جامعيات يعدن إلى حياة الهامش في لحج

بسبب التمييز المجتمعي
محيي الدين فضيل
September 18, 2023

جامعيات يعدن إلى حياة الهامش في لحج

بسبب التمييز المجتمعي
محيي الدين فضيل
September 18, 2023
.

أرهقت تركة الحرب الثقيلة كاهل المواطنين اليمنيين، نتيجة ما أحدثته من انقطاع للرواتب، وارتفاع الأسعار، وتوقف معظم الأنشطة التي كانت تستقطب الكثير من الأيدي العاملة، وبالتالي التزايد المهول في أعداد العاطلين عن العمل.

لكن أثرها كان أكثر كارثية على فئة المهمشين التي تقع في أسفل سلّم الحقوق، حيث ضاعفت الحرب من معاناتهم واضطهادهم وأزماتهم التي لا تعد ولا تحصى. 

تحكي ملكة فتيني (41 عامًا)، من فئة المهمشين، بضواحي منطقة الحوطة عاصمة محافظة لحج (جنوب اليمن)، بحسرة وألم ما آلَ إليه وضعها الاقتصادي بعد أن كانت من القلائل اللائي كافحن للالتحاق بالتعليم الجامعي، حيث تحمل شهادة جامعية بكالوريوس في القانون العام، حصلت عليها قبل الحرب في العام 2014 .

لم تشفع سنوات الكد والترحال والمسافات الطويلة التي تتجاوز 40 كليو مترًا بين لحج ومدينة الشعب بعدن، التي كانت تقطعها فتيني يوميًّا في سبيل تحقيق حلم والدتها التي ظلت تجمع لها المال طيلة السنوات الأربع حتى تكمل تعليمها على أمل أن تتخرج ملكة وتساهم في تخفيف الواقع البائس الذي ترزح تحته أمها، وفئة المهمشين عمومًا. 

تقول فتيني لـ"خيوط": "التحقت بكلية الحقوق أنا وزوجي وتخصصت في القانون العام، وطوال مشواري التعليمي في الجامعة اعتمدت على ما تقدمه أمي، وفي قرارة نفسي أني سأرد دينها حال تخرجي والتحاقي بوظيفة ما، لكن الذي حدث أنه لم يتم استيعابي تحت مبررات لم تُفرض على آخرين توظفوا بشهادة الثانوية، من بينها ضرورة إحضار وثيقة بيان الدرجات والتقديرات التي لم أتمكّن من استخراجها بسبب الوضع المادي الذي نمر به". 

تتمنى صباح أن تتوقف مظاهر العنصرية تجاه فئة المهمشين والتي تحرمهم من أبسط حقوقهم في الدراسة والعمل والحياة، ومن بين هذه المظاهر التمييز في الحصول على الوظيفة العامة.

تواصل فتيني سرد تفاصيل الوضع الصعب الذي تشترك فيه هي وكل شريحة المهمشين في لحج وفي عموم مناطق اليمن، حيث تقول: "يعمل زوجي في بيع السمك، وما يتقاضاه لا يتجاوز ألفي ريال، مبلغ زهيد لا يكفي لمصروف يوم واحد، خاصة مع ارتفاع الأسعار التي حالت دون الحصول حتى على القوت الضروري".

لذلك حاولت في فترة سابقة البحث عن وظيفة، فتقدمت لوزارة التربية والتعليم عبر مكتبها في لحج عدة مرات، لكن دون جدوى؛ بسبب المحسوبية، ولكونها مهمشة، كما تعتقد، إذ شعرت -كما تؤكد فتيني- أنّ هناك عنصرية في التعامل معها ومع المهمشين بشكل عام.

 تمييز وعنصرية

في سياق متصل، تتحدث صباح، زميلة ملكة في ذات التخصص، وهي من فئة المهمشين لـ"خيوط" قائلة: "التحقت بكلية الحقوق وتحصلت على درجة البكالوريوس في تخصص القانون، عانيت كثيرًا بسبب المعاملة الدونية التي عشتها خلال سنوات الدراسة، ليضاف لها معاناة جديدة وهي معاناة الحصول على وظيفة".

دفعها ذلك للتوقف عن البحث، والبقاء حبيسة أربعة جدران، إلا من بعض المشاوير التي تعمل فيها كعاملة نظافة في إحدى المقارّ الحكومية، لكنها لم تستمر كثيرًا في هذا العمل، وتحاول توفير قوتها وأسرتها من خلال العمل بماكينة خياطة في المنزل.

تتابع صباح: "شاركت في برنامج التمكين الاقتصادي للمعنفات في فترة سابقة، حيث حصلت على ماكينة خياطة من إحدى المنظمات كهدية، تمثل في الوقت الحالي مصدر رزقي ورزق أسرتي الوحيد". 

تتمنى صباح أن تتوقف مظاهر العنصرية تجاه فئة المهمشين والتي تحرمهم من أبسط حقوقهم في الدراسة والعمل والحياة، ومن بين هذه المظاهر التمييز في الحصول على الوظيفة العامة.

غياب البيانات الإحصائية

يؤكد نعمان الحذيفي- رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين، في تصريح لـ"خيوط"، عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة عن عدد الملتحقين في التعليم من أبناء الفئة المهمشة، لكنه يجزم أن نسبة التحاق أبناء هذه الفئة بالتعليم مشجع مقارنة بالماضي، مشيرًا إلى صعوبة التحاق المهمشين بالتعليم لعدم وجود مدارس خاصة بهذه الفئة سوى مدرسة الأمل للمهمشين في تعز (جنوب غربي اليمن)، وماعدا ذلك فجميع الطلبة من فئة المهمشين ملتحقون بمدارس نظامية حكومية. 

يضيف الحذيفي في ختام حديثه، أنّ هناك أزمة بيانات عن عدد المهمشين حاليًّا باستثناء إحصائية صادرة في العام 2004، عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والتي تقدر عددهم بحوالي 3 ملايين ونصف، في حين تقدر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تعدادهم بأكثر من هذا الرقم المذكور.

•••
محيي الدين فضيل

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English