بنك البنوك وسنوات التأسيس الأولى (11)

الشركة اليمنية للتمويل والاستثمار ودواعي إنشائها
محمد عبدالوهاب الشيباني
August 19, 2021

بنك البنوك وسنوات التأسيس الأولى (11)

الشركة اليمنية للتمويل والاستثمار ودواعي إنشائها
محمد عبدالوهاب الشيباني
August 19, 2021

لا يمكن أن يُقرأ تاريخ البنك [اليمنيّ للإنشاء والتعمير] دون معاينة أحد أهم الشركات التي كوّنها، ولعبت أدوارًا مهمة في دعم الاقتصاد الوطني لأكثر من عقد، رغم الظروف الصعبة التي رافقت إنشائها، ونعني "الشركة اليمنية للتمويل والاستثمار"، التي أسسها البنك في منتصف العام 1980 (10 يونيو/ حزيران 1980)، وهدفَ البنكُ من ورائها إلى تطوير وتوسيع عمل "إدارة الاستثمارات"، بتحويلها إلى شركة متخصصة، تعمل على تحديث وتوسيع وتطوير نشاطات البنك وعملياته المصرفية، في مواجهات منافسة المصارف، وفروع المصارف التجارية العاملة في اليمن.

وأنشئت "الشركة اليمنية للتمويل والاستثمار" كشركة وطنية مئة في المئة، كرأسمال وإدارة وقوة بشرية، حتى تقوم بتطوير وتوسيع وتسريع نشاطات البنك وعملياته المصرفية في مواجهة نشاطات فروع المصارف الأجنبية التي فتحت في العاصمة صنعاء وعموم المحافظات.

حدد مرسوم إنشاء الشركة رأس مالها المصرح بـ100 مليون ريال يمني (22 مليون دولار، حينما كان سعر صرف الدولار الواحد يساوي 4،5$)، موزّعًا على 100 ألف سهم، سعر السهم الواحد ألف ريال، وامتلك منها البنك اليمني للإنشاء والتعمير ما نسبته (99،5%)، والبقية مساهمة البنك الصناعي اليمني(1) (00،5%)، فصارت حصة البنك اليمنيّ طبقًا لهذا التوزيع 99،500،00 ريال، بإجمالي أسهم (995) تسع مئة وخمسة وتسعون ألف سهمٍ، وحصة البنك الصناعي 500 ألف ريال، بإجمالي 500 سهم فقط.

تشكل مجلس إدارتها الأول من تسعة أشخاص اختارتهم الجمعية العمومية للبنك اليمني للإنشاء والتعمير، ومالك الشركة، وبالتشاور والتنسيق مع الشريك الأصغر البنك الصناعي اليمني، وظل هذا التقليد ساريًا حتى وقت تصفيتها.

ومن الأسماء التي اقترن اسمها بتأسيس الشركة ونشاطها: عبدالله محمد إسحاق- رئيس الشركة، عباس عبده القرشي- رئيس البنك الصناعي اليمني، محمد عبدالوهاب جباري، عفيف البركاني- وكيل وزارة الصناعة، عبدالناصر نعمان، وشارك في مجلس إدارتها لفترة وجيزة، علي محمد سعيد ومحيي الدين الضبي، وغيرهم من الشخصيات المالية والمصرفية والمهنية.

خلال 12 سنة من عملها جابهت الشركة مشاكل اقتصادية؛ أبرزها أزمة السيولة التي اجتاحت البلاد، ابتداء من مطلع العام 1982، بعد أن انخفضت تحويلات المغتربين اليمنيين في السعودية، بسبب تضييق الخناق على نشاط المغتربين.

وحدد البنك اليمني أهداف الشركة في تسعة أهداف:

1- النهوض بدور البنك اليمني للإنشاء والتعمير في مجال الاستثمارات الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية وكل ما له صلة بأعمالها.

2- الاشتراك في تمويل المشاريع الاقتصادية والإنمائية في الجمهورية (العربية) اليمنية ذات الجدوى الاقتصادية.

3- الاستثمار في المجالات الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية، ومزاولة كل ما له علاقة بأعمالها، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، داخل البلاد وخارجها.

4- إدارة القروض والتسهيلات الاستثمارية التي يتحصل عليها البنك اليمني للإنشاء والتعمير من البنوك والهيئات العربية والعالمية.

5- دراسة وتقييم المشاريع القائمة في البلاد والعمل على دعمها وتطويرها.

6- الحصول على القروض والتمويلات الخارجية، لتمويل المشاريع الاستثمارية المختلفة.

7- تحل [الشركة اليمنية للاستثمار والتمويل] محلَّ البنك اليمنيّ في كل مساهماته بالشركات والبنوك داخل البلاد، وكل ما يترتب على ذلك من الإشراف والمتابعة.

8- تقوم بتبني المشروعات الاستثمارية الجديدة، سواء بمفردها أو مع جهات أخرى، بعد دراسة الجدوى الاقتصادية لتلك المشروعات.

9- تنشئ بمفردها أو تشترك مع غيرها في تكوين شركات استثمارية، كما تقوم بالخدمات الاستثمارية، سواء بمفردها أو مع غيرها.

خلال اثني عشر عامًا من عملها جابهت الشركة العديد من المشاكل الاقتصادية، ولعل أبرزها أزمة السيولة التي اجتاحت البلاد ابتداء من مطلع العام 1982، بعد أن انخفضت، وبشدة، تحويلات المغتربين اليمنيين في السعودية، التي بدأت مع تضييق الخناق على نشاط المغتربين.

 يقول د. سعيد الشيباني في كتاب "البنك اليمني للإنشاء والتعمير؛ أربعة وثلاثون عامًا من العطاء":

"فمن الناحية الاقتصادية، يمكن القول: إن ظروف "الخناق" الاقتصادي الحادّ بكل مظاهره الإنتاجية، المالية، النقدية، الخدمية (ركود تضخمي، عجز مالي/ نقدي، انهيار قيمة العملة، وسعر النقد الوطني، شحة القروض والمساعدات الخارجية، مأساتي زلزال [ذمار] 1982، واستغناء الجيران [المملكة العربية السعودية] عن قوة عمل المغتربين اليمنيين)، الذي رافق سنوات نموّ الشركة (82-1992)، قد انتزعت الابتسامات الثلاث الأخيرة ورواج الانفتاح الاقتصادي الاستهلاكي الذي ميَّز سنوات إنشاء وتأسيس وبدء نشاط الشركة وانطلاقها نحو تحقيق أهدافها التنموية، نيابة عن البنك اليمني للإنشاء والتعمير. لقد عبرت تلك الصعوبات الاقتصادية عن نفسها بـ"ضعف الملء التمويلي لدى الشركة بمقدار 200 مليون ريال"، اعتمادًا على التقرير السنويّ لمجلس إدارة الشركة لعام 1991.

في 1985، بلغ إجمالي نشاط الإقراض للشركة، واعتمادًا على مواردها الذاتية أو على ذمة التسهيلات المعتمدة من البنك اليمني، مبلغ (114،017،443) مليون ريال، موزعة على قطاعات الصناعة، الزراعة والخدمات

 يعزو عبدالكريم الزبيري هذا الأمر أيضًا إلى مواجهة الريال اليمني بعضَ الضغوط فيما يتعلق بسعره التبادلي مع الدولار؛ نتيجة للارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار مع كل العملات، وعودة الكثير من المغتربين اليمنيين من السعودية والخليج، والذين كانوا أهم مصادر موارد اليمنيين، من النقد الأجنبي، وتراجع المعونات والمساعدات والقروض الأجنبية(2).

 ومع كل ذلك يمكن القول إنه:

"في ظل الأزمة الخانقة تلك، كان البنك أيضًا لم يزل يغطي ما يقارب من (80%) من تعامل البلاد مع العام الخارجي، وليس هذا فحسب، وإنما زادت مسؤولياته حين أسندت إليه عملية تمويل السلع الاستراتيجية، كالنفط والسلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج لكافة مؤسسات الدولة، إلى جانب تمويل استيراد المواد الخام للصناعات الوطنية، ناهيكم عن تمويل استيراد الجزء الأكبر من متطلبات السوق اليمنية"(3).

في تقرير الشركة لعام 1985 -الذي اعتمد عليه د. سعيد الشيباني- وضح حركة الاستثمارات على النحو التالي: بلغ إجمالي نشاط الإقراض في نهاية العام المالي 1985، للشركة، واعتمادًا على مواردها الذاتية أو على ذمة التسهيلات المعتمدة من البنك اليمني، مبلغَ (114،017،443) مليون ريال، موزعة على القطاعات التالية:

  • القطاع الصناعي: بمبلغ قدره (77،151،463) مليون ريال؛
  •  القطاع الزراعي: (27،059،947) مليون ريال؛
  •  القطاع الخدمي: (9،806،033) مليون ريال.

أما التمويلات الخارجية، وبسبب تذبذب أسعار العملات الأجنبية، وبالذات ما شهده الدولار الأمريكي من انخفاض تجاه العديد من العملات الأوروبية، ولما تعكسه هذه الأوضاع على المشاريع المحلية الممولة بقروض خارجية، فقد رأت الشركة إيقاف قبول ضمان أي مشروع يموّل بقروض خارجية، لكيلا تشكل تلك المشاريع عبئًا إضافيًّا على الميزان التجاري، ولصعوبة قيام تلك المشاريع بالوفاء بالتزاماتها لسداد تلك التمويلات، بسبب عدم تمكن تلك المشاريع من معرفة تدفقاتها النقدية بدقة لكي تفي بالتزاماتها.

أما في مجال المساهمات، فقد أوضح تقرير الشركة عن العام ذاته (1985) على النحو التالي:

  • زيادة حصة الشركة في رأس مال الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية بمبلغ (735،000) سبع مئة وخمسة وثلاثون ألف ريال، لتصل بذلك حصة الشركة اليمنية للتمويل والاستثمار في شركة الأدوية إلى مبلغ (2،940،000) مليونان وتسع مئة وأربعون ألف ريال، بما يعادل نسبة 35% من رأس مال الشركة.
  • قيام الشركة بدفع نسبة 30% من مساهمتها في رأس مال الشركة اليمنية للصناعات الجلدية والأحذية، بمبلغ مليون وثماني مئة ألف ريال.
  • قيام الشركة بدفع مبلغ يقترب من (794،000) سبع مئة وأربعة وتسعين ألف ريال من رأس مال "الشركة اليمنية لصناعة البطاريات".

(1) ساهم البنك اليمني للإنشاء والتعمير في تأسيس البنك الصناعي في العام 1977م، بمبلغ قدره مليونان وخمس مئة ألف ريال.

(2) البنك اليمني للإنشاء والتعمير؛ قصة تاريخ مجيد في خدمة الاقتصاد والمجتمع، اليوبيل الذهبي 2012م، صفحة 182.

(3) المصدر السابق نفسه ص184.

(يتبع)


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English