عامٌ آخر طوى صفحته من أعمار اليمنيين

لم تزل مشاريع المتحاربين تتربص بوعود السلام
خيوط
December 31, 2023

عامٌ آخر طوى صفحته من أعمار اليمنيين

لم تزل مشاريع المتحاربين تتربص بوعود السلام
خيوط
December 31, 2023
الصورة لـ: علي السنيدار

نودّع عام 2023، الذي لم يحقّق فيه اليمنيون أي اختراق لحالة (اللاهدنة، واللاحرب) التي يعيشونها منذ أبريل 2022، بتوقيع الهدنة الأولى -تجددت مرتين حتى أكتوبر من العام ذاته- ومنذ ذلك الحين وأطراف الصراع ورعاته ومموِّلوه، تكيل الوعود لتجاوز محنة الحرب التي صنعتها وغذت مفاعيلها، لتأكل في ثمانية أعوام الأخضرَ واليابس من مقدرات المجتمع وسلمه الأهلي ووحدة ترابه.

عامٌ معتم طوى صفحته من أعمار اليمنيين ولم تزل الطرقات الحيوية مغلقة، فشريان مدينة كتعز، الذي يفصل قلب المدينة عن ضاحيتها الشرقية، أشبه بمعبر مغلق تتحكم به قوة غليظة تحاصر أكثر من ثلاثة ملايين من السكان المحليين في المدينة وأطرافها الجنوبية والغربية، وفي نواحٍ كثيرة من الجغرافية اليمنية يضطر المسافرون بين المحافظات إلى قطع مسافات طويلة ملتوية ووعرة وشاقة للوصول إلى وجهاتهم في شرق البلاد وجنوبها، بسبب عقلية الحصارات ذاتها.

مرتبات الموظفين مقطوعة، بل وصارت ورقة للمساومة الفجة بيد المتفاوضين، ولم تزل الانتهاكات تتعاظم ويذهب بسببها ضحايا كثيرون في الأقبية والسجون المعلومة وغير المعلومة، والألغام تحصد أرواح الأبرياء في مناطق التماس في تهامة وتعز ومأرب وحجة. لم يزل الجوع والبرد يقتات من صبر النازحين ومن أعمارهم التي تبدّدت في المخيمات، دون أن يستطيعوا العودة إلى مساكنهم التي تركوها قسرًا.

سلطات الأمر الواقع في شمال البلاد وجنوبها، "تعتاش" على هذا الاختلال وتبني مستحكمات سلطاتها الاستبدادية بنزعاتها (السلالية والدينية والقروية)، بقوة السلاح والشعارات السائلة والجبايات والفساد، ولهذا السبب تعطل أي توجهات ومساعٍ للذهاب إلى السلام، الذي تتيقن أنه سيُعرّي زيفها الصلب. سلطات طارئة أسقطت واجبات الدولة من مخططاتها، واستبدلتها بمنظومة خدمات مُسلَّعة تديرها عبر متنفذيها، وتباع للسكان بأضعاف قيمتها (في التعليم والصحة والطعام والمياه). النخب السياسية والثقافية والاجتماعية التي عُوِّل عليها لتفكيك بنية الحرب صارت هي الأخرى جزءًا من تشبيكاتها المعقدة ومنافعها التي لا تنضب.

ولكن مقابل كل ذلك، هناك بقع ضوء تتخلق في العتمة الطويلة بواسطة أفعال اليمنيات واليمنيين على هيئة قصص متصلة للنجاح في شتى المناحي والمواضع، عنوانها أنّ الحياة أسمى من الموت، الذي تزينه وتُرغِّب به ماكينات إعلام سلطات الأمر الواقع في وعي شبان لم تزهر بعدُ بساتينُ أجسادهم الطريَّة.

وعد جديد يُنتظر مع مطلع العام 2024، بتوقيع الأطراف على خارطة طريق تُنهي سنوات الدم والبارود، عنوانها هدنة طويلة، وصرف المرتبات، وفتح الطرقات وتشغيل المطارات والموانئ الحيوية. تمهيدًا لانخراط الأطراف في مفاوضات الحل النهائي حول شكل الدولة وبناء المؤسسات وخطط التعافي السياسي والاقتصادي، ودفعت بهذا الوعد مع أواخر العام قوى إقليمية ودولية تريد أن تتخلص من ورطتها الطويلة في هذه الحرب، مقابل توريط اليمنيين في سنوات أخرى من العنف والفوضى، خصوصًا إذا ما تكشف في الأمر حيلة لترحيل المشكلة، وليس حلها بشكل جذري.  

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English