التهمة أنها مهمشة؟!

عشرون طعنة تخترق قلبًا مفعمًا بالحياة والحب
هاني أحمد أبو أصبع
October 11, 2021

التهمة أنها مهمشة؟!

عشرون طعنة تخترق قلبًا مفعمًا بالحياة والحب
هاني أحمد أبو أصبع
October 11, 2021

لم يكن يعرف أهالي قرية البرح عزلة مقبعة، مديرية حزم العدين محافظة إب، أن يوم الجمعة 2 أغسطس/ آب 2019، سيشهد جريمةً ارتُكبت بدم بارد، ودون أي ذنب للضحية.

تعد مديرية حزم العدين محافظة إب، بكل قراها وعزلها، من المناطق النائية، ومن ذلك قرية البرح الذي ذهب أهلها إلى مسجدها لأداء صلاة الجمعة.

عقب انتهائهم من الصلاة، عاد كل شخص إلى بيته لتناول وجبة الغداء، وعاد بدوره غالب السلمي هو الآخر إلى بيته. وبالقرب من منزله شاهد الباب مفتوحًا على غير العادة.

استمر بالمشي حتى وصل إلى الباب المفتوح، فتصلبت قدماه من هول الفاجعة التي كانت تنتظره في الداخل، حيث شاهد الصالة مغطاة بالدماء وجسد زوجته، هدى البحراني، ملقى على الأرض بلا حركة، وزوجته الثانية تقف بشموخ أمام الجثة.

حواجز محطمة

هدى البحراني، البالغة من العمر 30 عامًا، هي من فئة المهمشين، وكانت قبل زواجها بغالب تعيش في منزل والدها في قرية الجبجب، مديرية حزم العدين محافظة إب.

كانت هدى -قبل زواجها- تبلغ من العمر 27 سنة حين وقعت في حب غالب السلمي، وذلك في أواخر العام 2016، حيث كان الحب هو الضابط الوحيد لهذه العلاقات الإنسانية، وهدى شابة قلبها مفعم بالحياة، ولذا اعتقدت أن الحب المتبادل بينها وبين غالب سيحطم كل الحواجز الاجتماعية التي تحول بينهما.

أما غالب فهو رجل في الخمسينيات من العمر، ويعيش في قرية البرح عزلة مقبعة مديرية حزم العدين محافظة إب، ومتزوج بامرأتين؛ الأولى تعيش في صنعاء مع أولادها الشباب، والزوجة الثانية تعيش معه في القرية.

عانت هدى في بيت الزوجية الجديد العديد من المشاكل بسبب النظرة الدونية لنساء القرية التي اعتبرنها أقل درجة في السلم الاجتماعي، وتم التعامل معها بعنصرية بسبب لون بشرتها وانتمائها إلى فئة المهمشين.

ورغم كبر سنة فقد أوقع بالشابة المهمشة هدى في شراك حبه وسعى للزواج منها، رغمًا عن العقبات الاجتماعية التي تقف في طريق التواصل بين هؤلاء المهمشين وبقية أفراد المجتمع اليمني.

اتفقت هدى وغالب على الزواج، وطلب منها إقناع والدها وأسرتها لتمهد له الطريق أمامهم. وبالفعل حاولت هدى إقناع والدها بزواجها، لكن والدها قابل هذا الأمر بالرفض القاطع، خوفًا من التبعات الخطيرة التي قد تترتب على مثل هكذا زواج.

أبلغت هدى غالب أن والدها رفض زواجها منه، فحضر المتقدم للزواج بنفسه إلى والد هدى وطلب يدها منه. وبعد أن تبادلا أطراف الحديث جابه غالب مرة أخرى رفض الأب على القبول، وعاد بخفي حنين.

بعد شهر، خشي والد هدى من أن تؤدي العلاقة بين ابنته وغالب إلى ما لا تحمد عقباه، فقرر التوجه إلى والده (وهو كبير العائلة) في قرية شاهر، عزلة جبل عميقة مديرية حبيش، ليطرح عليه المشكلة.

تناول وجبة الغداء هناك، ولم يكن يعرف بأن غالب قد سبقه بأيام في زيارة خاطفة لجد هدى، وطلب مرة أخرى يد الشابة من جدها.

وفي المقيل، أثناء عادة مضغ القات في مجلس بيت الجد، شرح الأب الموقف لوالده، فطلب منه الأخير الموافقة، وإتمام مراسيم الزواج، فتمّ الامتثال له، رغم أن والد هدى طلب الموافقة بشرط، وهو التزام مشائخ وأعيان منطقته بحفاظ غالب على ابنته، وأن يتحمل المسؤولية إذا تعرضت لأي مكروه، كما اشترط سكن الزوجين في منطقة السحول.

تواصلت العائلة مع غالب الذي ينتظر جوابًا، وتوجه الجميع إلى منزل الأمين الشرعي في قرية الضراب، وهناك اعتقد الأب أنها فرصته الأخيرة لإفشال الزواج، حيث شرح للأمين الشرعي أن ابنته من الفئة المهمشة، فرد الأول: ديننا واحد. تم تحرير توكيل لجد هدى لتزويجها، بعد أن يقوم غالب بتنفيذ الشروط المطروحة عليه. 

مشاكل النظرة الدونية

تزوجت هدى، وبالفعل انتقلت للعيش في منطقة السحول، وبعد أربعة أشهر نقل الزوج زوجته الجديدة إلى منزله بقرية البرح، عزلة مقبعة مديرية حزم العدين، لتعيش مع زوجته الأخرى.

عانت هدى في بيت الزوجية الجديد العديد من المشاكل بسبب النظرة الدونية لنساء القرية التي اعتبرنها أقل درجة في السلم الاجتماعي، وتم التعامل معها بعنصرية بسبب لون بشرتها وانتمائها إلى فئة المهمشين.

وبعد أكثر من عام من زواجها، رزقت بطفلة كرّست هدى جل وقتها للاعتناء بها، وبعد شهر من وضعها تعرضت الطفلة لمحاولة قتل عن طريق ابن زوجها الذي قدم من صنعاء ليضع يديه الغليظتين حول عنق الطفلة في محاولة لخنقها، لكن هدى كانت هناك واستطاعت إنقاذها. 

وما هي إلا أسابيع قليلة، حتى قدم ابن زوجها، ويدعى نور الدين، إلى منزل والده في زيارة سريعة، انتهت بتسديده عشرين طعنة بخنجر حربي إلى جسدها، توفيت على إثرها فيما لاذ هو بالفرار.


•••
هاني أحمد أبو أصبع

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English