ملف محظور التداول

جبر الضرر للمدنيين في اليمن
خيوط
July 3, 2022

ملف محظور التداول

جبر الضرر للمدنيين في اليمن
خيوط
July 3, 2022

طالبت منظمات حقوقية يمنية أطراف الحرب في اليمن، الالتزام بالقانون الدولي وجبر ضرر ضحايا الانتهاكات من اليمنيين وتعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم ولا يمكن إصلاحه.

واقترحت أن يكون ذلك بالتعويض المالي، وإعادة التأهيل، والترضية، وضمانات عدم التكرار، إذ يتطلب الجبر الكامل والكافي والفعّال مزيجًا من أشكال متعددة، وينبغي تقديمه بشكل سريع ومتناسب مع جسامة الانتهاكات والضرر الواقع على الضحية. في اليمن، لم يقدِّم أيُّ طرفٍ من الأطراف المتحاربة سبلَ جبرٍ ذات مصداقية للضحايا المدنيين لانتهاكاتهم.

وحسب منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، فقد أودى التحالف الذي تقوده السعودية/الإمارات العربية المتحدة، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، والأطراف المتحاربة الأخرى بأرواح المدنيين في اليمن، ودمر العائلات، وخرب المدن، ودمر الأراضي الزراعية، وزعزع مستقبل الملايين في جميع أنحاء البلاد. وتواصل الأطراف المتحاربة القيام بذلك.

وأكدت "مواطنة" في دراسة حديثة صادر عنها وعيادة ألارد ك. لوونستين الدولية لحقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة ييل، اطلعت عليه "خيوط"، وهي أول دراسة مفصَّلة للالتزامات القانونية الدولية للدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة؛ لتقديم جبر ضرر عن الأخطاء الدولية التي يتحملون مسؤوليتها في اليمن؛ "منذ ما يقرب من ثماني سنوات، أزهقت الأطرافُ المتحاربة في اليمن أرواحًا وحطّمت عائلات ودمّرت مدنًا وأراضيَ، وزعزعت مستقبلَ الملايين". 

كما أن الدعوة إلى جبر الضرر هي دعوة لتحقيق العدالة لملايين أرواح المدنيين التي فقدت، ودمرت، وسُلبت خلال النزاع المستمر. ولا ينبغي أن تقع تكاليف الحرب على أولئك الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية. 

منذ بَدء النزاع، ارتكبَت الأطرافُ المتحاربة انتهاكاتٍ متواترةً ومتكررة وجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، بطرق أضرّت بالمدنيين في اليمن

ولليمنيين حق قانوني وأخلاقي في جبر الأضرار التي لحقت بهم من قبل أولئك الذين تسببوا في هذه الأضرار، في حين تتحمل الأطراف المتحاربة في اليمن كما تؤكد منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، مسؤولية قانونية وأخلاقية لتقديم جبر الضرر، إذ لم يوفي حتى الآن أي طرف بمسؤوليته.

دعوة للتعويض والانصاف

أثّرت الحرب على كل جوانب الحياة اليومية في اليمن. وقتلت الأطرافُ المتحاربة مدنيين كانوا في حفلات زفاف، وآخرين كانوا في جلسات عزاء، وصيادين يعملون على قواربهم في البحر، وعائلات آمنة في منازلها. كما ألحقت الأطراف المتحاربة أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية العامة الأساسية، بما في ذلك الأسواق والمدارس والمزارع والمستشفيات. ووفقًا لتقديرات مختلفة، أدّى النزاع في اليمن إلى مقتل أكثر من 230,000 شخص، ونزوح ما لا يقل عن 4 ملايين آخرين، وعكس مسار عقدين، على الأقل، من التنمية البشرية. وأصبحت الغالبية العظمى من سكان البلد في الوقت الحالي بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية.

تقول منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان، كما ورد في التقرير إنها أجرت مقابلات مع عشرات المدنيين الذين فقدوا ذويهم أو جُرِحوا أو تضررت أو دُمِّرَت ممتلكاتهم في 20 هجمة جوية مختلفة، أوصى فريقُ تقييم الحوادث المشترك التحالفَ بتقديم نوع من المساعدة للضحايا من المدنيين بشأنها، بما في ذلك أربع من الهجمات الجوية قال التحالف والحكومة المعترف بها دوليًّا، إنه تم تقديم مدفوعات تعزية لأسر ضحاياها، وبحلول عام 2021، كانت المبالغ قد دُفعت أخيرًا لبعض الضحايا المدنيين الذين تضرَّروا في الهجمات الجوية الست التي اختارتها اللجنة المشتركة.

كان تقديم المبالغ المالية بدون اعتذار أو إقرار بالخطأ. وبدلًا من ذلك، طلب التحالف والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا من بعض الذين تلقوا المبالغ المالية التوقيعَ على إيصال يصف هذه المبالغ بأنها “مساعدة طوعية” مقدَّمة لأولئك المتضررين من “أخطاء” التحالف. ويبدو أنه في معظم الحالات هناك رجال يتحكمون بعملية الدفع، وفي حالات قليلة، بدا أنّ المدنيين الذين يتمتعون بشكل من أشكال النفوذ أكثر، هم الأكثر احتمالًا في تلقي المبالغ المالية.

لكن لم يتم تقديم أيَّ شكلٍ من أشكال المساعدة – المالية أو غير المالية – للغالبية العظمى من الضحايا المدنيين لهجماتها في اليمن. ولم يتلقَّ سوى جزءٍ ضئيل من الضحايا المدنيين للهجمات الجوية مدفوعات تعزية، وتم تجاهل الضحايا المدنيين لأنواع أخرى من السلوك غير القانوني التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، والقوات التابعة لهما – على سبيل المثال: الانتهاكات المتعلقة بالاعتقال – إلى حدٍّ كبير.

بينما لم تجري جماعة أنصار الله (الحوثيين)، تحقيقات حقيقية عبر الهيئات الخاصة بالإنصاف التي قامت بتشكيلها، إذ أن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين لممارسات الجماعة، بمن فيهم – على سبيل المثال – أولئك الذين تشوّهوا جرّاء انفجارات الألغام الأرضية أو الذين فقدوا ذويهم في هجمات القصف العشوائي، قد تم تجاهلهم إلى حد كبير. بينهم 11 ضحية، قالت "مواطنة" إنها أجرت مقابلات متخصصة بجبر الضرر معهم خلال العام 2021، متضررين من انفجار ألغام زرَعتْها جماعة أنصار الله (الحوثيين) أو هجمات برية شنّتها، حيث أن جميعهم لم يتلقّوا أيَّ إنصاف، في حين تزعم جماعة أنصار الله (الحوثيين) أنّ التحالف ملزَمٌ بتقديم جبرٍ للأضرار في اليمن، لكنها لم تعترف بعدُ بمسؤولياتها الخاصة في جبر الضرر الواسع الذي ألحقته بالمدنيين.

آليات غير كافية

منذ بَدء النزاع، ارتكبَت الأطرافُ المتحاربة انتهاكاتٍ متواترةً ومتكررة وجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، بطرق أضرّت بالمدنيين في اليمن. وأدّت الهجمات العشوائية وغير المتناسبة إلى مقتل وجرح مدنيين، وتدمير منازل المدنيين ومركباتهم وممتلكاتهم الأخرى. كما ارتكبت الأطراف المتحاربة عمليات قتل خارج نطاق القضاء واختفاء قسري، واستخدمت التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. واستخدمت أسلحة محظورة على نطاق واسع، مثل الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، التي شوّهت المدنيين، بمن فيهم العديد من الأطفال، وجعلت الوصول إلى الأراضي الزراعية مستحيلًا. وجنّدت الأطفال واستخدمتهم في القتال، وأعاقت وقيّدت وصول المساعدات الإنسانية، واستخدمت التجويع كأسلوب حرب، والقائمة تطول.

تطالب منظمة مواطنة لحقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي، إنشاء لجنة دولية لجبر الضرر في اليمن مصممة لضمان جبر الضرر للضحايا المدنيين من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات الجسيمة للقانون إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية

وثّقت مواطنة وتحققت من مقتل 5.409 مدنيًّا وإصابة 8.263 مدنيًّا في هجمات الأطراف المتحاربة. وقد نُفِّذت هذه الهجمات في أغلب الأحيان من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، أو جماعة أنصار الله (الحوثيون)، أو المجلس الانتقالي الجنوبي أو القوات المشتركة المدعومَين من الإمارات العربية المتحدة أو الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا. وخلال الفترة الزمنية نفسها، وثَّقت مواطنة تعرُّض 3,277 شخصًا لأشكالٍ مختلفة من الانتهاكات المرتبطة بالاعتقال، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري والتعذيب. وقد تم ارتكاب معظم هذه الانتهاكات الموثّقة المتعلقة بالاعتقال من قبل أنصار الله (الحوثيين)، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة.

وتعتبر أرقام منظمة مواطنة أقلَّ بكثير من عدد الضحايا المدنيين المباشرين لهجمات الأطراف المتحاربة والانتهاكات في اليمن. لا تُدرِج مواطنة في إحصاءاتها سوى الحالات التي وثّقها باحثو منظمة مواطنة بشكل مباشر. وبالنظر إلى العدد، تقول "مواطنة" إنها غير قادرة على التحقيق في جميع حالات الأضرار المدنية. ولا تمثِّل الأرقامُ المقدَّمة حصيلةَ الخسائر الفعليّة الناجمة عن الصراع.

كما أنّ الآليات المتعلقة بالإنصاف، التي تم وضعها حتى الآن من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة، غير كافية على الإطلاق لإنجاز مهمة ضمان تقديم جبر ضرر سريع وكافٍ وفعّال للضحايا من المدنيين، لا سيما في ضوء جسامة الانتهاكات التي ارتكبتها هذه الأطراف المتحاربة وحجم الأضرار المدنية الناتجة عنها. جميعُ الآليات القائمة لا تعمل بشكل فعّال وشفّاف. وكلها تفتقر - إلى حدٍّ كبير - إلى المصداقية. ولم تقم أيٌّ منها بإجراء تحقيقات فعّالة في الانتهاكات المزعومة، كما أنها لم تُقدِّم جبرَ ضرر كافيًا أو فوريًّا أو فعّالًا للضحايا المدنيين. 

وتطالب منظمة مواطنة لحقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي، إنشاء لجنة دولية لجبر الضرر في اليمن مصممة لضمان جبر الضرر للضحايا المدنيين من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات الجسيمة للقانون إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية.

والدعوة إلى إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وكاملة وسريعة وفعالة وبمعايير دولية وتقديم الدعم لها، في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في اليمن.

إضافة إلى تضمين لغة المساءلة في جميع قرارات وبيانات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومخرجاته الأخرى ذات الصلة عن اليمن، لتقديم جبر ضرر كامل للضحايا من المدنيين للانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تتحمل مسؤوليتها تلك الأطراف.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English