مواهب شابة تتحدى الصعاب لفرض نفسها

33 فيلمًا في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في اليمن
غدير طيرة
January 14, 2021

مواهب شابة تتحدى الصعاب لفرض نفسها

33 فيلمًا في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في اليمن
غدير طيرة
January 14, 2021

بعد مخاض عسير وعراقيل، آخرها جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات احترازية وقائية، أثرت على مختلف الفعاليات والأعمال الثقافية والفنية، شهد شهر ديسمبر/ كانون الأول 2020، وتحت شعار "عالمنا"، انعقادَ مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في اليمن، بنسخته الثانية، الذي يعتبر أحد أعضاء الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان، التي تضم عدة مهرجانات في دول مختلفة من بينها اليمن.

بدأ إطلاق أول نسخة من "كرامة" اليمن في 2018، ولكن لسوء حظ المنظمين وفريق العمل في ذلك الوقت، قررت سلطة أنصار الله (الحوثيين) توقيفه، ومن ثم استئنافه في 2019، وفي العام الماضي (2020) وبسبب تبعات جائحة كوفيد-19، تم إقامة المهرجان عبر تقنية الفيديو، إذ تم عرض حوالي 33 فيلمًا -أفلام محلية وإقليمية ودولية- للجمهور في الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020.

تستطيع الأفلام أن تلعب دورًا محوريًّا في تنمية المجتمع والشباب بصورة خاصة، ولكن صناعة الأفلام ما زالت جديدة على الجمهور اليمني.

 تعتبر "كرامة اليمن" هي أول سلسلة مهرجانات متخصصة في أفلام حقوق الإنسان في اليمن، حيث يرتكز المهرجان على استخدام قوة الفيلم لمحاربة العنصرية وخطاب الكراهية والظلم والحرب، وسيدعم المهرجان هذا العام مبادئ العدالة الاجتماعية، من خلال تعزيز حقوق الشباب، وحقوق المرأة، والتعليم للجميع، والمساواة بين الجنسين، وحرية التعبير، والحق في التنمية، والتدفق الحر للمعلومات.

مجموعات العرض

قُسمت الأفلام، التي تم عرضها في المهرجان، إلى ست مجموعات، منها مجموعة "أفلام صنع في اليمن 1-2"، التي عرضت أعمالًا مختلفة روائية ووثائقية قصيرة من إخراج شباب يمنيين.

رئيس إدارة المهرجان ناصر المنج يقول إنه لم يتوقع هذا الإقبال الهائل على مشاهدة أفلام المهرجان من قبل الجمهور اليمني والعربي، في حين تم من خلال تقنية ""DRM حماية الأفلام المشاركة من التسريب، ومنع المشاهد من تسجيلها بأي طريقةٍ كانت

فيما كانت على شكل حزمتين، كمخرجات برنامج "الإرشاد والمنح الإنتاجية لصناع الأفلام اليمنيين"، التي يتلقى الشباب فيها تدريبات متخصصة، بحيث يتم ربط كل شاب بالمونتير الخاص به، وتوفير منح مالية لإنتاج أفلامهم، إذ يعتبر هذا البرنامج الطريقة الأولى التي تم خلالها اختيار الأفلام.

المجموعة الثانية التي أطلق عليها "ما زلت أرتفع - رغم ذلك أسمو" هي مجموعة تقوم على تقدير الذات، وتناقش حلولًا وطرقًا عديدة للتغلب على صعوبات الحياة بالطرق التي تجلت فيها. بينما كانت المجموعة الرابعة "أفلام متاحة لمن في اليمن فقط"، متوفرة فقط للمشاهدين الذين يقومون بالتسجيل من داخل اليمن.

وتضمنت المجموعة الخامسة "عن الطفل - حكاية طفل" قصصًا "عن الطفل"، مثل: كيف يعيش هؤلاء الأفراد الصغار في عالم قد يبدو كبيرًا جدًّا، لكنهم بطريقةً ما تمكنوا من جعل الكون يعمل لصالحهم. أما المجموعة السادسة "الحياة في صراع - صراع الحياة" فقد استهدفت الذين يعيشون في بيئات صعبة، وكيف يعيشون حياتهم بمرونة وأمل في أماكن مليئة بالمصاعب وكيف يتعاملون مع تحديات الحياة.

أما الطريقة الثانية فكانت من خلال تقديم الأفلام، واستقبل المهرجان أكثر من 200 طلب، وجرت مراجعة هذه الطلبات من قبل لجنة من السينمائيين المتخصصين، حيث تم اختيار 24 فيلمًا، بين الأفلام الوثائقية القصيرة، والروائية القصيرة، والرسوم المتحركة القصيرة، وذلك من دول مختلفة حول العالم.

رئيس إدارة المهرجان ناصر المنج يقول لـ"خيوط"، إنه لم يتوقع هذا الإقبال الهائل على مشاهدة أفلام المهرجان من قبل الجمهور اليمني والعربي، في حين تم من خلال تقنية ""DRM حماية الأفلام المشاركة من التسريب ومنع المشاهد من تسجيلها بأي طريقة كانت.

يؤكد المنج أن إدارة المهرجان ركزت على منح تذاكر مجانية، تجاوز عددها أكثر من 4000 تذكرة، والذي يعد من الأسباب الرئيسية التي تجعلنا ملتزمين بقضية "سينما من أجل حقوق الإنسان"، يقول.

مواهب فنية شابة

تم خلال أيام المهرجان -الذي تدعمه بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن والصندوق الوطني لدعم الديمقراطية، ومجموعة أصدقاء المهرجان، مثل الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان "أنهار" ومعمل 612 للأفكار ومهرجان كرامة الأردن، وتنفذه منظمة شباب العالم "معًا"- تنظيم ورش عمل "أون لاين" وجلسات نقاشية (محادثات الكرامة - نقاشات كرامة) مع مخرجِي الأفلام، كما تم في ختام المهرجان اختيار الأفلام الفائزة بجائزة بران في دورتها الثانية.

تقول هديل الكبسي (22 سنة)، مخرجة فيلم "وتر"، إنها تعمل كمخرجة وصانعة أفلام، وكاتبة أفلام قصيرة (روائية ووثائقية)، إذ شاركت هديل وهي إحدى الشابات الحاصلات على المنح الإنتاجية من WYT، في إخراج عديد من الأفلام القصيرة، مثل: فيلم "زمزم"، و"Tell me"، و"إنسان"، و"وتر".

عن فيلم "وتر" الذي يعد عملها الأول كإخراج كلي متكامل، تؤكد هديل لـ"خيوط"، أنه يتحدث عن قصة شاب يمني اسمه يوسف، وهو عازف موهوب من أسرة يمنية عريقة تمقت الفن والفنانين، ويمارس موهبته في السر، ويخفي هويته عمن حوله خوفًا من أسرته.

تضيف: "هذا العمل من أفضل التجارب في مسيرتي الفنية، بالرغم من الخوف الذي كان يتملكني إلا أنني تكيفت مع وقتي أثناء تنفيذ العمل".

واجهت هديل العديد من التحديات، أبرزها ندرة تواجد القاعدة الفنية الإخراجية في البلاد، وعدم وجود المجتمعات الحوارية النقاشية، أو تواجدهم بشكل ضئيل، مما جعلها بسبب ذلك تعود دائمًا إلى مشرفها في العمل حتى لو كانت استشارات بسيطة، كما لم تجد هديل ممثلين مناسبين لأدوار العمل إلا بعد وقت وجهد طويل استطاعت أن تجدهم، واضطرت أن تكون منتجة ومخرجة في نفس الوقت لفيلمها؛ لقلة وجود منتجين شباب متخصصين، ولكنها وجدت منتجين كبارًا ولديهم أعمالهم الكبيرة، وهذا الأمر جعلها تتشتت في العمل.

يعتبر المخرج الفني الشاب سلمان العيان، صناعة الفيلم الأول مثلَ تربية الطفل البكر بطريقة صحيحة وجيدة، بحيث تنعكس بصورة إيجابية لدى الناس (المشاهدين)، إذ كانت التجربة الأولى له كما يؤكد، بمثابة الوجبة المرهقة في وصفتها وتحتاج الكثير من الجهد والتعب ولكنها لذيذة

ومن المشاكل التي واجتها كذلك، صعوبةُ الحصول على تصاريح خاصة بالتصوير، إلا أن ذلك -كما تتحدث هذه الفنانة الشابة- جعلها في حالة تحدٍّ وإصرار دائم لتجاوز هذه التحديات ومواجهة كل الصعوبات والتغلب عليها لإنتاج فيلمها الأول المتكامل.

تطمح هديل في أن ترى في عيون المشاهدين النظرة والدهشة والحب لأفلامها، مثلما ترى هي أفلامها المفضلة، وأن تسمعهم وهم يتحدثون عن الفيلم حينما يشرحه المشاهدون؛ لكي تعرف هل هي تمكنت من إقناعهم بقصة وحبكة فيلمها أم لا.

من جانبه يقول سلمان العيان (21 سنة)، مخرج فيلم "لما"، إنه مهتم وشغوف بالأفلام ويعتبرها غذاءه الروحي؛ لأنها من وجهة نظرة مزيج رائع بين الموسيقى والتصوير والأدب.

فيلم "لما" يتحدث عن طفلة في العاشرة من عمرها، تحاول إسعاد النازحين في المخيم بشتى الطرق.

يعتبر سلمان في حديثه لـ"خيوط"، أن صناعة الفيلم الأول مِثلَ تربية الطفل البكر بطريقة صحيحة وجيدة بحيث تنعكس بصورة إيجابية لدى الناس (المشاهدين)، إذ كانت التجربة الأولى له كما يؤكد، بمثابة الوجبة المرهقة في وصفتها، وتحتاج الكثير من الجهد والتعب ولكنها لذيذة.

 لقد حظي سلمان بفريق عمل متعاون، وشباب مذهلين وقفوا بجانبه، ولم يتوقع إطلاقًا أن يحصل على فريق عمل مثلهم، ويرى أن فريقه هم سبب نجاحه، يضيف بالقول، إن الإخراج مظلة العمل للفيلم كاملًا؛ لأنه هو من يخرج اللقطة بالصورة التي يراها مناسبة.

التجربة وسوق العمل

تعثر سلمان العيان في بداية صناعة فيلمه، وذلك بسبب عدم إيجاد مساحة مغلقة لمكان تصوير العمل "اللوكيشن"، وحصل على أرضية للعمل بصعوبة كبيرة، وذلك بسبب الوضع الأمني في البلاد، حيث إنه حينما يحصل على أرضية مناسبة للعمل، يقوم صاحبها بالرفض بعد الموافقة وبَدْء التنفيذ، بالرغم من ذلك إلا أنه وجد أرضية بعد فترة طويلة من البحث، رغم التحديات التي واجهته، وتوفق في إيجاد واختيار ممثلين مناسبين لأدوارهم بصورة واضحة.

يشدد هنا على أن التجربة وسوق العمل هي من تجعل الشباب يستطيعون أن تكون لديهم رؤية واضحة لأعمالهم القادمة، والأخطاء وحدها من تعلم وتعطي دروسًا للنجاح، يقول سلمان في هذه الجزئية: "حينما ينتقدني البعض ممن شاهدوا فيلمي بطريقة بناءة أستطيع من خلالها معرفة التعديلات التي أحتاجها في المرات القادمة".

يطمح سلمان في أن يغادر موطنه، ويرى أن أول خطوة سيصنعها حينما يدرس التخصص الذي يتمناه في إنتاج الأفلام ليحسن من سمعة اليمن في جانب الإخراج السينمائي، ليتم حكاية القصص عبر أفلامه لتصل إلى مشاعر عامة الناس. 

في السياق نفسه، تشدد ذكريات البرام، وهي يمنية تعيش في أمريكا في حديثها لـ"خيوط"، على أهمية السينما، التي تعد من أقوى القطاعات الفنية وأشدها تأثيرًا على مستوى العالم، سواء كان اجتماعيًّا أم سياسيًّا، إذ استخدمها هتلر والولايات المتحدة في أقوى "بروباغندا" دعائية في التاريخ للتأثير على المجتمعات.

وترى ذكريات أن السنوات الماضية شهدت تغييبًا للسينما في اليمن، بسبب تصاعد الجماعات المتشددة، لكن اليوم عادت روح السينما وصناعة الأفلام بروح شبابية متقدة. وتبدي تطلعها بشغف لصناعة المحتوى الفني الغائب في اليمن كما يظهر في مهرجان كرامة للإنسان، الذي تشارك فيه اليمن بستة أفلام تتناول مختلف القضايا اليمنية بحب وشغف وحزن، ويقف خلفها مبدعون يحملون على أكتافهم أحلام مئات الشباب من صناع الأفلام والمحتوى، ويفتحون الأبواب التي كانت مغلقة منذ زمن، ونراها اليوم تخرج للنور وتلامس السماء.


* تحرير خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English