السعودية تفرج عن 163 يمنيًّا بوصفهم أسرى "حوثيين"

انتهاكات واعتقال لمجرد الاشتباه
نجم الدين قاسم
June 17, 2022

السعودية تفرج عن 163 يمنيًّا بوصفهم أسرى "حوثيين"

انتهاكات واعتقال لمجرد الاشتباه
نجم الدين قاسم
June 17, 2022

في مساء الـ6 من مايو/ أيار، أعلنت المملكة العربية السعودية الإفراج عن 163 من الأسرى التابعين لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، في عملية إطلاق من جهة واحدة، حيث تم نقل 108 منهم عبر طائرتين تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، من مطار أبها الدولي في السعودية إلى مطار عدن الدولي (جنوب اليمن)، و9 أشخاص نقلتهم طائرة أخرى إلى مطار صنعاء، بينما تم نقل 46 آخرين عبر البر إلى مناطقهم في المديريات الحدودية من المملكة. 

قوبلت عملية الإفراج هذه بترحيب دولي، حيث صرح المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن غروندبرغ في تغريدة على تويتر بترحيبه بهذه العملية، واصفًا إياها بالخطوة المهمة التي من شأنها لمّ شمل العائلات اليمنية، ولكن الغريب بالأمر أنه وصف الذين أُطلِقوا بأنهم محتجزون ومعتقلون وليسوا أسرى، بينما أشادت العديد من المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية بهذه الخطوة من قبل المملكة. 

إلّا أنّ الحوثيين في الجانب الآخر قالوا إنّ هؤلاء الذين أفرج عنهم ليسوا أسرى تابعين لهم، حيث أصدرت اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين بيانًا قالت فيه إنّ معظم الأشخاص الذين أفرجت عنهم السعودية ليسوا أسرى، بل مختطفين ومحتجزين وأنّ الأسرى التابعين لهم هم فقط 5 أشخاص، بالإضافة إلى 4 صيادين تم اختطافهم من البحر الأحمر في الحُديدة وهم الذين وصلوا إلى مطار صنعاء، وقال عبدالقادر المرتضى- رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابع للجماعة: "بعد تسلُّمنا الكشوفات من السعودية وجدنا أنها تحمل أسماء أشخاص ليسوا من أسرانا وغير معروفين لدينا، حينها أخبرنا اللجنة الدولية للصليب الأحمر أننا غير معنيين بهم، وعلى دول التحالف أن تتوقف عن المزايدة بملف الأسرى وتسيِيسه، حيث يُعتبر ملفًا إنسانيًّا بامتياز".

الأمر الذي أكّده بشير عمر- المتحدث الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، حيث صرح لـTaz، قائلًا: "كل الأشخاص الذين وصلوا إلى مطار عدن هم محتجزون وليسوا أسرى، تم احتجاز معظمهم في السعودية من قبل السلطات لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح باليمن"، وذلك عندما طلبت المملكة العربية السعودية من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتيسير هذه المهمة، أي بالقيام بنقل هؤلاء الأشخاص المحتجزين من المملكة العربية السعودية.

يقول عبد الباسط غازي- رئيس هيئة الدفاع عن المعتقلين: "إنّ اختطاف مدنيين ومعاملتهم كأسرى حرب يعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، وجريمة حرب قام بها التحالف، وعندما اتضح أنّ الذين تم إطلاق سراحهم هم محتجزون، كما صرحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فهذا من المفترض أن يضع السعودية أمام مساءلة قانونية

من جهتها، قبلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصفتها منظمة محايدة وغير متحيزة وتعمل في أوقات النزاعات المسلحة، هذا الدور، وقامت بعملية نقل هؤلاء المحتجزين من المملكة العربية السعودية إلى عدن، ومن ثَمّ قامت بتأمين وصولهم إلى مناطقهم المختلفة في البلد حيث تتواجد أسرهم وأحباءهم".

محتجزون وليسوا أسرى! 

في صبيحة الـ28 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، خرج محمد سالم رفقة 4 من أقرانه الصيادين على متن قاربي صيد من منطقة حيس بمحافظة الحُديدة (غرب اليمن)، لم تمر سوى دقائق قليلة منذ وصولهم إلى نقطة إنزال شباك الصيد وسط البحر الأحمر، حتى رأى الصيادون زورقًا حربيًّا يتبع القوات البحرية للتحالف العربي يقترب منهم، ويطلق النار عليهم دون سابق إنذار حتى بدأ القاربان بالغرق. 

يقول محمد سالم: "تفاجأنا بأن الزوارق الحربية تطلق علينا الرصاص فجأة، دون سابق إنذار حتى إننا كنّا بعيدًا جدًّا عن البوارج الحربية، وبعد أن أغرقت قواربنا وكل الصيد الذي كنا حصلنا عليه، اعتقلونا وذهبوا بنا إلى سفينة حربية تابعة للتحالف، وبعدها نُقلنا إلى السعودية دون أن نعرف ما الذي يحدث". 

ظل محمد وأصدقاؤه في سجون الاحتجاز بالمملكة العربية السعودية نحو 4 أعوام، حتى تم الإفراج عن اثنين منهم في هذه العملية رفقة (2) صيادَين آخرين من مديرية المخا، يقول عبدالله النهاري- رئيس تعاونية الصيادين في الحديدة: "في اليوم الثاني، عندما لم يعد محمد سالم ورفاقه من الصيد، اعتقدنا أنهم توفوا في عرض البحر وأقامت بعض العائلات مراسم العزاء، لكن بعد أيام وصلتنا أخبار أنهم أحياء وأنهم مختطفون من الجانب السعودي، انتظرنا أن يتم الإفراج عنهم كبقية المختطفين، لكن لم يتم الإفراج عنهم إلا بعد أربع سنوات. دائمًا ما تحتجز القوات البحرية للتحالف صيادِين من أبناء الحُديدة إلا أنه يتم الإفراج عنهم خلال أيام، لكن كانت المرة الأولى التي يستمر فيها احتجاز صيادين أكثر من 4 سنوات".

اعتقال لمجرد الاشتباه

في الجانب الآخر، التقت صحيفة Taz بـ(علي أحمد- اسم مستعار)، وهو من المُفرج عنهم خلال عملية الإطلاق ذاتها، وهو واحد من العمالة اليمنية في المملكة والتي تُقدر بمليوني عامل يمني، وقد تم احتجازه في بداية 2020 من قبل السلطات السعودية، بتهمة التخابر مع الحوثيين ورصد وإرسال إحداثيات تسهل للحوثيين قصف المنشآت العسكرية والخدمية داخل السعودية بالصواريخ. 

يقول علي أحمد: "في 29 يناير 2020، خرجت بسيارة العمل لجلب بعض الأغراض للمطعم الذي أعمل به، فسمعت أصوات الانفجارات في قاعدة خميس مشيط الجوية، والتي كنت أمر بجانبها أثناء سقوط صواريخ الحوثيين، قمت بتصوير الانفجار بالهاتف وأكملت طريقي، ولكن يبدو أنّ كاميرا الشارع رصدتني عندما صورت الانفجار، ولم تمر إلا ساعات حتى داهمت قوات الداخلية السعودية الغرفةَ التي أسكن فيها واعتقلوني بعد أن فقدت وعيي جراء الضرب بأعقاب البنادق". 

ويضيف علي: "تم التحقيق معي واتهامي بأنني أتجسس لصالح الحوثيين، وتلقيت تهديدات بالإعدام من قبل الضُّباط السعوديين، واستمر احتجازي لأشهر على ذمة التحقيق، قبل أن يتم نقلي إلى مكان تجميع المحتجزين اليمنيين، لا أعرف في أي محافظة لأنّهم أثناء نقلنا كانوا يقومون بتغطية وجوهنا بأقمشة سوداء، السجن الذي نقلوني إليه لا يرقى للعيش الآدمي، كان أشبه بمكب نفايات". 

انتهاكات إنسانية

الجدير بالذكر أنّ السلطات السعودية أقدمت على إعدام 81 شخصًا في 12 من مارس الماضي، بتهمة "الولاء لمنظمات إرهابية أجنبية"، والتمسك بـ"معتقدات منحرفة"، في أكبر عملية إعدام جماعي في تاريخ المملكة، كان من ضمن الذين تم إعدامهم 7 يمنيين، تم اتهامهم بالعمل لأجل الحوثيين والقاعدة، بينما التزمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا الصمت حيال هذا الأمر، ويرفض المسؤولون في الحكومة التصريح عن هذه العملية. 

يقول عبدالباسط غازي- رئيس هيئة الدفاع عن المعتقلين: "إنّ اختطاف مدنيين ومعاملتهم كأسرى حرب يعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، وجريمة حرب قام بها التحالف، وعندما اتضح أنّ الذين تم إطلاق سراحهم هم محتجزون، كما صرحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فهذا من المفترض أن يضع السعوديةَ أمام مساءلة قانونية، لأنّ القانون الدولي الإنساني وُضع ليحمي المدنيين في حالات الحرب". 

ويشهد اليمن، الذي يعد أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، حربًا منذ مارس 2015 بين القوات الموالية للحكومة المُعترف بها دوليًّا (مدعومة من دول الخليج)، وبين أنصار الله (الحوثيين) (المدعومين من إيران) الذين يسيطرون على جزء كبير من شمال البلاد، وخصوصًا العاصمة صنعاء. ووفق الأمم المتحدة، تسبب النزاع بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب.

* ينشر هذا التقرير بالتزامن مع صحيفة "TAZ" الألمانية

•••
نجم الدين قاسم

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English