"البرد" مُشجِّع جديد لكأس العالم في ذمار

مشاريع صغيرة وتقليعات رياضية
صقر أبو حسن
December 10, 2022

"البرد" مُشجِّع جديد لكأس العالم في ذمار

مشاريع صغيرة وتقليعات رياضية
صقر أبو حسن
December 10, 2022

في درجة برودة تصل إلى ثلاث درجات تحت الصفر، يتابع علي لطف الحمامي، مجريات عددٍ من المباريات في النادي الأحمر بمدينة ذمار، في بطولة كأس العالم في قطر، يتوسّد أحد الأحجار والتي فرش عليها بعض الكراتين، لتكون متكأً يستمر لعدة ساعات في مساءات ذمار القارصة.

الحمامي موظف حكومي، شغف بالرياضة، يأتي من منزله كل مساء لمتابعة المباريات مع ثلة من أصدقائه، "الرياضة روحي، حتى لو كانت الدنيا ثلج، سآتي لمشاهدة كأس العالم" قال، وزاد لـ"خيوط": "عند بداية المباراة ينسى الجميع البرد، ويركّزون فقط في الهجمات والحركة في أرضية الملعب".

يرتدي الحمامي ملابس ثقيلة، ويغطي رأسه وأطرافه، ولم يعد يظهر من جسده غير وجهه، ويرى أنّ "حماس الجمهور الذين يحضرون المباريات في قطر، يساوي تمامًا حماس من يأتون لمشاهدة كأس العالم في النادي الأحمر"، وأضاف ساخرًا: "نحن وهم متساوون في الحماس وحب كرة القدم، باستثناء أنّهم هناك يجلسون على مقاعد ونحن نجلس على التراب ووسط البرد والظلام". تختلف تمامًا متابعة كأس العالم في المنزل عن متابعته وسط المئات من المشجّعين. أكّد الحمامي.

أربع شاشات عملاقة

يحضر المئات من أهالي مدينة ذمار، لمتابعة كأس العالم في الملعب الترابيّ الخاص بنادي نجم سبأ، والذي يعرف بين أبناء محافظة ذمار بالنادي الأحمر، وسط مدينة ذمار، بعد أن وضع مكتب الشباب والرياضة بمحافظة ذمار، شاشة عملاقة، ضمن أربع شاشات موزّعة بمحافظة ذمار (شاشة في النادي الأحمر، وشاشة في الصالة الرياضية المغلقة، وشاشة في نادي سهم ورقة، بمديرية ميفعة عنس، وشاشة في مقرّ نادي سلام معبر، بمديرية جهران"، وفق تأكيدات نائب مدير مكتب الشباب والرياضية، تيسير راوية.

وسط هذا الحضور المتنوع، وجد بعض الشاب فرصة في إنشاء مشاريع صغيرة وبيع الشاي أو البطاط والبيض المسلوق، وحتى المقليات "الزعقة والقرع"، ويجدون إقبالًا على بضاعتهم في حال كانت المباريات بين منتخبين قويين.

ولفت خلال حديثه لـ"خيوط" إلى أنّ: "سحر الكرة جعل الكثير من الشاب وحتى كبار السنّ يحرصون على متابعة كأس العالم في المواقع التي وضع المكتب فيها شاشات أو في الاستراحات وأندية الحواري وحتى منازل الأصدقاء". 

إسماعيل راوية، رياضي سابق، يعتقد أنّ متابعة كرة القدم في هذه الأجواء تُعبّر عن واقع اليمنيين، وقال لـ"خيوط": "رغم ما نعانيه، لم يتوقف شغفنا بكرة القدم وتشجيعنا للمنتخبات المشاركة في البطولة، ومتابعة كأس العالم في هذه الظروف يشبه تمامًا وضعنا الصعب كيمنيين، لكننا نتقاسم مع بقية شعوب العالم هذا الشغف وهذا الحب". ليضيف بالقول: "قطر أذهلتنا، كأس العالم في أرض عربية يجعل حتى من هو غير رياضي، رياضيًّا".

فرص عمل

يعج المكان بالدراجات النارية وبعض السيارات والمئات من المشجعين، من مختلف الفئات العمرية والمجتمعية، الذين يتشاركون حب كرة القدم، مع ذلك يلتزم الجميعُ الصمتَ والاستماع جيدًا إلى التعليق الرياضي، والصراخ بشكل هستيري مع كل هدف أو نهاية مباراة.

وسط هذا الحضور المتنوع، وجد بعض الشباب فرصة في إنشاء مشاريع صغيرة وبيع الشاي أو البطاط والبيض المسلوق، وحتى المقليات "الزعقة والقرع"، ويجدون إقبالًا على بضاعتهم في حال كانت المباريات بين منتخبين قويين. حد تعبير سائق إحدى الدراجات النارية، يدعى علي المطري. 

وأضاف في حديث مقتضب لـ"خيوط": "مع غلاء أسعار "القات" بسبب موسم الشتاء، يندفع الشباب إلى متابعة كأس العالم والاكتفاء بوجبات خفيفة وأكل "الزعقة"، لدى مشاهدة مباريات كأس العالم".

وَفقَ المدون الذماري، علي عبدالله الضياني، يتجاوز عدد الاستراحات التي تبثّ كأس العالم، 30 استراحة منتشرة في كل أحياء وشوارع مدينة ذمار وضواحيها، لكن دخولها يكون برسومٍ تتفاوت بين (400) و(1000) ريال للشخص الواحد.

لذا يتوجّه الكثير من المتابعين إلى متابعة كأس العالم في الشاشات المجانية، في النادي الأحمر أو الصالة المغلقة. وأشار إلى أنّ شغف المشجعين بكأس العالم ينسيهم البرد والظلام، وحتى الوقوف أو الجلوس لعدة ساعات بدون حراك.

تحديات شبابية

وسط هذا الوضع تدخل التحديات في خط المواجهات الرياضية، إمّا بحلاقة شعر الرأس أو التكفّل بدفع ثمن العشاء للأصدقاء أو دفع رسوم الاستراحة لليوم التالي، يتحملها أنصار الفريق الخاسر. وقال عبدالله العنسي، وهو طالب جامعيّ بمدينة ذمار: "تحدّينا أصدقاء آخرين أنّ الخاسر يتحمّل دفع ثمن وجبة عشاء للفريق الفائز، شجّعنا الأرجنتين وهم شجّعوا السعودية، وكان نصيبنا أن تحملنا دفع ثمن العشاء لذلك اليوم".

تنصهر أيّ مسميات وتنشأ علاقات ودّية وصداقات بين المشجّعين، خاصة الذين يتشاركون في تشجيع منتخب وحد، هذا ما ذهب إليه العنسي، وأوضح: "كل يوم أتعرّف على مجموعة من الشباب في الأماكن التي أشاهد فيها بطولة كأس العالم، سواء في منازل أصدقاء أو في استراحات".

"تبثّ مباريات كأس العالم في النادي الأحمر، حصرًا في الليل، لأنّ "البروجكتر" لا يمكن أن يعمل في النهار، لذا يزداد الحماس لدى المشجِّعين، ويبدأ التوافد على المكان مع غروب الشمس حتى ساعات متأخرة من الليل، حتى إنّ بعضهم جلب معه "بطانية" للتدفئة من البرد"، قال الحمامي وهو يضحك.

•••
صقر أبو حسن

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English