الدولار الأمريكي المجزأ في صنعاء

ممارسات التمييز بين الطبعات وتعميم صادم للبنوك
خيوط
November 1, 2021

الدولار الأمريكي المجزأ في صنعاء

ممارسات التمييز بين الطبعات وتعميم صادم للبنوك
خيوط
November 1, 2021
Photo by: - Mohamed Al-Selwi © Khuyut


تواصل طبعات الدولار الأمريكي إثارة الجدل في التعاملات المالية والمصرفية في العاصمة اليمنية صنعاء مع إقدام البنوك والقطاع المصرفي على التمييز بين الفئة البيضاء إصدار 2006 و2003، والفئة الزرقاء إصدار عام 2013، سواء من ناحية التداول أو قيمة الصرف.

وتغطى الفئة 100 دولار "البيضاء" على عملية التداول في صنعاء تحديدًا ومختلف المناطق في شمال اليمن الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، خصوصًا في البنوك التي يلاحظ اختفاء الطبعة "الزرقاء" من عملية التداول اليومية لديها، بينما عمدت شركات ومحال الصرافة على التمييز في عملية الصرف بينهما ومحاولة سحب الطبعة "الزرقاء" واستبدالها، كما هو الحال لدى البنوك، بالطبعة البيضاء.

وتشهد أسواق الصرف تدفقًا متواصلًا لهذه الطبعات، وسط شكاوى المواطنين والمتعاملين من ممارسات التمييز بينهما في البنوك ورفض شركات ومحال الصرافة قبولها إلا بسعر منخفض عن الحديثة، في ظل استقرار سعر الصرف في هذه المناطق عند 600 ريال للدولار الواحد، فيما تجاوز سعر صرف الدولار في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا حاجز 1300 ريال للدولار.

وأصدر البنك المركزي في صنعاء في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بهذا الخصوص تعميمًا موجهًا للبنوك العاملة في العاصمة اليمنية يلزمها بعدم التعامل وقبول الفئة "الزرقاء" طبعة 2013، ويحذرها من مخالفة هذه التعليمات.

وقال مصدر مسؤول في البنك المركزي في صنعاء لـ"خيوط"، أن منع تداول الطبعة "الزرقاء" إجراء مؤقت يقتصر على البنوك فقط ولا يشمل شركات ومحال الصرافة، بهدف ضبط عملية التداول المصرفية وما يشوبها من ممارسات غير طبيعية ومخالفة للنظام المصرفي المعمول به.

تشكو كثير من البنوك العاملة في صنعاء من ممارسات مجحفة بحقها من قبل السلطات في صنعاء، يهدد مراكزها المالية المتدهورة وقدراتها على البقاء وتحمل تبعات الحرب والصراع الدائر في اليمن منذ العام 2015، وما رافق ذلك من انقسام مالي كبير منذ نهاية العام 2016.

طلب متزايد على "الزرقاء"

رئيس جمعية البنوك اليمنية، محمود ناجي، يؤكد من ناحيته في تصريح خاص لـ"خيوط"، أن كل طبعات الدولار الأمريكي من فئة المئة دولار صادرة عن البنك المركزي الأمريكي ولها القيمة نفسها والقوة الإبرائية، لكن المتعاملين في السوق اليمنية يفضلون الطبعة الجديدة من فئة المئة الدولار "الزرقاء".

وأشار ناجي إلى زيادة الطلب على الورقة الزرقاء في السوق اليمنية خلال هذا العام، وأصبح يشكل ضغوطًا على سعر الصرف، وقد استغل الصرافون الطلب المتزايد عليها ليبيعوا الورقة الزرقاء بأسعار أعلى من سعر السوق، وشراء الورقة البيضاء بأسعار تقل عن سعر السوق.

وترى السلطات النقدية والمصرفية في صنعاء أن هذه الظاهرة قد أثرت على استقرار أسعار الصرف، ومكنت الصرافين من استغلال المواطنين وتحقيق أرباح غير مشروعة من وراء ذلك.

وتنظر جمعية البنوك اليمنية إلى تعميم البنك المركزي الأخير بمنع التعامل بالطبعة الزرقاء باعتباره محاولة من البنك لمنع استغلال المواطنين وكبح جماح المضاربة في تلك الطبعة وتوحيد سعر الصرف وإعادة الاعتبار للطبعات الأخرى (البيضاء) من تلك الفئة. 

وفق رئيس الجمعية محمود ناجي، فإن ذلك  سيعمل على وضع معالجات عاجلة لتبديد القلق في أوساط المتعاملين من الآثار الجانبية الأخرى للتعميم المشار إليه وتخفيف الضرر الذي قد يتسبب به تطبيق التعميم على مدخرات المواطنين بالدولار من الطبعة الزرقاء.

إشكاليات الانقسام

كان البنك المركزي الخاضع لسيطرة حكومة صنعاء أقدم نهاية العام الماضي 2020، على تزويد الأسواق بالدولار واعتبار طبعات 2003–2006 موازية للطبعات الحديثة المعروفة بـ"الزرقاء" في المُصارَفة والإيداع النقدي، والتوجه لتفعيل مقاصة الدولار، بحيث يتم التعامل عبرها بين البنوك بالدولار، "البيضاء" فقط، و"الزرقاء" أرصدة خزائن.

ويؤكد خبراء ومسؤولون على أهمية جلوس الأطراف المعنية ودراسة إشكالية الطبعات القديمة من الدولار، وإيجاد حلول منطقية وعملية، تحفظ حقوق المواطنين والصرافين، رغم التعميمات والتأكيدات الرسمية على عدم وجود أي إشكالية في عملية تداولها وصرفها، في حين لا تلقى هذه التعميمات استجابة كافية لدى محال وشركات الصرافة، التي تتحجج بتخفيض نسبي في صرف بعض هذه الأوراق النقدية، بحجة ظهور بعض التلف عليها، خصوصًا التي كانت مخزنة لفترات طويلة منها.

بالمقابل، تشكو كثير من البنوك العاملة في صنعاء من ممارسات مجحفة بحقها من قبل السلطات في صنعاء، يهدد مراكزها المالية المتدهورة وقدراتها على البقاء وتحمل تبعات الحرب والصراع الدائر في اليمن منذ العام 2015، وما رافق ذلك من انقسام مالي كبير منذ نهاية العام 2016، عقب قرار الحكومة المعترف بها دوليًّا نقل إدارة عمليات البنوك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن التي اتخذت منها عاصمة مؤقتة.

وتصاعدت وتيرة الصراع على العملة منذ نحو عامين في اليمن بعد قرار سلطة "الحوثيين" بوقف التعامل بالعملة الجديدة المطبوعة والقيام بحملات مكثفة لمصادرتها، الأمر الذي أدى حسب خبراء إلى تمزيق العملة اليمنية بين طرفي الحرب، إذ تتعامل صنعاء ومناطق سيطرة "الحوثيين" بالعملة القديمة؛ بينما تتداول عدن ومناطق سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًّا العملة الجديدة المطبوعة.

ويقول خبراء إن الإجراءات المتخذة من البنك المركزي، في كلٍّ من صنعاء وعدن، وسّعت الانقسام الاقتصادي بين صنعاء وعدن، وهو ما يفسّر التباين في سعر الصرف بين مناطق صنعاء وعدن، والذي استغله الصرافون والبنوك أسوأ استغلال، وجعلوا من منع تداول الطبعة القديمة ذريعة لامتصاص أموال المواطنين والتجار بالباطل.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English