7/7

التاريخ الذي أعاد التعريف باليمن المنقسم!
خيوط
July 7, 2023

7/7

التاريخ الذي أعاد التعريف باليمن المنقسم!
خيوط
July 7, 2023

في مثل هذا اليوم من العام 1994، أحكمت قوات نظام صنعاء بتحالفاتها الواسعة -قوى جهادية وقبَلية وقوات جنوبية حسبت على الطرف المنهزم في أحداث يناير 1986- من السيطرة على كل المحافظات الجنوبية، التي حسبت على شريك الوحدة (الحزب الاشتراكي اليمني) المنهزم في معركة الصيف الملتهب، بعد سنوات من الأزمة والاحتقان.

وبدلًا من إعادة إنتاج صورة محبّبة لمشروع الوحدة السلمي عمد النظام المنتصر إلى تجريف كل المكتسبات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في عموم مناطق ما كان يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية؛ ولم يقف الأمر عند تفكيك منظومة القوات المسلحة والأمنية المحسوبة على الدولة السابقة، بل امتدّ إلى تدمير عقيدتها الواحدة لصالح عقائد قتالية جهوية ومناطقية وأيديولوجية تتغذى على فلسفات مكونات تحالف الحرب.

وبعقلية البداوة والفساد المتأصل في بنية السلطة، تم اقتسام كل مقدرات الدولة وثرواتها في البر والبحر وتوزيعها كغنائم حرب على الرموز العسكرية والقبلية والجهادية المنتصرة، ولم تسلم المعالم والرموز ومسميات المنشآت التعليمية والمهنية من التعدي الفج، إما بتغيير أسمائها أو إباحتها لقوى الفيد.

تم تسريح الآلاف من العسكريين وكادر الوظيفة العامة الذين حُسِبوا على الطرف المنهزم، واستبدالهم بمحاسيب وموالين للسلطة الجديدة، الذين راحوا يمعنون في إذلال الناس وتجويعهم ومصادرة حقوقهم، تحت شعارات فجة، مثل: (الوحدة المعمدة بالدم)، أو (عودة الفرع الضال لأصله الكريم)، و(إزالة آثار النظام الشيوعي).

بدأت (الأنَّة الأولى) خافتة في مطالب معقولة، مثل (إصلاح مسار الوحدة)، غير أنّ انتشاء السلطة بالانتصار السهل جعلها لا تنصت لهذه الدعوات، بل راحت تتهم المطالبين بها بالانفصاليين، بل زجت ببعضهم في المعتقلات، وحين صار هذا الصوت مرتفعًا ويعرض مطالبه الحقوقية عبر مظاهرات ومسيرات بسيطة، تعاملت معه الأجهزة والتشكيلات الأمنية بقسوة مبالغ فيها.

وحين صار حراكًا سلميًّا هادرًا، استقطب الشارع المكتوي بالجوع. حاولت السلطة إنتاج لجان ترقيع لمعالجة المظلومية، غير أنّ الأمر كان قد خرج عن السيطرة، والبلاد برمتها دخلت في دوامة الأزمة منذ مطلع العام 2011، وما أفضت إليه من تبديل شكلي في صورة نظام صالح بعد المبادرة الخليجية واقتسام السلطة بين أطراف الأزمة من جديد.

إعادة اجتياح الجنوب في مارس 2015، بقوات تحالف الحرب الداخلي (الصالحوثي) رفع من سقف المطالبة بالانفصال، التي وجدت ليس فقط في الحواضن الشعبوية التي أججتها الشعارات البراقة، بل في دعم تحالف الحرب الخارجي ساندًا وعاضدًا لتمرير مشروع التفكيك الأكبر خدمة لمصالحه الجيوسياسية والاقتصادية في البلد البكر.

تدمير بنية الدولة، على هشاشتها، بأدوات داخلية وخارجية، وتحويل جغرافية اليمن إلى إقطاعيات لقوى الحرب عظّم من المشاريع الانعزالية الصغيرة، التي ما كان لها أن تكبر وتتقوى لو أنّ سلطة 7/7 لم تتعامل بخفة مع القضية الوطنية اليمنية، واستباحة ذاكرة اليمنيّين ومقدراتهم ومكتسباتهم التي راكموا عليها لسنوات طويلة.

تعاضدات قوى الحرب العابرة للمنطقة والجهة والمذهب والمستنفعة من هذا الوضع الكارثي، هي التي تُشعِر اليمنيين اليوم بعجزهم وضعفهم، لكنه عجز وضعف مؤقت لا بد له أن يزول حين تتفكك منظومة الحرب وتتكشف أكثر مشاريع التمزيق التي يموّلها أعداء اليمن وأدواتهم في الداخل. 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English