أزمة الغاز المنزلي في حضرموت

مأساة يصنعها العقّال ومسؤولو الشركة
عبدالله البيتي
December 6, 2022

أزمة الغاز المنزلي في حضرموت

مأساة يصنعها العقّال ومسؤولو الشركة
عبدالله البيتي
December 6, 2022

جموعٌ من المواطنين رجالًا ونساءً وحتى الأطفال، باتوا كغيرهم يُكابدون الوقوفَ أمام مراكز توزيع الغاز في طوابير طويلة بمقياس الذلّ والاستغلال، لا تتمايز طوابير الغاز عن غيرها من الطوابير الأخرى في مديريات محافظة حضرموت، كبرى محافظات اليمن، التي تقترب من نهاية العام الحالي 2022، في ظل أزمة خانقة للغاز المنزلي، عطّلته عن القيام بأعماله؛ ليقف في طوابيرَ طويلةٍ لساعاتٍ أطول، أملًا في الحصول على أسطوانة غاز بالسّعر الرسمي الذي يُساوي سبعة دولارات، أو أحد عشر دولارًا في السوق السوداء (وهو الأمر الذي يزيد مؤشرات استمرار الأزمة والأعباء على المواطن). هذه الأزمة جعلت معاناة الناس تتضاعف يومًا بعد آخر، فلا تكاد تنتهي أزمة إلّا وتظهر أخرى، ومع انهيار الخدمات والعُملة الوطنية، غابت الحكومة ومؤسّساتها المحلية عن القيام بدورها الفاعل في التخفيف من معاناة المواطنين، وتلبية أبسط مقومات الحياة الكريمة لهم.

وعن هذه الأزمة وأسبابها، يؤكِّد عددٌ من رؤساء الأحياء والحارات في المكلا أنَّ كميات الأسطوانات التي تصلهم من الشركة نفسها ليست كافية، وأنَّ كثيرًا من الحارات بحاجة إلى كميات أكبر بأضعاف، وبالتالي فإنّ هذا ما ساعد في نفاد الكميات الواصلة إليهم بشكل كبير من السوق وتفشي الأزمة الخانقة التي تعيشها المحافظة، ساحلًا وواديًا.

إلّا أنّ عبدالله صالح (34 عامًا)، من سُكّان حي فوة القديمة، بمدينة المكلا، يقول، وهو يقف في طابورٍ طويلٍ في انتظار دوره للحصول على أسطوانة غاز: "إنَّ نقص الكميات من الغاز في السوق أدّى إلى هذه الأزمة، وبالتالي قام بعض الوكلاء من ضعاف النفوس بالتلاعب بالكميات وإخفائها، أو تلاعب عددٌ من المواطنين أنفسهم من خلال الدخول في الطابور أكثر من مرة للحصول على الغاز وبعددٍ أكبر من أسطوانات الغاز المقررة لهم، ومن ثَمّ الاستفادة من خلال بيع الفائض في السوق السوداء؛ لجني أكبر قدرٍ ممكن من المال دون مراعاة للظروف الصعبة التي يعيشها المواطن".

سالم باراس (37 عامًا) ربّ أسرة، من قاطني حي الديس بالمكلا، يؤكِّد بأنّ: "الحصول على أسطوانة الغاز المنزلي بات يُشكّل مشكلة كبيرة للمواطن، وللحصول عليها يمرّ بفصول مؤلمة طويلة، حيث إنّ المواطن يأتي بأسطوانة الغاز، ويشرع في طابور طويل تكاد لا ترى أوله من آخره، وتمرّ الساعات تلو الساعات وهو على هذه الحال، وتحت حرارة الشمس الحارقة التي يكتوي بها، وقد يصل دورك في الاستلام وتكون الكمية قد نفدت، فيا لحسرتك حينها!".

عافية صالح (امرأة طاعنة في السن على عتبة الخمسين عامًا رُبما أو تزيد)، تقف في طابور طويل في منطقة الشافعي بالمكلا منتظرة دورها، وهي تقول: "إلى متى سنبقى هكذا؟ ما هذا الشّقاء المكتوب علينا؟! لم نعِش في هذا الوطن بسعادة منذ عرَفنا أنفسنا، كل ما أتذكّره على كبر سنّي هذا، أنّنا نكافح في هذه الحياة، ونواجه أزمات متكررة متعدّدة، يا رب تفرجها علينا يا رحمان".

ويتهم مواطنون كُثر في تعليقاتهم -عند لقائنا بهم في طابورٍ طويل في منطقة المساكن بالمُكلا- عُقّالَ الحارات (الذين يقومون بتوزيع أسطوانات الغاز المنزلي للمواطنين) بالمسؤولية الكاملة عن هذه الأزمة ومآلاتها لأسبابٍ عدَّة، حد قولهم، على رأسها: البيع وبكميّات ضخمة للمطاعم، والمتنفّذين من أصحاب السوق السوداء على حساب المواطن العادي.

عُثمان العمودي (42 عامًا)، من أهالي منطقة بويش، بمدينة المكلا، يطالب الحكومة بضبط كل المغالين والمتلاعبين بأسعار الغاز المنزلي والمتعاملين في السوق السوداء والذين يضيفون زيادات سعرية غير قانونية وغير مبررة في أثمانها، ممّا يُثقل كاهل المواطن، ويزيد من صعوبة الحياة المعيشية، وخاصةً بالنسبة لذوي الدخل المحدود الذين يُشكّلون الشريحة الأكبر في المجتمع. ويطالب عثمان بتفسيراتٍ منطقيّةٍ من أصحاب الشأن حول قضيّة توفّر أسطوانات الغاز المنزلي لدى تجّار السوق السوداء وبشكلٍ يوميّ وفي أي وقتٍ، بأسعار تصل إلى 12,000 ريال يمني للأسطوانة الواحدة، وعدم توفّرها من قبل الدّولة، ولو بشكلٍ شهريّ للمواطنين في الحارات بالسِّعر الرّسمي 6,600 ريال يمني.

الخلاصة أنّ تأثيرات أزمة الغاز المنزلي تظهر في عدم قدرة المواطن على الحصول عليها بشكل مستمرّ، وفي الوقت الذي يُريده بالسعر الرسمي المقرّ من الدولة، لأنّ الاعتماد على الوكالات الحالية الموزعة للغاز، إلى الجمهور أصبحَ مستحيلًا تمامًا؛ حيثُ تعجز هذه الوكالات عن توفير الغاز أكثر من مرة خلال الشهر الواحد، وأحيانًا لشهرين، إضافةً إلى شروطها التي تقتضي التسجيل المسبق وتسليم الأسطوانة الفارغة ثم الانتظار بعد ذلك لأسابيع وربما أشهر، وهي شروط -حتمًا ولا بُدّ- لا تتناسب أبدًا مع حاجة المواطنين، وهذا ما يزيد من معاناة المواطنين وإنهاك جيوبهم واستنفاد دخلهم، وتدفع كثيرًا منهم إلى التّخلي عن مدّخراتهم وبيعها أو رهنها؛ للحصول على أسطوانة غاز منزلي لبيته من السوق السوداء.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English