صراع يومي لتوفير رغيف الخبز المفقود

مأساة المعلم اليمني منذ أكثر من ست سنوات
مبارك اليوسفي
October 5, 2021

صراع يومي لتوفير رغيف الخبز المفقود

مأساة المعلم اليمني منذ أكثر من ست سنوات
مبارك اليوسفي
October 5, 2021
Photo by: Mohammed Al-Selwi - Khuyut

منذ سبع سنوات يعاني اليمن من حرب ظالمة أهلكت النسل والحرث، وجعلت البلد يعيش أسوأ حالة إنسانية في العالم، حسب توصيف منظمات يمنية ودولية؛ إذ تسببت الحرب في تردي الوضع الاقتصادي وتوقف الصادرات وعجز أطراف النزاع عن صرف مرتبات الموظفين.

وألقت الحرب بتبعات قاتمة على اليمنيين، لا سيما موظفي الدولة الذين لا يملكون مصدرًا آخرَ للدخل، وبات اليمن على بعد خطوة من الوقوع في مجاعة قد تعصف بحوالي 80% من السكان، منهم ما يزيد عن 170 ألف معلم يعيشون أوضاعًا إنسانية صعبة للغاية، بسبب توقف رواتبهم.

لذا فقد لجأ كثير من المعلمين إلى البحث عن مصادر دخل أخرى من أجل تأمين دخلهم المعيشي، والاستمرار في الحياة، فيما تخلى كثيرون عن وظائفهم ولجأوا للبحث عن بدائل أخرى للعيش، بينما لا يزال هناك آخرون يقومون بعملهم كما في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا.

أعمال شاقة 

مع ساعات الصباح الباكر يتجه سمير محمد إلى قاع العُلفي (حراج العمال) من أجل البحث عن عمل يدر عليه دخلًا يساعده على تأمين قوته وأسرته، منذ حوالي ثلاث سنوات، ويمارس أعمالًا شاقة لم يكن يقوى لها ولم يمارسها من قبل.

يقول سمير لـ"خيوط"، إنه بحث عن مصدر دخل بديل بعد انقطاع المرتبات، إذ وجد صعوبة بالغة بداية الأمر في العمل بمجال البناء، نتيجة عدم توفر أي خبرة لديه.

يضيف سمير أنه يقوم بأعمال شاقة وحمْلِ أوزان كبيرة من الأحجار والأسمنت وغيرها من مواد البناء، وقد تعود على ذلك، ولا يهمه شيء سوى الحصول على الأجر فقط.

يؤكد أحد المعلمين أن يوم المعلم بالنسبة له من أقسى الأيام التي تمر عليه، حيث يذكره بما كان يعيشه من طقوس خاصة مع أفراد عائلته في هذه المناسبة التي تحولت لذكرى مؤلمة.

تسبُق حديثه غصة ممزوجة بحشرجات صوته المتقطع والعرق يتصبب من جبينه عبر تجاعيد وجهه الأسمر وشعر لحيته الأبيض الذي سبق أوانه بسنوات، وهو يتحدث عن يوم المعلم العالمي قائلًا، إن الحرب سلبته كل شيء بما فيها وظيفته، ورمته بين أكوام الحجارة والأسمنت والأعمال الشاقة التي أنهكته.

ويصادف الثلاثاء 5 أكتوبر اليوم العالمي للمعلم، والذي يحتفي به العالم تكريمًا لما يساهم به المعلم في بناء المجتمع، وهي مناسبة تقام سنويًّا منذ أن اعتمدتها منظمة اليونسكو ومنظمة العمل الدولية في العام 1994، من أجل الانتباه إلى وضعهم، وإلى الظروف التي يعملون فيها، وتأدية رسالة مجتمعية عظيمة.

وبالتزامن مع هذه المناسبة العالمية يعجز المعلم اليمني عن تأدية مهمته، في ظل ما يقاسيه بشكل يوميّ من صراع كبير مع كسرة الخبز المفقودة منه منذ سنوات.

بدائل قاسية

يعاني كثير من المعلمين الأمرّين في إيجاد مصادر دخل أخرى لتوفير المستلزمات المعيشية الضرورية من غذاء ودواء وإيجار المسكن، في ظل إصرار البعض على عدم التخلي عن مهنته في التدريس، كما هو الحال بالنسبة للمعلم فهد قائد الذي يعمل في إحدى المدارس الخاصة في صنعاء.

لكنه لجأ، حسب قوله لـ"خيوط"، إلى العمل على دراجة نارية استأجرها، بعد انتهاء فترة التدريس اليومية، إذ يؤكد على أهمية التعليم كرسالة سامية يجب أن يقوم بها مهما كان الأمر. 

عقب انقطاع المرتبات، استأجر فهد دراجة نارية للعمل بها وعمل فيها أثناء فترة ما بعد التدريس، وكان يستطيع أن يوفر شيئًا لا بأس به من الأشياء الضرورية للبيت.

وتحول كثير من المعلمين إلى التعليم في المدارس الخاصة، وذلك بسبب تردي أداء المدارس الحكومية نتيجة لانقطاع المرتبات وعزوف كثير من المعلمين عن أداء وظائفهم، ولا يختلف الحال عند هؤلاء؛ إذ إن كثيرًا منهم يعيش حالة بؤس كبيرة لما يمرون به.

استطاع ياسين الحمادي الالتحاق بوظيفة في إحدى المدارس الأهلية في العاصمة صنعاء، براتب 50 ألف ريال تقتصر على فترة العام الدراسي المحدد بنحو 6 أشهر.

ويؤكد لـ"خيوط"، أن يوم المعلم بالنسبة له من أقسى الأيام التي تمر عليه، حيث يذكره بما كان يعيشه من طقوس خاصة مع أفراد عائلته في هذه المناسبة، التي تحولت لذكرى مؤلمة، لا سيما بعد أن اضطر إلى إعادة أفراد أسرته إلى قريته الواقعة في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن).

ويعاني كثير من المعلمين أوضاعًا إنسانية صعبة بسبب الحرب والصراع الدائر في اليمن وما تعيشه البلاد من أزمات اقتصادية طاحنة، جعلت كثيرًا من المعلمين يفقدون الأمل بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English