الحوادث المرورية… حرب خفية تذكيها المناسبات

تزايد ضحايا الحفلات الفرائحية
جمال سيلان
August 31, 2021

الحوادث المرورية… حرب خفية تذكيها المناسبات

تزايد ضحايا الحفلات الفرائحية
جمال سيلان
August 31, 2021

في واحدة من عشرات الحوادث المرورية تكرارًا، لقي ستة أشخاص من أفراد أسرة (السماوي) حتفهم، تحديدًا رابع أيام عيد الأضحى المنصرم، في منطقة عتمة بمحافظة ذمار، كان ناشطون قد تداولوا خبر الحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قصدت أسرة (السماوي) أحد أقاربها في منطقة عتمة في زيارة عيدية، لكن هطول الأمطار أثناء سيرهم أفقد سائق الباص الذي كان يقِلّ العائلة، زمامَ التحكم بالباص، ما أدّى إلى سقوطه متسببًا بوفاة ستة أشخاص، بينهم أطفال ونساء، لتتحول فرحة العيد حينها إلى مأتم.

مأساة أسرة (السماوي) ليست الوحيدة؛ فهناك العديد من القصص المماثلة لأسرٍ مات أو أصيب معظم أفرادها في حوادث مرورية، خاصة أثناء المناسبات.

في هذا الصدد يقول العقيد/ عبدالله النويرة، مدير إدارة المرور بأمانة العاصمة صنعاء لـ"خيوط"، إن هذا العام يعتبر أكثر الأعوام فظاعة، حيث تعرضت فيه الأسر اليمنية لحوادث مرورية كثيرة، نتج عنها وفيات وضحايا كثر، أحيانًا تشمل أسرًا بأكملها. 

إذ لم تقتصر هذه الحوادث على عيد الفطر والأضحى الفائتين، بل شملت مناسبات أخرى، عادة ما تحرص الأسر اليمنية على حضورها وإحيائها، مثل الأعراس وحفلات التخرج، ورحلات التنزه والاستجمام.

ضحايا بشكل مستمر

أسرة من بيت الجلال بمحافظة عمران، مكونة من خمسة أفراد، بينهم طفلان، لم يسمح لها القدر أن تفرح بعيد الأضحى، حيث خطف الموت الطفلين، فيما تعرض الثلاثة الآخرون للإصابة، ليلة العيد تمامًا، إثر حادث مروري في شارع الستين بالعاصمة صنعاء، وقالت تيسير العبدلي (شاهد على الحادثة)، لـ"خيوط": "إنّ أبا الطفلين أصيب في الحادث إصابة بالغة، تم إدخاله على إثرها العناية المركزة، لكنه دخل في صدمة نفسية فور سماعه خبر وفاة طفليه".

تعد مناسبة الأعراس من المناسبات التي تكثر فيها الحوادث المرورية، إذ قُتل وأصيب 11 شخصًا من أسرتين، بينهم عروسة، وامرأتين رافقاها لشراء مستلزمات العرس، في حادث مروري مروع وقع في يوليو/ تموز الفائت بمنطقة الزنوب بخط التربة بمحافظة تعز

وبالمثل غادر (ماهر غثاية) مع عائلته المكونة من (8) أفراد، العاصمةَ صنعاء، باتجاه مسقط الرأس في مديرية حيدان بمحافظة صعدة في عيد الفطر الفائت، وأثناء مرورهم بمنطقة ذيفان بمحافظة عمران، تعرضت العائلة لحادث مروري، أدّى إلى وفاة امرأة، وإصابة أربعة من أفراد الأسرة بإصابات متفاوتة، وبحسب كميل غثاية، الذي روى القصة لـ"خيوط"، فإن ابن عمه (ماهر) لم يصَب بأثر نفسي للحادثة؛ لأنه سبق أن تعرض لمواقف وصدمات نفسية كبيرة.

في عيد الفطر المبارك من العام الفائت، وبحسب خليل الدقة، فإن زميله الشاب (بشير مفتاح) لقيَ حتفه في حادث مروري إثر انقلاب السيارة التي كانت تقِلّ عائلته في منطقة مسور بمحافظة عمران، ما أدّى إلى وفاته، وإصابة بقية أفراد أسرته بإصابات مختلفة. 

ورصدت وسائل إعلامية مؤخراً عديد الحوادث المرورية، منها حادث مروع تعرضت له أسرة أثناء عودتهم من نزهة في الأهجر بمحافظة المحويت، وحادث آخر في منطقة الحوطة بمحافظة لحج راح ضحيته عدد من أفراد إحدى الأسر بينما كانت في طريقها لمدينة عدن لحضور حفل عرس.

ضحايا وآثار نفسية

وتعد مناسبة الأعراس من المناسبات التي تكثر فيها الحوادث المرورية، إذ قُتل وأصيب 11 شخصًا من أسرتين، بينهم عروسة، وامرأتان رافقاها لشراء مستلزمات العرس، في حادث مروري مروع وقع في يوليو/ تموز الفائت بمنطقة الزنوب بخط التربة بمحافظة تعز، وبحسب رياض العريفي، فقد كان سبب الحادث تصادم شاحنة بضائع كبيرة (دِيَنَّة) مع سيارتين كانتا تقِلّان أفرادًا من أسرة العروسة والعريس، ما أدّى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة ستة آخرين، بينهم العروسة، حيث تم إسعافهم أولًا إلى مستوصف الوحدة بمدينة التربة، ومن ثَمّ تحويلهم للعلاج بمدينة تعز.

تتعدد أسباب هذه الحوادث حد تعبير (النويرة)، لكن السرعة الزائدة، وعدم صيانة السيارات، وتهالك الطرق وعدم صيانتها، ووعورة الطرق الجبلية، والحمولة الزائدة، هي أبرز الأسباب التي التهمت أسرًا كانت تتهيَّأ أو تشارك في مناسبةٍ فرائحيةٍ ما. اللافت أن إدارة المرور لا تملك إحصائية واضحة بعدد هذه الحوادث. 

لا تقتصر خطورة معظم هذه الحوادث على فقدان بعض الأفراد وإصابة بعضهم الآخر، وإنما هناك آثار نفسية بالغة، يقول الدكتور عبدالله الشرعبي، الاستشاري في الطب النفسي بوزارة الصحة بصنعاء لـ"خيوط": "إن هذه الآثار، تتمثل في الخوف والقلق والكوابيس والاكتئاب، خصوصًا عند الأطفال الذين يفقدون والديهم، أو الأمهات اللاتي يفقدن أطفالهن في حوادث مرورية، وبعض الحالات تصاب بالصرع، وفقدان الذاكرة، إذا كانت الصدمة كبيرة".

مشيرًا إلى أن الأثر النفسي للحوادث المرورية عادةً ما يكون عميقًا، ويضيف الشرعبي أنه بحكم عمله في عيادة خاصة، فإن هناك إصابات نفسية كثيرة ناتجة عن الحوادث المرورية، وأن هناك حالات كثيرة تتردد عليه، حيث يتلقى المرتادون جلسات علاجية، كدعم نفسي، وتصرف لهم بعض الأدوية المساعدة على الاستطباب ومعالجة آثار الحادث.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English