انخراط الحوثيين في حرب غزة

هل يعيق آفاق التوصل إلى تسوية في اليمن؟
خيوط
November 15, 2023

انخراط الحوثيين في حرب غزة

هل يعيق آفاق التوصل إلى تسوية في اليمن؟
خيوط
November 15, 2023
.

المصدر: مركز سوفان

 ترجمة: عبدالله قائد/ خيوط

- أطلقت حركة الحوثيين اليمنية وابلًا من الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل دعمًا لحماس، حيث يواصل وكلاء إيران إظهار استعدادهم للتصعيد.

- من المستبعد أن تؤثر هجمات الحوثيين، التي جرى اعتراضها كلّها تقريبًا، بشكلٍ جوهريّ على مسار الحرب بين إسرائيل وحماس أو تغير السياسة الأمريكية أو الدولية بشأن الصراع في الشرق الأوسط.

- قد تحظى عمليات الإطلاق الحوثية بشعبية داخل اليمن، إلا أنها من المؤكد ستعقّد الوساطة لإنهاء صراع الحركة مع حكومة الجمهورية اليمنية المدعومة من السعودية والإمارات العربية المتحدة.

- أثار القصف دعوات متزايدة لإعادة الحوثيين إلى القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.

أطلقت جماعة الحوثيين، ثلاث مرات على الأقل منذ هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر، وابلًا من صواريخ كروز الهجومية البرية والطائرات المسلحة المسيرة التي زودتها بها إيران باتجاه إسرائيل، التي تبعد أكثر من ألف ميل عن اليمن. وجرى في جميع الحالات تقريبًا، اعتراض الأسلحة قبل أن تصل إلى هدفها المقصود، وإن كان في كل حالة، من قبل شركاء إقليميين وعالميين مختلفين. ومن المرجح أن تكون صواريخ كروز الخاصة بالهجوم البري نسخة من صاروخ "قدس-3" الإيراني، الذي يبلغ مداه حوالي ألفي كيلومتر. عرض الحوثيون نسختهم من طراز قدس-3 في عرض عسكري في سبتمبر 2022 في العاصمة اليمنية صنعاء. 

استولى الحوثيون على صنعاء من حكومة الجمهورية اليمنية في عام 2014. ومن بين وابل من خمسة صواريخ كروز و30 طائرة مسلحة مسيرة أطلقت في 19 أكتوبر، اعترضت المدمرة "يو إس إس كارني" أربعة من الصواريخ والعديد من الطائرات المسيرة، وهي مدمرة صواريخ موجهة جرى نشرها في شمال البحر الأحمر. وبحسب ما ورد، جرى اعتراض أحد صواريخ كروز بواسطة بطارية صواريخ باتريوت قدمتها الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية، وهي قائدة التحالف العربي الذي حارب، منذ مارس 2015، في محاولة منه لدحر الحوثيين إلى معقلهم التاريخي في شمال اليمن.

أطلق الحوثيون طائرتين مسلحتين في 27 أكتوبر أسقطتا أو تحطمتا في مصر أو بالقرب منها، إحداهما أصابت مبنى في مدينة طابا المطلة على البحر الأحمر وأصابت ستة أشخاص. وفي 31 أكتوبر، دمرت إسرائيل وابلًا من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز للحوثيين. كما أسقطت طائرة أمريكية الصنع من طراز F-35 صاروخ كروز. وأسقط "نظام آرو" للأسلحة، الذي طورته الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل مشترك، صاروخًا باليستيًّا للحوثيين استهدف على ما يبدو مدينة إيلات الساحلية في جنوب إسرائيل.

وعبّرت عمليات الإطلاق عن نية الحوثيين دعم معركة حماس ضدّ الهجوم البري الذي يشنه الجيش الإسرائيلي على غزة، وزادت من المخاوف الأمريكية والدولية بشأن التوسع المحتمل للحرب بين إسرائيل وحماس إلى حريق إقليمي. وتأكيدًا لمسؤولية الحوثيين عن الهجوم الذي وقع في 31 أكتوبر، قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز إنه سيكون هناك مزيد من هذه الهجمات "لمساعدة الفلسطينيين على النصر". وألقى باللوم على إسرائيل في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، قائلًا إنّ "دائرة الصراع" في المنطقة يتم توسيعها بسبب "جرائمها المستمرة".

باستهداف إسرائيل، بدا أنّ مساعي الضربات الحوثية لا تهدف فقط إلى التأثير على الجمهور اليمني المحلي، بل وأيضًا على الشارع العربي والإسلامي لتعزيز صورة الحوثيين في المنطقة الأوسع، والتي كانت قد تضررت بسبب حربها مع التحالف الذي تقوده السعودية، ويبدو أن الضربات نفذت شعار الحركة.

وبينت الهجمات أنّ الحركة -التي لا تتلقى صواريخ وطائرات مسيرة فحسب، بل تتلقى تمويلًا إيرانيًّا واسع النطاق- تعمل بالتنسيق مع حلفاء طهران الآخرين في العراق وسوريا ولبنان لعرقلة الهجوم الإسرائيلي على غزة وتمكين الفلسطينيين وغيرهم من المعارضين في جميع أنحاء المنطقة. ومع ذلك، وعلى النقيض من حلفاء إيران في العراق وسوريا، بدا أنّ هجمات الحوثيين تستهدف إسرائيل، وليس القوات الأمريكية أو القواعد الأمريكية في المنطقة. يشير اختيار الأهداف إلى أن قادة الحوثيين يريدون إرسال رسالتهم الخاصة نحو أزمة الشرق الأوسط داخل "محور المقاومة" الإيراني. 

فمنذ 17 أكتوبر، شنّت الجماعات المدعومة من إيران في العراق وسوريا 28 هجومًا بالصواريخ والطائرات المسلحة المسيرة على مواقع أمريكية في شرق سوريا والعراق، بما في ذلك أربيل التي يسيطر عليها الأكراد العراقيون. ومع ذلك، من الناحية العملية، لم يكن لهجمات الحوثيين، كما هو الحال مع الهجمات على القوات الأمريكية من وكلاء إيرانيين آخرين، أيّ تأثير فعلي على مسار الحرب بين إسرائيل وحماس، ولا يبدو أنّها تؤثر على السياسات الإسرائيلية أو الأمريكية أو العالمية بشأن الأزمة.

وباستهداف إسرائيل، بدا أنّ مساعي الضربات الحوثية لا تهدف فقط إلى التأثير على الجمهور اليمني المحلي، بل وأيضًا على الشارع العربي والإسلامي لتعزيز صورة الحوثيين في المنطقة الأوسع، والتي كانت قد تضررت بسبب حربها مع التحالف الذي تقوده السعودية. ويبدو أنّ الضربات نفذت شعار الحركة: "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام". ومن خلال إظهار استعدادهم لتجاوز مجرد الخطاب ضدّ إسرائيل، يأمل الحوثيون في وضع حركتهم على النقيض بشكل إيجابي، ليس فقط مع منافسيهم في حكومة الجمهورية اليمنية، بل أيضًا مع داعمي الحكومة في الرياض وأبو ظبي والقاهرة، فضلًا عن تعزيز صورة الحركة في أوساط السكان في مناطق منافسيهم. 

ربما يسعى الحوثيون بشكل خاص إلى إحراج وتقويض منافسهم الإقليمي الرئيسي، المملكة العربية السعودية، التي كانت، في وقت هجوم حماس الإرهابي في 7 أكتوبر، تشارك في مناقشات مع المسؤولين الأمريكيين حول الشروط التي بموجبها قد تطبع المملكة العلاقات مع إسرائيل. 

ومع ذلك، فإنّ هجمات الحوثيين على إسرائيل تشكّل مخاطر على الأهداف العامة للحوثيين في اليمن. وتهدّد عمليات الإطلاق بعرقلة التقدم الذي أحرزته مجموعة واسعة من الوسطاء نحو إنهاء الصراع الأهلي المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمن في اليمن، وهي تسوية يأمل الحوثيون أن تضعهم في مناصب رئيسية في الحكومة اليمنية الوطنية بعد الحرب، بل وأن تمكنهم من الهيمنة عليها.

ومن المرجح أنّ تثير هجمات الحوثيين قلق القادة السعوديين، الذين يجرون محادثات سلام مع مفاوضين حوثيين، من خلال إعطاء الانطباع بأن الحوثيين على استعداد لزعزعة استقرار المنطقة، ربما بناء على طلب طهران، بدلًا من التفاوض بحسن نية على حلّ سياسي في اليمن. على الرغم من أن إطلاق الصواريخ كان يستهدف إسرائيل، وليس المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة، بدا أنّ القصف يعطل وقف تصعيد القتال في اليمن، منذ أن جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار في أبريل 2022، والذي صمد ضمنيًّا منذ انتهاء صلاحيته رسميًّا في أكتوبر 2022.

وبُعيد أيام قليلة من اعتراض بطارية باتريوت السعودية للمقذوفات، أفادت الأنباء أنّ الحوثيين قتلوا أربعة جنود سعوديين، مما أثار مخاوف من أن القتال في الميدان قد يشتعل من جديد. كما أنّ إطلاق الحوثيين للصواريخ والطائرات المسيرة، باستخدام التسليح الذي زودتهم به إيران، يتناقض أيضًا مع روح اتفاق التقارب المبرم في مارس 2023، بين السعودية وإيران، والذي ورد أنه تضمن التزامات إيرانية بالحدّ من شحنات الأسلحة إلى الحوثيين.

وقد يشكّل احتمال تحول القادة الأمريكيين نحو خطّ أكثر تشدّدًا ضدّ الحركة، خطرًا أكبر على قدرة الحوثيين على تحقيق نتيجة مقبولة في تسوية يمنية. جرى اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة التي تم إطلاقها في 19 أكتوبر من قبل USS Carney، غير أنّه من المحتمل أن تكون قد ألحقت أضرارًا بالسفينة وقتلت أو جرحت أفرادًا عسكريين أمريكيين.

وربما تعجل هذه النتائج بانتقام أمريكي مباشر ضدّ منشآت الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية. وحتى من دون ضرب أيّ أشخاص أو أصول أمريكية، فإنّ نية الحوثيين ضرب إسرائيل قد تدفع المسؤولين الأمريكيين أيضًا إلى التشكيك في قرارهم بخفض الدعم العسكري الأمريكي المقدم للقوات السعودية والإماراتية التي تقاتل الحوثيين في اليمن. في عام 2018، بدأ المسؤولون الأمريكيون في تقليص المساعدات من أجل الضغط على الرياض وأبو ظبي للتحول نحو مفاوضات إنهاء الحرب مع الحوثيين والابتعاد عن المُضي بتحقيق نصر في المواجهة معهم.

على الرغم من أنّ المسؤولين الأمريكيين لم يعلنوا بعد عن أي تغيير في السياسة تجاه الحوثيين منذ بدء الهجمات، فإنّ الكثيرين في الكونغرس الأمريكي ومجتمع الخبراء الأمنيين الأمريكيين يدعون الآن إلى اتخاذ موقف أمريكي أكثر صرامة تجاه الحوثيين. ويؤكّد البعض أنّ إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل يتماشى بقوة مع استراتيجية "وحدة الجبهات" الإيرانية للضغط على إسرائيل على محاور متعددة، وبالتالي تبرير إعادة الحوثيين إلى القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.

وينطوي هذا التصنيف على عقوبات اقتصادية أمريكية كبيرة على الجماعات التي يتم تصنيفها. في أوائل عام 2021، أخرج المسؤولون الأمريكيون الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بحُجّة أنّ التصنيف، الذي تم في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب، عقد الجهود الأمريكية لتزويد الشعب اليمني بالمساعدات الإنسانية وأعاق الدبلوماسية الأمريكية للتوصل إلى حل لحرب اليمن. ومع ذلك، من غير المرجح أنّ يخاطر قادة الولايات المتحدة بتوسيع عدم الاستقرار في المنطقة من خلال إعادة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وبالتالي بما قد يشير إلى التخلي الفعلي عن جهود السلام الأمريكية في اليمن.

-------------- 

نشر هذا التحليل باللغة الإنجليزية على الرابط التالي:

https://thesoufancenter.org/intelbrief-2023-november-8/

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English