الاغتيالات..

عن أفعال جبانة، وقاتل بلا ضمير
خيوط
June 17, 2022

الاغتيالات..

عن أفعال جبانة، وقاتل بلا ضمير
خيوط
June 17, 2022

اشتُقّ اسم اغتيال، من اقتراف الفعل غِيلة؛ أي على غفلة من الضحية والمجتمع. ويُعنى به هنا: فعلُ القتل، الذي أغرق البلدَ على مدى سنوات من تاريخه. لكن لا بطولة، ولا شرف، في لجوء أطراف -تبدو مستترة- إلى هذا الأسلوب المقزز من التصرف، عندما تكون ببندقيّتك وآلة قتلك في مواجهة آخر أعزل إلا من صوته أو صورته.

يعود الحديث مجددًا عن الاغتيالات، التي تأخذ طابعًا سياسيًّا، مع عودة القاتل الخفي إلى الواجهة، وآلته العمياء التي من شأنها بثّ الرعب، وإقلاق السكينة العامة. في تعز، أو في عدن، في صنعاء أو حضرموت، في كل شبر من اليمن، كلنا ملزمين بإدانة فعل الاغتيالات، باعتباره، يستهدف، وبشكل مباشر، المجتمعَ اليمني، ومساعيه للبحث عن صيغة ممكنة للسلام.

بالأمس، اغتِيل الصحفيُّ صابر الحيدري في مدينة عدن، بفعل عبوة ناسفة يبدو أنها وضعت في سيارته، وبحسب زملاء الصحفي فإنه كان قد غادر صنعاء عام 2017، بعد مضايقات تعرَّض لها أثناء عمله من قبل مسؤولي جماعة أنصار الله (الحوثيين). ويُعدّ هذا الفعلَ الثانيَ الذي يتعرّض له الوسطُ الصحفي في أقل من عام بعد جريمة استهداف الصحفية رشا الجرادي بفعلٍ مُشابِه، والثالث بعد إقدام مسلحين على اغتيال الصحفي نبيل القعيطي بالرصاص الحي أثناء مغادرته منزله في مدينة عدن، منتصف العام 2020.

ألا يجب الوقوف قليلًا لتأمل حال البلد، وما الذي جنته آلة القتل الجبانة هذه؟! وما الذي تم ربحه؟ لا شيء، لقد ذهب الجميع، بمن في ذلك الذين يُشار إليهم بأنهم جناة، ليصيروا ضحايا لما اقترفت أيديهم. وهناك بين كل هذه العمليات المتهورة واللامحسوبة، بلد يضيع ويتسرب من بين يدي أبنائه، إلى الجحيم

هذه الأفعال، تبدو غاية في الإجرام وجبانة، من حيث كونها اغتيالًا لمنخرطين كليًّا في الأعمال السلمية، كما يظهر طابعها. أو تستخدم الصحفيين وحملة الرأي لإرسال رسائل إرهاب، لكن هذه المرة للرأي العام اليمني، للمجتمع الذي يريد أن ينعم بلحظة سكينة، في ظل هدنة إنسانية هشّة تم تمديدها للمرة الثانية، لكنّ الأطراف التي تقف وراء هذا، هي بالضرورة واهمة، حيث إنّ أفعال الاغتيالات على مدى تاريخ البلد، لا تلجأ له إلا أنظمة هشّة، وتخاف الناس، قبل خوفها من أي نقيض آخر. 

هيَّأت اغتيالات ما بعد انتخابات 93، الظروفَ لاحتراب صيف 94، حينها كان النظام المعني بهذا السلوك، يعتقد أنه بالاغتيالات والتصفيات يستطيع تعبيد طريقه الأبدي إلى السلطة، لكن ونحن نعيش كل هذه الأهوال، لنا أن نأخذ من التاريخ عبرة، أين تلك الأنظمة؟ وما الذي جنته على نفسها وعلى الشعب اليمني. من المخجل جدًّا، بل من المحبِط، أن نعود مرة أخرى إلى تلك الحقبة المظلمة، أن يُتخذ من الأبرياء (وخاصة غير المنخرطين في الحرب) وسكينتهم أداة لإرسال رسائل السيطرة والإجرام، وأن نتعامل مع الدم اليمني بهذه الاستهانة والرخص. 

ألا يجب الوقوف قليلًا لتأمُّل حال البلد، وما الذي جنته آلة القتل الجبانة هذه؟! وما الذي تم ربحه؟ لا شيء، لقد ذهب الجميع، بمن في ذلك الذين يشار إليهم بأنهم جناة، ليصيروا ضحايا لما اقترفت أيديهم. وهناك بين كل هذه العمليات المتهورة واللامحسوبة، بلد يضيع ويتسرب من بين يدي أبنائه، إلى الجحيم، قطرةً قطرة.

نعم، فما بالنا لو أنّ آلة القتل العمياء هذه، ذهبت لتنهي حياة صحفي، أو صحفية، أو ناشطين يعملون في المجال العام. كيف يمكن فهم الرسائل المنبثقة من هذا الفعل، إلا في كون الطرف الذي يقف وراء هذا الفعل، يفتقر كليًّا للضمير، وقبل ذلك يفتقد روح تغليب المصلحة العامة، ولا يمكن بأي حال ادّعاءُ أيِّ نوعٍ من المنفعة العامة، من خلال الإتيان على روح بريئة وخلّاقة.

ما الذي يعتقده بنفسه قاتل صابر ورشا ونبيل، كيف يستطيع أن يقوم بفعله البشع هذا، ثم يعود إلى منزله، بين أسرته وأطفاله، إن كان له ذلك، أن يتعايش مع فعله الأثيم هذا، دون أن يكتوي بعذابات ما اقترفته يداه، هل يحدق في المنشورات والصور الذاهلة التي يتشاركها الرأي العام لأطفال الضحايا وأهاليهم. ما المكسب الحربي من إجهاض حياة، وترك ذويها في حالة من التخبُّط وعذابات أسئلة لا يمكن العثور على إجاباتها: لماذا قتلتم أولادنا؟!

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English