الفن على خط المواجهة: المناصرة بالنحت والرسم

محاكاة قضايا المرأة والانتهاكات التي تتعرض لها
منى الأسعدي
December 9, 2021

الفن على خط المواجهة: المناصرة بالنحت والرسم

محاكاة قضايا المرأة والانتهاكات التي تتعرض لها
منى الأسعدي
December 9, 2021

يعد العنف ضد النساء أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم، فبحسب تقرير جديد صادر عن منظمة الصحة العالمية في 9 مارس/ آذار 2021؛ فهناك امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف، وقد يزداد هذا العدد في الصراعات والأوبئة.

وتأتي اليمن في ذيل قائمة المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2021 من بين 155 دولة موجودة في التصنيف الذي وضعه المنتدى الاقتصادي العالمي. في حين تُشير منظمة العفو الدولية أن اليمن تعتبر من أسوأ البلدان في العالم للنساء. بناء على هذه الخلفية تأتي أهمية مناصرة قضايا المرأة من خلال الرسائل التي تعزز من أهمية دورها ومكانتها في المجتمع ومحاولة التصدي لكافة أنواع العنف الذي تتعرض له في حياتها.

تشاركنا الفنانة التشكيلية والنحاتة اليمنية "أمل فضل" تجربتها في مناصرة قضايا النساء من خلال لوحاتها الفنية ومنحوتاتها الذي تحول الطين فيها إلى مجسمات تعكس معاناة الإنسان اليمني والنساء على وجه الخصوص، حيث تقول في حديث لها مع "خيوط"، إنها جسدت في أعمالها الفنية الكثير من القضايا المجتمعية التي يعاني منها الإنسان اليمني، وسلطت الضوء في بعض الأعمال على قضايا المرأة؛ لأنها الأكثر عرضة للعنف الجسدي واللفظي، فالعنف كما تؤكد أمل، يطال كل النساء، حيث يمكن أن يكون من ضحاياه المرأة الفقيرة والغنية والأمية والمتعلمة، المتزوجة والعازبة والمطلقة والأرملة الطفلة والمراهقة والمسنة على حد سواء.

تشير الفضل إلى أن المجتمع لا يدعم المرأة كثيرًا على خوض مجالات جديدة، فكثير ما تُقيد المرأة بالعادات والتقاليد، إضافة إلى قيد الضعف الجسدي والمعرفي الذي صورته لها التنشئة الاجتماعية، وهذا يحرمها من فرصة تقلد بعض المناصب القيادية أو العمل في أعمال صنفت منذ القدم على أنها خاصة بالرجال

تجربة حافلة

أمل فضل، فنانة تشكيلية ونحاتة يمنية، حاصلة على شهادة البكالوريوس في علم الأحياء جامعة صنعاء وتحضر رسالة الماجستير في التنمية الدولية والنوع الاجتماعي، وعضو في بيت الفن/ صنعاء والجمعية اليمنية لتنمية الثقافة والفنون.

كما عملت أمل كمدرب فني لبرنامج الإبداع من أجل العدالة الاجتماعية/ مؤسسة تنمية القيادات الشابة، وتعمل معيدة في كل من كلية المجتمع/ صنعاء، وجامعة العلوم والتكنولوجيا، شغلت منصب رئيس قسم الجرافيكس في كلية المجتمع/ صنعاء لمدة ست سنوات، وعملت كمستشار فني في مركز الحاسب الآلي في جامعة صنعاء.

تؤكد أمل أنها مهتمة بالرسم منذ طفولتها واستمر معها هذا الاهتمام حتى مرحلة الثانوية العامة بعدها أهملت الرسم لتكمل دراستها الجامعية، ثم معاودة نشاطها الفني بعد تخرجها.

كانت البداية في مجال الفن كفنانة تشكيلية في العام 2006، حيث شاركت في عدد من المعارض التشكيلية والمسابقات الفنية التي أقيمت من قبل وزارة الثقافة والسياحة وعدد من المراكز الثقافية المتواجدة في صنعاء، وفي عام 2020 بدأت العمل بجهد ذاتي في مجال النحت ونفذت فيه عددًا من الأعمال الفنية.

كانت قضية التحرش من القضايا التي جسدتها الفضل في أحد أعمالها بلوحة أسمتها "الزرقاء" وتقول في ذلك: "استشهدت بدلالة اللون الأزرق البارد الذي صبغت به جسد المرأة الميت المعرض للانتهاك من جهات عدة".

كما حاكت الفضل في عمل آخر أسمته "أساور"، قضية تسليع المرأة واستغلالها جسديًّا دون التعويل على قدراتها العقلية.

وركزت في "إلى أين" على محاولة خروج المرأة من الإطار الذي رسمته لها عادات وتقاليد المجتمع والذي غيبت فيه عقل المرأة ودورها الفعال في المجتمع. فيما كان العمل الذي اختارت له عنوان (العالم امرأة) يُناقش أن المرأة رمز للحياة رغم ما تتعرض له من إقصاء وتهميش داخل المجتمع.

وعمل آخر أسمته (اختناق) يصور امرأة لا يظهر منها إلا رأسها، والذي تقول الفضل عنه: "يدل على حالة من الاختناق للحال الذي وصلت إليه المرأة".

كما كان للمرأة وقضاياها نصيب في مجالها الجديد (النحت) على الطين حيث عملت منحوتة أسمتها (حواء) تتحدث عن مكنونات المرأة الفكرية والروحية.

تشوية التنشئة الاجتماعية

تشير أمل فضل إلى أن المجتمع لا يدعم المرأة كثيرًا على خوض مجالات جديدة، فكثير ما تُقيد المرأة بالعادات والتقاليد، إضافة إلى قيد الضعف الجسدي والمعرفي الذي صورته لها التنشئة الاجتماعية، وهذا يحرمها من فرصة تقلد بعض المناصب القيادية أو العمل في أعمال صنفت منذ القدم على أنها خاصة بالرجال. وتُضيف: "يحدث أن تكون المرأة عدوة المرأة بقصد أو بغير قصد، ومن الصور التي ترتكبها بعض النساء في حق نفسها أو غيرها أن بعض الأمهات يقمن بتربية أطفالهن بتمييز الذكور على الإناث ويعملن على حرمان بناتهن من التعبير عن أنفسهن بحرية.

كما يشوهن وعي الفتيات من خلال فكرة عدم الاكتمال إلا بالزواج والأمومة فقط، والطموح الوحيد الذي يجب أن تسعى له الأنثى.

وتُعقب: "يكررن عبارات تقليدية عن المرأة أنها كائن غير عاقل لا تستطيع تحديد أهدافها ومصلحتها وهذه النوعية من الأمهات يزدن من تنميط صورة المرأة وتحجيمها كثيرًا".

وتشدد فضل على ضرورة أن تسعى المرأة إلى المطالبة بحقوقها وتمكينها وبناء قدراتها وتذليل الصعوبات أمام مشاركتها في كافة المجالات، لتكون صاحبة قرار وعنصرًا فاعلًا ورائدًا في بناء مجتمع تتساوى فيه النساء مع الرجال وتعلو فيه كرامة الإنسان، وهو ما تحاول أن تعكسه من خلال أعمالها ومنحوتاتها الفنية.


•••
منى الأسعدي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English