انتقائيةٌ تهدّد أعمالَ النساء

إغلاقُ محلات الكوافير في صنعاء
صفية مهدي
May 9, 2020

انتقائيةٌ تهدّد أعمالَ النساء

إغلاقُ محلات الكوافير في صنعاء
صفية مهدي
May 9, 2020

   للشهر الثاني على التوالي، تدفع أفراح إيجارَ محلّ التجميل النسائي، الذي تملكه في صنعاء، بعد أن تعرّض للإغلاق من قبل الجهات الرسمية التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين). كتُب على بوابة المحل باللون الأحمر "مقفلٌ من قبل صحة البيئة"؛ في إطار الإجراءات الوقائية للحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد-19.

     بدأت الأزمة مع إعلان حكومة صنعاء، في الـ22 من مارس/آذار 2020، عدداً من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي كورونا، شملتْ إلزام صوالين الحلاقة الرجالية بعدم السماح بتواجد أكثر من ثلاثة أشخاص في كلّ محل. لكن، وخلافاً لمجالات العمل الأخرى التي تم إلزامها بإجراءاتٍ احترازيةٍ، لا إقفالها، تضمّن القرارُ "إغلاق محلات الكوافير وتجميل السيدات، حتى إشعار آخر".

     توضح أفراح لـ"خيوط" بأن أفراد الأمن جاؤوا "بدون إشعارٍ مسبق"، وجمعوا "سكان الحارة"، بعد أن ارتفع صراخَهم على إحدى العاملات في المحل، وتوسلات الأخيرة، التي رفضها الجنود. أغلقوا المحل وكتبوا على بابه برذاذ الطلاء "مقفل من قبل صحة البيئة".

   لدى أفراح أربعُ عاملاتٍ في المحل، إحداهن أرملةٌ ولديها أربعة أبناء وبنات، تعُولهم من عملها في "الكوافير" كمصدر دخلٍ وحيدٍ للإنفاق. كما لديها عاملةٌ أخرى، نازحةٌ من محافظة الحديدة تعُول أسرتَها من هذا العمل أيضاً، وقد ظلتْ في منزلها غيرَ قادرةٍ على دفع إيجاره، لتضطر للعودة إلى الحديدة.

عاملة: شهرٌ كاملٌ مضى بدون دخلٍ، وأنا وضعي لا يسمح لي بالعمل في البيوت مثل أخرياتٍ، ولا أستطيع الذهاب من بيتٍ لآخر. جربتُ ذلك في بداية الحجر، بمقابل خمسة آلاف ريال، لكن أجور المواصلات كانت تكلف أكثر منها

    ضُحى، مسؤولةٌ عن إعالة أسرتها، وبعد إغلاق المحل الذي تعمل فيه أواخر مارس/آذار 2020، فقدتْ مصدرَ دخلها الوحيد، فقد كانت تتقاضى أجرَها يومياً وليس براتبٍ شهريٍّ ثابت.

  "شهرٌ كاملٌ مضى بدون دخلٍ، وأنا وضعي لا يسمح لي بالعمل في البيوت مثل أخريات، ولا أستطيع الذهابَ من بيتٍ لآخر. جرّبتُ ذلك في بداية الحجر، بمقابل خمسة آلاف ريال، لكن أجور المواصلات كانتْ تكلّف أكثر منها"، تضيف ضحى.

الجهات الرسمية لا ترد

  في ظل أوضاعٍ معيشيةٍ صعبةٍ للغالبية العظمى من اليمنيين، حيث 80% من السكان بحاجةٍ لنوعٍ من المساعدات، وفق تقديرات الأمم المتحدة، ومع الخسائر التي لحقت بأعدادٍ غيرِ قليلةٍ من العاملات في مجال الكوافير، اضطُرت كثيراتٌ منهن إلى مراجعة الجهات المعنية في صنعاء، للوصول إلى صيغةٍ تسمح بإعادة فتح مَحالّهن وتتضمن الالتزام بالإجراءات الوقائية الخاصة بالمنشآت الأخرى المشابهة، للحد من كورونا.

    تقول أفراح الدبعي إنها تواصلت مع مراكز تجميلٍ شهيرةٍ، ومع الغرفة الصناعية والتجارية في صنعاء، والتي بدورها قدمت مذكرة لرفعها إلى رئاسة الوزراء؛ لكنهن أُبلِغن أن الرسالة تتطلب وقتاً حتى تصل إلى رئيس الحكومة عبد العزيز بن حبتور، ولكن بعد أكثر من أسبوعين لم يتلقّيْن أيَّ رد.

ليس أولَ استهداف

    في العام 2018، كانت العديد من محلات الكوافير هدفاً لحملاتٍ استهدفتْ تشويه اللوحات الإعلانية لها، لإزالة صور النساء الدعائية، التي يقول القائمون على الحملات فيها إنها "خادشة للحياء". أُجبرت محلات الكوافير، في العديد من شوارع صنعاء، على إزالة تلك الصور الدعائية في السنوات الأخيرة؛ الأمر الذي دفع متابعين لاعتباره "انتقائيةً" وتمييزاً ضد المرأة.

   في حديث لـ"خيوط"، يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن القرار "من الناحية الاقتصادية إذا كان ضمن الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا، فلا بد أن يكون وفق حزمةٍ من السياسات لا تقتصر على محلات الكوافير فقط".

   ويضيف أنه "لا بد من وضع معالجاتٍ للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حتى لا تؤدي مثلُ هذه القرارات إلى إفلاس مثل هذه المشروعات الصغيرة"، كما يتوجب أن يتم تحديد مدةٍ زمنيةٍ للإغلاق، لتفادي تفشي الوباء.

نتائجُ سلبيةٌ على الاقتصاد ككل

    ويتابع نصر أنه عندما "يتم اتخاذ قراراتٍ بطريقةٍ عشوائيةٍ وانتقائيةٍ تجاه بعض القطاعات الاقتصادية أو المنشآت، فهذا ستكون نتائجه سلبيةً على شريحة الأسر المستفيدة من هذه المشروعات بالدرجة الأولى، وعلى الاقتصاد الوطني ككل". ويرى  بأن "على راسمي السياسات الاقتصادية أن يراعوا مسألة اعتماد معظم النشاط الاقتصادي في اليمن على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي قال إنها تشكل 95% من إجمالي المشروعات في البلاد. كما اعتبر أن تعريض هذه المشروعات لخطر الإفلاس "ستكون نتائجه وخيمةً على عشرات الآلاف من الأُسر المنتجة".

   ويُعدّ قطاع الكوافير في اليمن من المنشآت التي تحتاج الدعم والرعاية، كون معظم من يرتادها من سيدات الأعمال، ونسبتهن ما تزال محدودةً في النشاط الاقتصادي.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English