"خيوط"

عن أمة عاشت ما يكفي في الهامش
خيوط
December 31, 2020

"خيوط"

عن أمة عاشت ما يكفي في الهامش
خيوط
December 31, 2020
© الصورة ل : خالد القاضي

مضت خمس سنوات منذ دخلت الحرب طورها الشامل. لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى بدأت عجلة الحياة اليومية في اليمن تتباطأ، وصولًا إلى التوقف شبه الكلي. فقد الآلاف أعمالهم، وتتالت أزمات الوقود والغذاء والدواء. وشهرًا بعد آخر، انهارت معظم مؤسسات الدولة التي كانت تنتظم حياة الناس من خلالها: التعليم، والصحة، والكهرباء، والمياه، إلخ.

أثناء هذه الانهيارات لسبل الحياة، بحث اليمنيّون عن بدائل لاستمرار حياتهم، رغم استمرار آلة الحرب في تشريدهم وقتلهم بدم بارد، وتقويض كيانهم ووجودهم، وتقطيع أسباب معيشتهم وتبديل مصائرهم. كل يوم من الحرب، لم يكفوا عن مقاومة ويلاتها، والأمل بتوقفها، واستكشاف طرق للتغلب على المشقة البالغة المفروضة عليهم.

إرادة الحياة التي تمسك بها اليمنيون منذ بداية الحرب، لا تزال مستمرة منذ خمس سنوات، غير أن الثقل الهائل لواقعهم الذي فاقت شدة قسوته حدود التصور، جعل صوتهم خافتًا، وقصصهم مخنوقة. من هنا خرجت فكرة إنشاء منصة إلكترونية تُعنى بنقل تفاصيل وقصص الناس الذين يواجهون هذا الواقع المزري بروح عصيّة على الانكسار. وهكذا ولدت قصة “خيوط”.

تبلورت فكرة هذه المنصة في نقاشات مجموعة من الكتاب والصحفيين والنشطاء المدنيين والباحثين، حتى تجسدت في هذه النوافذ التي نأمل أن نوفق من خلالها في تمكين اليمنيين من كتابة قصتهم؛ كيف يواجه الإنسان هنا تلاشي خيارات العيش الكريم؟ كيف يبتكر طرقه الخاصة لمقاومة فظاعة الحرب والتدمير دون أن يتخلّى عن آماله وأحلامه بحياة أفضل؟ إن الحياة التي تشظت بفعل الحرب، نحاول إعادة لملمتها بهذه الـ”خيوط”.

سألنا أنفسنا كثيرًا: ما الذي يمكننا فعله في واقع يطغى فيه صوت العنف ولغة السلاح على صوت السلام والحوار؟ ونعرف أنه سؤال يشغل كثيرًا من الصحفيين والكتاب والنشطاء والباحثين والأكاديميين، وكل أولئك المؤمنين بقيم الحوار والتعايش والعدالة والتسامح والحرية والمواطنة؛ إذ لا أحد يريد العيش وسط حرب كل هذا الوقت، بمن في ذلك أطرافها أنفسهم. لذلك تسعى “خيوط” لمقاومة حالة الصمت وروح الإحباط، والبيات الطويل الذي ولدته الحملة الشرسة على الإعلام ووسائل المعرفة والتعبيرات المدنيّة، من القمع والترهيب والتحريض، إلى محاولات توظيفها في سياق الحرب الممتدة منذ خمس سنوات.

طيلة هذه السنوات، عاش اليمنيون فظاعات الحرب في هامش العالم، فما يصل عنهم إلى دائرة الاهتمام العالمي لا يشكل سوى غيض من فيض. وفي كثير من الحالات، لا تخلو تغطيات الشؤون الإنسانية من الاستثمار السياسي

طيلة هذه السنوات، عاش اليمنيون فظاعات الحرب في هامش العالم، فما يصل عنهم إلى دائرة الاهتمام العالمي لا يشكل سوى غيض من فيض. وفي كثير من الحالات، لا تخلو تغطيات الشؤون الإنسانية من الاستثمار السياسي لأطراف النزاع المحلية والإقليمية والدولية. ومن ناحية أخرى، أفضى القصور المهني الإعلامي في مواكبة خصوصية مرحلة الحرب، إلى استحواذ وسائل الدعاية الحربية على فضاء المعرفة. وهكذا يتم توجيه الرأي العام العالمي بعيدًا عن تفاصيل “أكبر مأساة إنسانية في العالم”.

لذلك، تروم “خيوط” تقديم محتوى صحفي وكتابي وتحليلي مغاير للرائج من الكتابات والتناولات التي تتسم باللغة المتشنجة والأحكام الانفعالية المتأثرة بالتوتر الذي أفرزته الحرب والانقسام، ونقل صوت الإنسان في اليمن من الهامش إلى متن الحياة المتصلة بالمشترك الإنساني والحضاري مع شعوب العالم. ففي هذا البلد المعزول، تستمر الحياة على مشقتها الرهيبة، وكلما طالت فترة الحرب، انفتح وعي اليمنيين على نبش إمكاناتهم المطمورة. وهي إمكانات لا تقتصر على قدرة احتمالهم للنوائب فحسب، بل تمتد للإبداع والابتكار في أحلك الظروف. غير أن عدم تشارك هذه الإمكانات مع شعوب العالم، جعل اليمن يبدو كما لو أن حضوره على كوكب الأرض توقف عند آخر ممالكه القديمة. هذا ما جعلنا ننشئ نافذة موسوعية ضمن المنصة تحت اسم “يمن بيديا”، نخصصها لتدوين مغاير للسيرة المغفلة لأبرز الشخصيات، الأماكن، الأحداث، الوثائق، وكل ما نستطيع الوصول إليه من تفاصيل جديرة بالتدوين والتشارك، عن أمة عاشت ما يكفي في الهامش.

في بقية نوافذ “خيوط”، نقدم التحليل المنهجي للأحداث والمتغيرات في سياقاتها المحلية، والإقليمية، والدولية. نرصد قصص حياة الناس، آمالهم وتطلعاتهم، رؤيتهم للحياة عبر أنماط العيش ومتطلباته: التعليم، والاقتصاد، والأزياء، والموسيقى، والأدب، والرسم، والمعمار، وغيرها؛ كلّ ما يستحق التدوين والتشارك، سندونه ونتشاركه مع جمهور المنصة في الداخل والخارج.

تؤكد “خيوط” حرصها في أداء عملها على تغليب المصلحة العامة، على أية مصالح أخرى. كما تؤكد التزامها بالعمل وفق “ميثاق شرف” لا يقبل التأويل، ومستمد من أخلاقيات مهنة الإعلام والعمل المعرفي الخلاق، ومن حق الناس في وصول أصواتهم إلى كل العالم. وتنفتح “خيوط” على الاستفادة من التجارب الإعلامية الناجحة والخلاّقة، القائمة على تقديم معلومة دقيقة، مع الاهتمام بتحليل سياقاتها وأبعادها، والالتزام بالموضوعية والمهنية، والبحث الاستقصائي المعمّق.

وتعتمد “خيوط” مبدأ الشفافية بشأن مصادر تمويل أنشطتها. وإلى كونها تأسست وانطلقت بمساهمات مالية من هيئة التأسيس، فهي لا تقبل أيّ مال سياسي ولا أي دعم مشروط بشكل صريح أو ضمني. فيما عدا ذلك، تنفتح المنصة على تلقي الدعم غير المشروط، وعقد شراكات مع مؤسسات أو منظمات تؤمن بنفس التوجه والقيم، مع التأكيد على عدم تعارض هذا الدعم مع استقلالية المنصة وقيمها، ومهنية محتواها وموضوعيّته.

دعوة للمساهمة:

ولا ننسى توجيه الشكر الخالص لكل من تفاعل مع “خيوط” من كتاب وتقنيين، حتى وصلت إلى نقطة البداية. يسرنا عند هذه النقطة، دعوة الزملاء الصحفيين والكتاب والمصورين المهتمين بالكتابة أو التغطية لـ”خيوط”، أن يرسلوا مقترحاتهم للمواد التي تهمهم، على بريد المنصة: info@khuyut.com

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English