أحداث 2020 ترسم ملامح العام الجديد

العام الأطول والأكثر إشكالية
خيوط
February 8, 2021

أحداث 2020 ترسم ملامح العام الجديد

العام الأطول والأكثر إشكالية
خيوط
February 8, 2021
© AP

تمضي الأعوام، بما فيها من متغيرات، متماثلة، ويحدث أن يأتي عامٌ إشكالي على طريقته الخاصة، كما أتى وغادر 2020، لا يعود بعده العالم إلى سابق عهده. شكلت كثير من أحداث العام الماضي ملامح العام الجديد كما يلاحظ ذلك بعد مضي أكثر من 30 يوماً منه، مثل قرار الإدارة الأمريكية المنصرفة بتصنيف أنصار الله (الحوثيين) على قائمة الإرهاب، القرار الذي تعتزم الإدارة الجديدة إلغائه، لكن جائحة كورونا- "كوفيد 19" المتفشية حول العالم، هي التي شكلت شخصيته طولًا وعرضًا، ومستمرة في تشكيل شخصية العام الجديد 2021. 

  منذ صدور أول تقرير إعلامي في مدينة ووهان الصينية حول تفشي التهاب رئوي غامض في 31 ديسمبر/كانون الثاني 2019، طغى كورونا على الاهتمام العالمي معظم فترات السنة. أي إنه عام بدأ فعليًّا قبل يوم من كتابة تاريخه، ليصبح العام الأطول على صعيدين؛ الزمن، والشعور.

على أنه ترك العالم يواجه أسوأ انكماش اقتصادي منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين. وخسر ملايين أعمالهم نتيجة الإغلاق الذي فرضته الحكومات حول العالم. غير أنها زادت من تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وزاد الأغنياء ثراء بينما الأقل دخلًا زادوا فقرًا.

ساد الفزع من بكين مرورًا بالعواصم الآسيوية والأوروبية حتى نيويورك، خاض فيه العالم شكلًا من الاضطراب. فتوقفت الحياة الطبيعية من الأعمال إلى التسلية، وشاهدنا المدن العظيمة في قلب الحضارة خاوية من البشر والسيارات. وعانى سكان العالم من الملل خلال عدة أشهر بسبب الحجر المنزلي. وفي حين واجهت البلدان نقصًا حادًّا في الأجهزة والمواد الطبية لمواجهة كورونا، تم مصادرة شحنات طبية كانت متجهة إلى دول عبر حكومات، مثيرة بعدًا لما يمكن أن يصبح عليه العالم حين تتهاوى أعرافه الراسخة.

مع نهاية العام الماضي كان العالم يأمل القضاء على فيروس كورونا بعد إعلان عن لقاحات أُثبتت فعاليتها في أوروبا وأمريكا والصين وبلدان أخرى. بعد إصابة حوالي 80 مليون إنسان بالوباء خلال العام. وتنتظر شركات الأدوية أرباحًا بمليارات الدولارات من بيع اللقاح، غير أن نسخة جديدة من كورونا ظهرت في بريطانيا لتعيد الفزع إلى العالم

كان 2020 عام كورونا، ويمكن أن يصفه البعض بواحد من أسوأ الأعوام. ولا يعني أنه لم يكن جيدًا بالنسبة للبعض، وبرغم الأزمة الاقتصادية حقق أغنى رجل في العالم جيف بيزوس الرئيس التنفيذي لشركة (أمازون) ، أرباحًا بمقدار ثلث ثروته خلال هذا العام. وكان أحد أفضل أعوام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد إعلان ثلاث دول عربية التطبيع مع إسرائيل. في وقت أكد عزم حكومته على بناء آلاف المستوطنات في القدس الشرقية. وفي يناير أكملت حرائق أستراليا التهام ما يعادل 60 ألف كيلومتر من الغابات والأحراش وأشجار الحدائق، وتسببت بقتل نصف مليار حيوان، في واحدة من أسوأ الكوارث البيئية. مع هذا التقطت الطبيعة أنفاسها مع توقف أدخنة المصانع في البلدان الصناعية وهجوع الطائرات والمركبات عن حرق عوادمها. ومع انخفاض الطلب على الوقود تراجعت اقتصاديات دول المنطقة الغنية بالنفط بصورة غير مسبوقة.

استمرت الاحتجاجات في العراق ولبنان، وواجهت الأخيرة انخفاضًا في عملتها هو الأسوأ منذ الحرب الأهلية. وما أخفاه العام كان أعظم، ففي أغسطس حدث انفجار بيروت، مشكلًا فطرًا ضخمًا من الدخان فوق مرفأها، ليخلف دمارًا متفاوتًا في نصف منازل العاصمة اللبنانية، وخلف 190 قتيلًا وآلاف الجرحى. 

وللمرة الأولى يعلو الأذان فوق كنيسة آيا صوفيا بإسطنبول ، منذ حولها كمال أتاتورك إلى متحف. لكن الإشكال الديني يستعيد مظهره في فرنسا بعد مقتل مدرس فرنسي على يد والد طالب مسلم، وكان المدرس أعطى مثالًا لطالبه بالرسوم المسيئة للرسول، في شرحه عن حرية التعبير. بينما أثارت تصريحات ماكرون جدلًا في العالم الإسلامي والعالم عموماً. وبينما احتدمت مساجلات كلامية بين ماكرون وأردوغان، كان تدخل الأخير في طرابلس سببًا في إثارة قلق باريس وأوروبا. كان تدخل أردوغان في ليبيا لدعم حكومة الوفاق في طرابلس، سببًا استراتيجيًّا. لكنه دفع موقف مصر إلى تصعيد أثار حومة اشتباه، في تدخل مباشر لدعم خليفة حفتر حليف القاهرة. غير أن طموح أردوغان اصطدم بعقوبات أمريكية بسبب تجريبها منظومة الدفاع الجوي الروسية S 300.

وطاف التوتر ليخضّ حوض المتوسط من طرابلس إلى بحر إيجة، مستعيدًا أهواء قديمة. بينما انفجر صراع في القوقاز بين آرمينيا وأذربيجان. ولم تنتهِ قصة النيل بمساره الطيني المتدفق من الهضاب الحبشية، مع اختتام مرحلة أولى من تعبئة سد النهضة بإشكاليته حول تقاسم المياه. وفي الجهة الأخرى من منبع النيل اندلعت مواجهات بين حكومة أديس أبابا ومتمردين في إقليم تيغراي.

ومع انعقاد قمة العشرين في الرياض، كانت الاحتجاجات الحقوقية تثير قضية انتهاكات النظام السعودي. وشهد الخليج العربي موت سلطان عمان وأمير الكويت. كما شهد الخليج محاولة احتواء للأزمة الخليجية عبر دعوة أمير الكويت لمصالحة خليجية بين السعودية وحلفائها وقطر.

وبعيدًا عن غبار الصراع بين واشنطن وبكين، وملفات ساخنة في الشرق الأوسط وحول العالم، عاشت الانتخابات الأمريكية كأبرز حدث سياسي لهذا العام، جدلًا غير مسبوق، أثاره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متهمًا منافسيه بتزوير الانتخابات. 

وبينما يقضي ترامب أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، يتنفس حلفاء أمريكا وخصومها الصعداء بانتظار الرئيس الديمقراطي جو بايدن. لتبدأ مفاوضات غير مباشرة بين طهران وإدارة بايدن. وشهد هذا العام مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس بعد أن استهدفه طيران أمريكي أثناء وصوله بغداد. وردًّا على ذلك هاجمت طهران قاعدة عسكرية أمريكية في العراق. وفي ذات اليوم أدى التوتر فوق الهضبة الإيرانية إلى سقوط طائرة أوكرانية مدنية بصاروخ إيراني. 

وفرض الرئيس الأمريكي ترامب عقوبات جديدة على طهران وحلفائها وشملت العقوبات الحرس الثوري. وفي قلب طهران اغتيل أبرز عالم نووي إيراني، حسن فخري زاده، بانفجار. 

وكان عام الهجمات السيبرانية الأكثر قسوة، فانفجرت منشآت حيوية ونووية في إيران نتيجة هجمات سيبرانية. وفي نهاية العام تعرضت الولايات المتحدة لأخطر هجوم سيبراني يهدد أمنها القومي. وقبل ذلك أعلن ترامب عقوبات ضد إيران وتركيا، كما قُتل العالم الإيراني البارز محسن فخري زادة  أكبر عالم نووي أيراني في هجوم غامض على طريق في مشارف العاصمة طهران، أتهم الحرس الثوري إسرائيل بالوقوف وراء الاغتيال.

ومع نهاية العام الماضي كان العالم يأمل القضاء على فيروس كورونا بعد إعلان عن لقاحات أُثبتت فعاليتها في أوروبا وأمريكا والصين وبلدان أخرى. بعد إصابة حوالي 80 مليون إنسان بالوباء خلال العام. وتنتظر شركات الأدوية أرباحًا بمليارات الدولارات من بيع اللقاح، غير أن نسخة جديدة من كورونا ظهرت في بريطانيا لتعيد الفزع إلى العالم. وشهد عودة دول عديدة للإغلاقات، وأصبحت بريطانيا جزيرة معزولة. ربما لن يشهد الاقتصاد العالمي التعافي المتوقع له في العام القادم.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English