مثقَلو الكاهل في مأرب

بسبب الغلاء والفاقة والنزوح
إسحاق الحميري
April 15, 2023

مثقَلو الكاهل في مأرب

بسبب الغلاء والفاقة والنزوح
إسحاق الحميري
April 15, 2023
مخيم الميل في محافظة مأرب -تصوير: حمزة القديمي - خيوط

"لا أستطيع شراء كيس دقيق في الأيام العادية، فكيف أستطيع توفير احتياجات رمضان مع هذا الغلاء؟"؛ بهذه الكلمات يلخص عابد علي، في العقد الثالث من عمره، حجمَ المعاناة التي يعيشها في مأرب (شرقي اليمن)، إذ يلخص بذلك الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية التي تحرم الكثير من اليمنيّين طقوس شهر رمضان وخصوصيته.

وتعيش مختلف المدن اليمنيّة على وقع أزمات معيشية حادّة مع تدهور العملة المحلية وتجزِئَتها بين طرفي الصراع والانقسام النقدي والمالي والتردّي الاقتصاديّ، في ظلّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض القوة الشرائية لمعظم السكان في اليمن.

يضيف عابد لـ"خيوط"، قائلًا: "ارتفاع الأسعار أثقل كاهلي، فلم أعد أستطيع توفير الاحتياجات الأساسية لأفراد أسرتي، حيث تزداد شدة المعاناة، نتيجة النزوح والفقر والغلاء".

يتحدّث هذا المواطن بلسان الكثير من سكان المحافظة ومئات الآلاف من النازحين الذين لجؤوا لها من جحيم الحرب والصراع الدائر في اليمن منذ العام 2015، إذ تعيش البلاد منذ ذلك الحين أوضاعًا صعبة، في ظلّ عدم وجود حل سياسيّ ينهي الأزمة القائمة حتى الآن.

يؤكّد عابد، أنّ معاناة النزوح تهون أمام ارتفاع الأسعار، حيث يعمل ليل نهار من أجل شراء كيس دقيق (50 كيلوغرامًا) والذي تصل تكلفته إلى نحو 40 ألف ريال يمنيّ، مضيفًا: "وعندما أعود إلى البيت أتفاجأ بزوجتي تخبرني أنّه لم يعد هناك سكر وأرز وزيت وغاز".

لا يستطيع مثل هذا المواطن توفير ما أمكن من أبسط الاحتياجات المعيشية التي تعدّ من ضروريات الحياة اليومية في الأيام العادية، في حين تتفاقم المعاناة مع حلول شهر رمضان الذي تزيد معه الحاجة لكل هذه المتطلبات. 

يشير مدير إدارة حماية المستهلك بمكتب الصناعة والتجارة، سليم العضيلي، إلى أنّ حملة التفتيش مستمرة وبشكلٍ متواصل طوال شهر رمضان، مؤكدًا ضبط ما يقارب 5000 لتر من زيت الطبخ المغشوش المقلد، إضافة إلى "مخزن" يستخدمه تجار لإعادة تعبئة بعض المواد الأساسية كالأرز والدقيق غير صالحة للاستخدام بسبب انخفاض جودتها.

في حين يشرح المواطن عبدالرحمن قايد، من سكان مدينة مأرب، لـ"خيوط"، كيف استقبل شهر رمضان هذا العام، في ظلّ ارتفاع الأسعار وانعدام فرص العمل، قائلًا إنّ ارتفاع الأسعار هذا العام كانت استثنائية مقارنة بالأعوام السابقة وأشدّ قساوة، وهو ما دفع الكثير للتخلّي عن التمر الذي وصلت أسعاره إلى مستويات قياسية والاكتفاء بالماء وقت الإفطار.

تفشّي الغش التجاري

يصف مواطن -فضّل عدم ذكر اسمه- لـ"خيوط"، بحسرة تفاقمَ معاناتهم، قائلًا: "أصبحت أنام وأنا أفكر بإيجار المسكن وكيفية توفيره والذي يزيد من همومنا ويجعلنا في حالة توتر وقلق دائمة".

وتسبّبت الحرب في اليمن في تدني الأوضاع المعيشية واتساع دائرة الجوع والفقر، في وقت اتّجه فيه العشرات من محدودي الدخل إلى اتباع خيارات قاسية بحثًا عن طعام يسدّ جوعهم.

ويحمّل مواطنون السلطات الرسمية في الحكومة المعترف بها دوليًّا مسؤولية ارتفاع حدّة الأزمات وتفاقم معاناتهم، وعدم إيجاد أيّ حلول للوضع الاقتصاديّ المتردّي والعملة المحلية المضطربة، إضافة إلى المسؤولية التي يتحمّلها مكتب التجارة في وزارة الصناعة والتجارة بالمحافظة، في مراقبة الأسعار وضبط الأسواق والمتلاعبين بأقوات الناس.

لكن بالمقابل، تؤكّد السلطات المحلية ومكتب وزارة الصناعة والتجارة بمأرب، تنفيذ حملة تفتيش واسعة شملت أسواق المدينة، تم خلالها ضبط ما يقارب طُنّين من المواد منتهية الصلاحية والتالفة، إضافة إلى حملة بالتوازي مع ذلك للتوعية بحقوق المستهلك، وكيفية التثبّت من السلعة قبل الشراء، وتخصيص رقم لاستقبال شكاوى المواطنين.

ويشير مدير إدارة حماية المستهلك بمكتب الصناعة والتجارة، سليم العضيلي، لـ"خيوط"، إلى أنّ حملة التفتيش مستمرّة وبشكلٍ متواصل طوال شهر رمضان، مؤكّدًا ضبط ما يقارب 5000 لتر من زيت الطبخ المغشوش المقلد، إضافة إلى "مخزن" يستخدمه تجار لإعادة تعبئة بعض المواد الأساسية، كالأرز والدقيق غير صالحة للاستخدام، بسبب انخفاض جودتها.

يتم ذلك من خلال وضعها في أكياس تحمل علامات تجارية أخرى معروفة وذات قيمة عالية في الأسواق وبيعها على هذا الأساس، إضافة -وفقَ حديث العضيلي- إلى ضبط كميات مختلفة ومتنوعة من المواد الغذائية، لدى تجار التجزئة.

تعدّد الأساليب

ويوضّح مدير إدارة حماية المستهلك أنّ هناك تفاوتًا في أسعار السلع بسبب تقلّبات صرف العملة وتأثير ذلك على عملية نقل البضائع داخل محافظة مأرب أو من محافظات أخرى، مثل محافظة عدن أو صنعاء، فهي تختلف بحسب الجمارك والضرائب التي يدفعها التجار لنقل البضاعة، لافتًا إلى أنّ ضبط أسعار السلع والمواد الغذائية مرتبط باستقرار العملة مع الاعتماد الكليّ على الاستيراد من الخارج.

وتتعدّد أساليب الغش في بعض السلع، مثل التغيير في تاريخ صلاحيتها أو إزالته لتضليل المستهلك، إضافة إلى استغلال شهر رمضان في تداول سلع ومنتجات صلاحيتها على وشك الانتهاء.

ويعيش اليمنيّون أوضاعًا صعبة منذ اندلاع الحرب في العام 2014، وما أضافه النزوح من معاناة إلى جانب تبعات الصراع الأخرى المتعدّدة، إذ يعيش النازحون في مأرب ظروفًا اقتصادية ومعيشية قاسية.

•••
إسحاق الحميري

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English