من مكافحة الإرهاب إلى الترهيب

في تقديم مشترك على طاولة الدورة الـ(74) للجنة مناهضة التعذيب
محمد الكرامي
September 7, 2022

من مكافحة الإرهاب إلى الترهيب

في تقديم مشترك على طاولة الدورة الـ(74) للجنة مناهضة التعذيب
محمد الكرامي
September 7, 2022

بعد اندلاع النزاع المسلح في سبتمبر/ أيلول ٢٠١٤؛ إثر استيلاء جماعة أنصار الله (الحوثيين) على السلطة في العاصمة اليمنية، صنعاء- تصاعدت حدّة النزاع إلى أن بلغت ذروتها بتدخل التحالف بقيادة السعودية والإمارات بهدف استعادة سلطة الرئيس هادي في مارس/ آذار ٢٠١٥. لعبت الإمارات دورًا رئيسيًّا في استعادة عدن ومناطق أخرى في جنوب اليمن من الحوثيين.

تولت الإمارات بعدها السيطرة الفعّالة على مدينة عدن، حيث تقول مواطنة لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية يمنية، إنّ الإمارات تعمّدت دعم الجماعات المسلحة التي تدين بالولاء لها في جولات أخرى من النزاع، لكن هذه المرة مع الحكومة المعترف بها دوليًّا، في يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧، ويناير/ كانون الثاني ٢٠١٨، وأغسطس/ آب ٢٠١٩.

وتضيف؛ إنّه مع تبدُّل موازين القوى لصالح هذه الجماعات على حساب الحكومة المعترف بها دوليًّا، صمّمت الإمارات شبكةَ سجون سرية اتخذتها مقرّات للتحقيقات والخطف والتعذيب، ما ‏ترتّب عليها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، حيث اضطلعت (أي الإمارات) بانتهاكات موثّقة تتناقض مع تصديقها لقانون مناهضة التعذيب. 

وكانت مواطنة لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، والأخيرة غير حكومية تعمل مع 200 منظمة عضو لوضع حدٍّ للتعذيب- قد وضعتا تقديم مشترك بشأن الإمارات العربية المتحدة على طاولة الدورة الرابعة والسبعين لِلَجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

من محاربة الإرهاب إلى ممارسة الترهيب

أقامت الإمارات معسكراتها تحت مسمّى "محاربة الإرهاب في شبه الجزيرة العربية"، حسب تقرير منظمة العفو الدولية، وعزّزت نفوذها في القطاع الأمني على أساس التهديدات الآنفة الذكر، وشيئًا فشيئًا، قامت بإقصاء حزب التجمع اليمني للإصلاح والحكومة اليمنية، حيث كشف فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين أنّ القوات المدعومة من الإمارات تعمل خارج إطار الحكومة اليمنية، ويوضح التقرير أنه ابتداءً من عام ٢٠١٥، دأبت الإمارات على تجنيد وتدريب ودفع معظم مكافآت القوات الجنوبية التي هي في مواجهة عسكرية مع الحكومة اليمنية في بعض المحافظات، ما أدّى إلى تقويض سلطة الحكومة وتهديد السلام والأمن.

وأفاد تقرير الخبراء عن تشكيل الإمارات قوات الحزام الأمني والنخبة الشبوانية والنخبة في حضرموت، كما اختارت قادةَ هذه القوات، وجنّدتها ودرّبتها، ودفعت رواتبها وقدّمت لها الأسلحة والمعدات والخدمات اللوجستية. ورغم أنّ تعيين بعض قادة قوات الحزام الأمني جاء من الرئيس هادي في عام ٢٠١٦، إلا أنّ الإمارات وجّهت اختياراته.

يستنتج تقرير الخبراء الدوليين والإقليميين بأدلة أخرى، مثل الرسالة الصادرة بتاريخ ٢٠ مارس/ آذار ٢٠١٨، والموجهة إلى رئيس مجلس الأمن، من الممثّل الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، والتي تفيد بأن السلطات ليس لها أي قيادة أو سيطرة على هذه القوات، دون الكشف عن هُوية من يوجهها.

تقول مواطنة لحقوق الإنسان، في التقديم المشترك، إنها وثّقت ١٥٢ حالة تعذيب في مراكز الاحتجاز التي تسيطر عليها دولة الإمارات أو القوات المدعومة منها، والتي حدثت بين مايو/ أيار ٢٠١٦، ومايو/ أيار ٢٠٢٢. وكشفت عن قيام الإمارات بتحويل ثالث أهم مطار يمنيّ في المكلا إلى سجن غير رسمي، وتزامَنَ تجديد مرافق احتجاز، منها منشأة "ربوة خلف"، مع وصول القوات الإماراتية إلى المكلا في العام 2016

ويوضح تقرير الخبراء سيطرةَ الإمارات العملياتيّة على قوات النخبة الحضرمية التي تعمل خارج هيكل القيادة والسيطرة العسكرية اليمنية، وإلى جانبها قوات النخبة الشبوانية التي قوّضت سلطة الحكومة اليمنية على وصفها، وكشفت رسالة الحكومة اليمنية عدم امتثال قوات الحزام الأمني لأوامرها، حيث في العام ٢٠١٧، انضمّت جميع القوات إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، وظلَّت الإمارات من خلاله تحافظ على الحدّ الأدنى من السيطرة على جميع القوات الأمنية المذكورة، بالإضافة إلى الألوية العسكرية الأخرى التابعة أيضًا للمجلس الانتقالي الجنوبي.

في أغسطس/ آب ٢٠١٩، انتقلت الاشتباكات إلى حيّز المجلس الانتقالي والحكومة المعترف بها دوليًّا، حيث شنّت دولة الإمارات غارات جوية بحجّة الردّ على تهديد إرهابي ضد قوات التحالف. وقالت رويترز إنّ الهدف من هذه الضربات هو دعم القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك قوات الحزام الأمني، حيث كانت الحكومة اليمنية تحاول استعادة السيطرة على عدن.

لم يتوقف الأمر عند إقصاء الحلفاء، حيث قامت دولة الإمارات بدعم وتوجيه القوات التي تقوم بحملات مكافحة الإرهاب. وفي السياق، تورطت دولة الإمارات في حالات اختفاء قسري واسعة النطاق والتعذيب وإساءة معاملة المحتجزين. وثّق فريق الخبراء المعنيّ باليمن، وكذلك العديد من المنظمات المحلية والأجنبية، مثل مواطنة، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، حالات الاختفاء القسري، وصنّفتها كحالات يعترف بأنها تخلق ظروفًا تفضي إلى التعذيب والمساءلة.

اعتبارًا من الأول نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٧، نقلت رسالة فريق الخبراء المعنيّ باليمن إلى مجلس الأمن، أكثر من ٢٠٠ شخص رهن الاحتجاز لدى القوات الإماراتية في اليمن. في عامي ٢٠١٦، و٢٠١٧، حقّق فريق الخبراء المعني باليمن في الانتهاكات في مرافق الاحتجاز التي تديرها وتشرف عليها الإمارات حصريًّا، بما في ذلك قاعدة البريقة والريان وشبوة.

وفي العام ٢٠١٨، أفاد فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعني بحالة حقوق الانسان في اليمن أيضًا أنّ "المحتجزين تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية في مرافق الريان والبريقة، ومرفق ٧ أكتوبر في أبين، وسجن لحج المركزي، وسجن المنصورة، إضافة إلى ذلك، أشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ الإمارات ربما تكون قد نقلت معتقلين بارزين خارج اليمن، بما في ذلك إلى قاعدة لها في إريتريا.

وثّقت هيومن رايتس ووتش في العام ٢٠١٧، ما لا يقل عن ٣٨ حالة لأشخاص اعتُقلوا تعسفيًّا واختفوا قسرًا على أيدي قوات الأمن المدعومة من الإمارات، ووجد تقرير لمنظمة العفو العالمية يستند على تحقيق، ٥١ حالة حرمان من الحرية من قبل الجيش الإماراتي أو قوات الأمن المدعومة من الإمارات، في عدة محافظات يمنية بين مارس/ آذار ٢٠١٦ ومايو/ أيار ٢٠١٨.

وصرّح فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعنيّ بحالة حقوق الإنسان في اليمن، في العام 2020، أنّ القوات الإماراتية استمرت في ارتكاب الاحتجاز التعسفي والتعذيب في مركز الاحتجاز السري في قاعدة التحالف بالبريقة في عدن، حتى انسحابها من اليمن في منتصف عام ٢٠١٩.

وواصل فريق الخبراء المعنيّ باليمن في العام ٢٠٢١، التحقيق في حالات الاعتقال والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب التي تورطت فيها الإمارات، في بلحاف ومطار الريان، والتي كانت لا تزال جميعها تحت سيطرة الإمارات العربية المتحدة.

منشآت إصلاحية أم أقبية تعذيب؟ 

تقول مواطنة لحقوق الإنسان، في التقديم المشترك، إنها وثّقت ١٥٢ حالة تعذيب في مراكز الاحتجاز التي تسيطر عليها دولة الإمارات أو القوات المدعومة منها، والتي حدثت بين مايو/ أيار ٢٠١٦ ومايو/ أيار ٢٠٢٢.

وكشفت عن قيام الإمارات بتحويل ثالث أهم مطار يمنيّ في المكلا إلى سجن غير رسمي، وتزامَنَ تجديدُ مرافق احتجاز، منها منشأة "ربوة خلف"- مع وصول القوات الإماراتية إلى المكلا في العام ٢٠١٦، ويضمّ محتجزين سياسيين وآخرين يزعمون أنهم إرهابيون. وأقامت القوات المدعومة إماراتيًّا في منشأةٍ شيّدت في السبعينيات كمصنع للذخيرة، مرفقَ احتجاز غير رسمي في محافظة أبين جنوب اليمن؛ سجن ٧ أكتوبر.

كما يخضع معسكر الجلاء، لسيطرة قوات الحزام الأمني التابعة للإمارات، ويضم داخله موقعَينِ للاحتجاز على الأقل؛ أحدهما مبني من الصفيح، والآخر متهالك تحت الأرض، ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على إدارة أمن عدن، التي تدير الشرطة وقوات الأمن الأخرى في عدن. استخدمت شعبة مكافحة الإرهاب التابعة لإدارة الأمن في عدن غرفتين تحت الأرض، بالإضافة إلى غرفة احتجاز فردية، كموقع احتجاز غير رسمي في مديرية التواهي في عدن. 

أصوات من خلف الشمس

أجرت مواطنة مقابلات مع الضحايا، حيث اعتقل جنودٌ يمنيون وإماراتيّون "فراس" مع والده من منزله في بداية مايو/ أيار ٢٠١٦، والذين وصفهم بأنهم "قوات النخبة والتحالف"، واستُدعيَ سمير للاستجواب في ٢٣ مايو/ أيار ٢٠١٦، في المنطقة العسكرية الثانية، وبعد الاستجواب، تم نقله إلى سجن الريان، حيث احتجز لمدة خمسة أشهر، كان خلالها دائمًا معصوب العينين ومكبّل اليدين.

واعتُقل عدنان في ١٨ يونيو/ حزيران ٢٠١٧، حين كان يهمّ بالخروج من المسجد، وتعرّض للضرب على رأسه أثناء الاحتجاز، وتم نقله إلى ربوة خلف. كما اعتقلت قوات النخبة الحضرمية "أمير" في سبتمبر/ أيلول ٢٠١٦، ولم تتمكن عائلته من تحديد مكانه إلا بعد ستة أشهر. وفي ٢٣ مايو/ أيار ٢٠١٦ في حوالي الساعة الخامسة صباحًا، أُلقِيَ القبض على عبدالباقر في منزله من قبل رجال يرتدون الزيّ العسكريّ، وتعرَّضَ للتهديد والضرب بالسلاح.

في معسكر التحالف، وثّقت مواطنة لحقوق الإنسان ما لا يقل عن ١٥ حالة احتجاز تعسفي، منها ثماني حالات تعذيب في المعسكر. وبحسب مواطنة "كان المحتجزون يُستجوَبون ويعذَّبون في المعسكر. وتعرضوا لدرجات حرارة شديدة، والضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، واستخدام الكلاب لإخافتهم، وتجريدهم من ملابسهم لغرض التفتيش، والتعرّي القسري، والحقن القسري بالأدوية".

ووثّقت مواطنة ١٧ حالة احتجاز تعسفي، من بينها ٩ حالات تعذيب في مركز احتجاز في ربوة غير الرسمي، كما أبلغت الأمم المتحدة عن أنماط حقائق مماثلة تدعم روايات الناجين التي وثّقتها منظمة مواطنة. وحقّق فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعني بحالة حقوق الإنسان في اليمن، في العديد من حالات التعذيب وسوء المعاملة التي تورّطت فيها الإمارات والقوات التابعة لها. 

وذكرت هيومن رايتس ووتش أنّ قوات الحزام الأمني اعتقلت عشرات الأشخاص وأساءت معاملتهم تعسفيًّا، مستخدمة القوة المفرطة.

ووَفقًا لمنظمة العفو الدولية، قامت قوات الأمن المدعومة من الإمارات بإخفاء مئات الأشخاص، وكان من بين المستهدفين المقاتلون السابقون الذين قاتلوا في معارك عام ٢٠١٥ لطرد الحوثيين من الجنوب، والذين ينظر إليهم الآن على أنهم تهديد، إلى جانب متعاطفون، وأعضاء حزب الإصلاح المتحالف مع هادي، بالإضافة إلى نشطاء ومنتقدين للتحالف.

بين مايو/ أيار ٢٠١٦ ومايو/ أيار ٢٠٢٢، حقّقت مواطنة فيما لا يقل عن ٥٥ حالة احتجاز تعسفي، بما في ذلك ٣٠ حالة تعذيب، وأربع حالات وفاة أثناء الاحتجاز في سجن ٧ أكتوبر.

أُلقيَ القبض على لؤي في ١٥ يونيو/ حزيران من ٢٠١٧، واعتُقل بلال في ٦ أغسطس/ آب ٢٠١٧ عند الساعة ١١، بعد أن داهم مسلحون منزله، واستجوب مهاب، المعتقَل في يونيو/ حزيران ٢٠١٧، ضمن بقية المعتقلين والمخفيين في أبشع الظروف.

وقال شهود عيان لمواطنة، إنه بعد تعرضهم للتعذيب، تم رمي جثث المعتقلين في ساحة مستشفى الرازي في منطقة الجعر في مديرية خنفر، وعلاوة على ذلك، اعتُقِل يحيى في ٣١ مارس/ آذار ٢٠١٩، من قبل قوات الحزام الأمني في أبين، ونقلوه إلى سجن ٧ أكتوبر.

وتحقّقت مواطنة على الأقل من ٢٠ حالة تعذيب في معسكر الجلاء، بين مايو/ أيار ٢٠١٦ وأبريل/ نيسان ٢٠٢٢. وتزايدت هذه الحملات بعد مقتل قائد لواء الدعم والإسناد الأول، في أغسطس/ آب ٢٠١٩.

وتعرّض أيضًا المحتجزون في معسكر الجلاء للتعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الضرب المبرّح، والتعليق من الرسغين، ونزع الأظافر، والصعق بالكهرباء، ودقّ الساقين والقدمين واليدين بالمطارق، والصلب، والعري القسري، والتهديد باغتصاب قريباتهم.

وبين مايو/ أيار ٢٠١٦ ومايو/ أيار ٢٠٢٢، تحقّقت مواطنة على الأقل من ٣٥ حالة احتجاز تعسفي، بما في ذلك ٢٢ حالة تعذيب، وما لا يقل عن حالتي وفاة أثناء الاحتجاز في قاعة وضاح، كما قامت بتوثيق حالات تعذيب وسوء معاملة، وكذلك الوَفَيَات أثناء الاحتجاز في العديد من مرافق الاحتجاز الأخرى التي تسيطر عليها القوات المدعومة من الإمارات، وهي بشكل رئيسي القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتشمل قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الشبوانية وقوات النخبة الحضرمية.

من نبحث عنه بعيدًا، يقطن قربنا 

وجد تقرير الخبراء أنّ من الصعب تحديد من يتمتع بالقيادة والسيطرة الشاملة على القوات الجنوبية بعد انسحاب الإمارات، أهي الحكومة اليمنية أم الإمارات، حيث ظلت الحكومة اليمنية مخاتلة في موقفها من قيادتها للقوات التابعة سابقًا لدولة الإمارات. ومع ذلك، أفاد فريق الخبراء المعني باليمن تورطها في الانتهاكات المرتكبة في مرافق الاحتجاز. وحينما ادّعى المجلس الانتقالي الجنوبي أنّ جميع قواته قد أدمجت في القوات الحكومية اليمنية في اليمن، نفَت الحكومة اليمنية تلك الادعاءات، جملةً وتفصيلًا.

رغم انسحاب الإمارات من اليمن في منتصف العام ٢٠١٩، وثّقَ فريق الخبراء المعني باليمن أنها لا تزال في وضع يسمح لها بممارسة الحدّ الأدنى من القيادة، على قادة قوات النخبة الشبوانية وقوات الحزام الأمني من خلال المجلس الانتقالي الجنوبي، وإن بدا أنّ قوات التحالف قد انسحبت تمامًا من شبوة بحلول نهاية عام ٢٠٢١، فلا تزال الإمارات العربية المتحدة حاضرة عبر المجلس الانتقالي الجنوبي عملياتيًّا، كما تبيّن رسالة الخبراء إلى رئيس مجلس الأمن، وباستثناء الانسحاب الإعلامي، بغية التملُّص من أحكام عقوبات اتفاقية مناهضة التعذيب التي سبق أن انضمّت لها دولة الإمارات في العام ٢٠١٢، فإنّ انتهاكات الواقع تؤكّد أنّ من نبحث عنه بعيدًا، يقطن قربنا؛ فهي حاضرة ماليًّا وسياسيًّا وعسكريًّا.

ويكشف الفريق أنه على الرغم من مستوى السيطرة التي تمارسها الإمارات على قوات الحزام الأمني وقوات النخبة، لم تقدّم أي دليل على أنّ الإمارات اتخذت أي احتياطات مناسبة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب، لمنع الانتهاكات التي يرتكبها هؤلاء الجناة.

بل على العكس من ذلك، وجد فريق الخبراء المعني باليمن تواطُؤًا بين القوات المدعومة من الإمارات والقوات الإماراتية بشأن التدابير المتخذة لجمع المعلومات من المحتجزين، كما وجد الفريق أن نفس المعتقلين تعرّضوا للتعذيب وسوء المعاملة.

تشير هذه النتائج إلى أنّ الإمارات لا تشارك بشكل مباشر في التعذيب وسوء المعاملة فحسب، بل تمكّن القوات العسكرية من ارتكاب نفس الانتهاكات، وإفلاتهم من العقاب. ما يشير إلى انتهاك الإمارات التزاماتها في "إقليم يخضع لاختصاصها"، كما تنص أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب.

تطبيع الانتهاك

هُمّشت دُور مكاتب النيابة العامة والقضاء ومؤسسات إنفاذ القانون في اليمن، وقالت مواطنة لحقوق الإنسان في التقديم المشترك، إنه على الرغم من خطورة الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الإماراتية والقوات المدعومة من الإمارات، لم تكن هناك أي جهود مبذولة لمحاسبة الجناة أو لتوفير أيّ شكل من أشكال الإنصاف للضحايا وعائلاتهم.

بالإضافة إلى ذلك، أثبت النظام القضائي في اليمن أنه غير فعّال ضد الأطراف المتحاربة، بحسب دراسة صادرة عن مواطنة لحقوق الإنسان. ففي العام ٢٠٢٠، أشار فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعني بحالة حقوق الإنسان في اليمن، إلى أنّ نظام العدالة شبه مشلول في العديد من مناطق البلد، فضلًا عن استخدام الأطراف المتحاربة المؤسسات القضائيةَ كأدوات للنزاع؛ تعزيزًا لأهدافها أو اضطهادها ومضايقتها للخصوم المزعومين.

في الوقت نفسه، أشار الفريق إلى أنّ النظام القضائي اليمنيّ يواجه مشكلات تتعلق بالفساد، وعدم كفاية حماية حقوق المحاكمة العادلة، والتمييز ضد المرأة، والاعتداءات والتهديدات الخطيرة ضد الجهات القضائية، كما أنه يفتقر إلى الآليات المناسبة لحماية الضحايا والشهود، ما يؤسس لبيئة مثالية للانتهاكات في المجتمع؛ وبالتالي، سيكون من المنصف الاستنتاج بأنّ الضحايا لا يستطيعون الوصول إلى العدالة والإنصاف في اليمن عن الجرائم التي ارتكبتها الإمارات العربية المتحدة أو القوات المدعومة منها.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English