الأمر، وحسم مسألة النفق الأرضي . 

الخوف من الانهيار  

ما يثار حول الجسر ووضعيته المتدهورة أصاب مواطنين وسائقين ومارّه بالخوف والقلق من إمكانية حدوث ذلك، من هولاء محمد الحرازي، أحد سائقي الحافلات التي تعبر الجسر بشكل يومي، ويقول لـ"خيوط": إن الأنباء التي تتحدث عن سقوط محتمل لجسر مذبح أصابته، وبعض سائقي المركبات، بالهلع؛ ما أجبرهم على تغيير خط السير العابر للجسر إلى خط سير آخر أكثر أمانًا، وهو تغيير يضعه أمام مشكلات طول المسافة والازدحامات الخانقة  . 

ويُتابِع الحرازي: "إن الجسر مهدد فعلًا بالسقوط، وقد عاين بنفسه آثار التآكل في القواعد ــ حد قوله ــ داعيًا الجهات المسؤولة لتحاشي ما أسماها بالكارثة الوشيكة".

من جانبه يقول أحد العاملين في مشروع النفق، طلب عدم ذكر اسمه، إن الأنباء المثارة بخصوص وضعيته الآيلة للسقوط أثارت الفزع في أوساط العاملين تحته، ما أجبر البعض على مغادرة موقع العمل والبحث عن الرزق في مواقع تشييد أخرى، وهو أمر، وفق تأكيدات هذا العامل لـ"خيوط"، يؤخر إنجاز النفق الذي تم استئناف أعمال تشييده بشكل جزئي.

يشير هذا العامل أيضًا إلى أن الجسر ــ حد معرفته ــ ليس مهددًا بالسقوط، لكنه قد يصبح مهددًا إذا تأثر إنجاز النفق بفعل السيول التي تتسرب وتجرف التربة المحيطة بقواعد الجسر، مؤكدًا عدم وجود أي مخاطر في الوقت الراهن .

وأثارت الأخبار المتزايدة حول وضعية الجسر قلق ناصر العماد، وهو أحد ملاك العمارات المواجهة للجسر، ويتحدث لـ"خيوط" عن قطع الطريق منذ سنوات بفعل النفق، الأمر الذي خسّره جزءًا كبيرًا من المستأجرين في دكاكين العمارة التي يملكها، وحدث ذلك مع ملاك آخرين، كما أن عددًا من المحلات التي كانت عاملة في هذا المكان قد أغلقت أبوابها بفعل انقطاع الحركة على ضفتي الطريق  . 

يضيف ناصر أن الجسر مهدد، وهو أمام جامعتين مهمتين، والنفق عطّل مصالح الناس، وتسبب في إفلاس الباعة في سوق "الثوم" المجاور، مؤكِدًا أن الجسر مهدد بالسقوط، وعلى المسؤولين سرعة الحل .

ويهدد سقوط الجسر، الذي تعبره آلاف السيارات والشاحنات بشكل يومي، مصالح الآلاف من سكان العاصمة، وهو ما سيترتب عليه فصل الاتصال المروري بين شمال العاصمة وجنوبها؛ ولذا تتسارع الدعوات لبحث وضع الجسر بكل موضوعية وتجرد من قبل السلطات المعنية لتجاوز أضرار هائلة وخسائر كبرى.


•••
صلاح شوقي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English