الجفاف يهدد اليمن

أزمة مياه وتدهور الإنتاج الزراعي
لؤي سلطان
June 17, 2022

الجفاف يهدد اليمن

أزمة مياه وتدهور الإنتاج الزراعي
لؤي سلطان
June 17, 2022
Photo by: Mohamed Alselwy - © Khuyut

يشهد اليمن موجة جفاف واسعة مع تأخر هطول الأمطار، الأمر الذي شكّل مصدر قلق للمزارعين، وفاقم معاناتهم بسبب تأخر موسم الزراعة، ودفع الكثير من الفلاحين إلى وضع البذور وحرث الأرض، وكذلك بيع المواشي بأسعار زهيدة بعدما عجزوا عن شراء الأعلاف لمواشيهم.

تأخَّر فصل الصيف كثيرًا هذه السنة، بعكس توقعات المزارعين؛ ما دفع بعضهم لحرث الأراضي ووضع البذور قبل أكثر من شهرٍ من اليوم، وهو الموعد الذي اعتادوا فيه سنويًا زراعة أرضهم. إضافة إلى أنّ تراجع منسوب هطول الأمطار السنوي عما كان معتادًا في فصل الصيف في اليمن، حسب التقويم الزراعي الذي لا يزال المزارعون في الأرياف يتعاملون به- شكّل مصدر قلق يهدد إنتاجهم الزراعي.

محمد علي القوسي، مُزارِع، من مدينة حجة، يقول لـ"خيوط": "قمنا هذه السنة بحراثة الأرض وبذر البذور، لكن شحة الأمطار وتأخُّر هطوله، أعاق نشاطنا الزراعي"، إذ يرى هذا المزارع أنّ ذلك ينذر بكارثة تفسد البذور، حينها لن يستطيعون تحمل هذه الكارثة، خصوصًا في ظل هذا الوضع الذي تمر به البلاد من حرب وصراع وأزمة اقتصادية.

تمر اليمن بتغيرات مناخية واسعة وتدهور في الأراضي الصالحة للزراعة وأزمات متلاحقة في الوقود وعدد من التحديات التي يعاني منها القطاع الزراعي الذي يعتبر أكبر القطاعات التشغيلية للأيدي العاملة في البلاد

بحسب القوسي، لم يمرّ على اليمن سنة جدب وقحط كهذه في المواسم الماضية، حيث يأتي هذا التوقيت وقد دخل موسم الحصاد الزراعي، لكن الأمر اختلف هذا العام الذي تكالبت فيه على اليمنيين المعاناة ما بين قلة الأمطار وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتكاليف مياه الري، وهو ما ينذر بموت البذور في باطن الأرض.

أزمة متفاقمة

يتزامن هذا الجفاف والتصحر الذي تعيشه اليمن، مع المتغيرات المناخية العالمية، وفي وقت تعتزم فيه دول العالم وضعَ حلول ومعالجات لأزمة الجفاف، تغيبُ الحلول في اليمن لمعالجة هذا الخطر الذي يهدّد الأمن الغذائي والأسر الزراعية في الأرياف؛ كونهم الأكثر اعتمادًا على القطاع الزراعي والنباتي في حياتهم المعيشية.

في هذا السياق، يشير الخبير في الهيئة العامة للبحوث الزراعية، عبدالله مفرح، لـ"خيوط"، إلى التأخر الحاصل في مواجهة تبعات هذه المشكلة ووضع الحلول المناسبة للتعامل مع المتغيرات المناخية، بالرغم أنه كان يتوجب أن تُتخَذ هذه الحلول منذ فترة بعيدة من وقوع الجفاف.

وذلك من خلال الحفاظ على ما تبقى من المياه الجوفية وعدم إهدارها، والعمل على سن قوانين من شأنها الحفاظ على المياه الجوفية، عبر بناء السدود والمدرَّجات والحواجز المائية، والاهتمام بالأصناف المحلية من محاصيل الحبوب والبقوليات التي تتحمل الجفاف وشحة المياه.

يشدد مفرح على ضرورة حثّ المزارعين الذين يملكون آبارًا، سواء يدوية أو ارتوازية، إلى ترشيد استخدام المياه، والتحول نحو وسائل الري الحديثة التقطير والرش وغيرها، وكذلك عدم استنزاف المياه في سقي وري نبتة شجرة "القات" الذي يستنزف نسبة 50% من كميات المياه.

بالمقابل، كما تؤكد الأبحاث الزراعية، فإن وقوع اليمن ضمن المنطقة الجافة وشبة الجافة، أمرٌ يجعل هطول الأمطار قليلة وموسمية، ويسرد التاريخ القديم بأنّ اليمنيين أقاموا السدود والحواجز المائية والسقايات والبِرَك من أجل حصاد مياه الأمطار، لكن في ظل الوضع الراهن تغيب تلك الحلول لتفادي الأزمة الغذائية.

جمعيات تعاونية زراعية

تمر اليمن بتغيرات مناخية واسعة وتدهور في الأراضي الصالحة للزراعة وأزمات متلاحقة في الوقود وعدد من التحديات التي يعاني منها القطاع الزراعي الذي يعتبر أكبر القطاعات التشغيلية للأيدي العاملة في البلاد.

يؤكِّد الباحث الزراعي محمد صالح حاتم، في حديث لـ"خيوط"، على ضرورة التدخل السريع والعاجل للجهات العامة المختصة، وتقديم قروض الدعم وتوفير منظومات طاقة شمسية ووسائل ري حديثة، للمزارعين إلى جانب تسهيل شراء منظومات الري الحديثة من قبل التجار.

وتغيب الجمعيات التعاونية المختصة في الجانب الزراعي بشكل ملحوظ، خصوصًا في المرحلة الراهنة، أمر يراه حاتم أنه فاقم من معاناة القطاع الزراعي الذي اعتمد خلال فترات سابقة في اليمن على التعاونيات في الاهتمام والنهوض به، فالضرورة تقتضي إنشاء المزيد من الجمعيات التعاونية التي يتم بواسطتها دعم وتوعية المزارعين على ترشيد استخدام المياه الجوفية، وأيضًا التعريف بالتغيرات الحاصلة في المواسم الزراعية وكيفية التعامل معها.

ويختم حاتم حديثه بالقول: "يتوجب تخصيص جزءٍ من موارد الأوقاف وتوجيهها نحو الزراعة، وبالتحديد الموارد المائية في الوقت الحالي؛ لإنقاذ محاصيل الحبوب التي تم بذرها من قبل المزارعين عبر جمعيات تعاونية".

وتخصص الأمم المتحدة يوم 17 يونيو/ حزيران من كل عام يومًا عالميًّا لمكافحة الجفاف والتصحر، والذي يركز على دعم الجهود التي تساهم في تعزيز استعادة الأراضي، وإضافة المرونة الاقتصادية وخلق فرص العمل والمساهمة في رفع الدخل وزيادة الأمن الغذائي.

•••
لؤي سلطان

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English