كورونا والحرب

2020.. حصاد عام طويل ليمن بين جائحتين
خيوط
December 31, 2020

كورونا والحرب

2020.. حصاد عام طويل ليمن بين جائحتين
خيوط
December 31, 2020
© الصورة ل: علاء الغنامي

أطل العام 2020 برأسه على العالم منذرًا بالكارثة مع ظهور وباء جديد، غير أنه في اليمن ارتدى روح المأساة الخارجة من جلباب الحرب. كانت السنوات الخمس في طور الاكتمال، في وقت ذهب التصعيد شرقًا ناحية مأرب والجوف. بيد أن الحرب أيضاً اتخذت طريقًا لها في جميع الاتجاهات. وفي كل مرة تصاعد الدخان، ليعلن العام عن نفسه بخطوط من البارود، وشكل لتوالد الأزمات. 

وحتى لحظات مغادرته ظل حابساً للأنفاس، آخرها حادثة استهداف الحكومة اليمنية الجديدة في 30 ديسمبر/ كانون الأول، خلال وصولها مطار عدن. ودوت انفجارات حملّت فيها الحكومة المعترف بها دولياً جماعة أنصار الله (الحوثيين) المسؤولية. وبينما نجا أعضاء الحكومة، أودت الحادثة بعشرات القتلى والجرحى، لتنذر بتصعيد على جبهة الحرب، أكثر من الذهاب إلى طاولات السلام.    

وكان العام قد طال بانتظار الإعلان عن حكومة جديدة تضمنها (اتفاق الرياض) بين الحكومة المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي لتنهي على الورق صراعًا، لم تُشجر بذور تهدئته. لتتجدد المعارك طوال العام بين الطرفين شرق محافظة أبين. وزاد الوضع السياسي تعقيدًا مع سقوط جزيرة سقطرى الاستراتيجية بيد قوات المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات. ولم ينتهي العام إلا بالإعلان عن الحكومة في 18 ديسمبر/ كانون الأول، بمشاركة المجلس الانتقالي لأول مرة، وهي رابع حكومة يتم تشكيلها منذ بدأت الحرب.

وغادر 23 وزيرًا إلى الرياض لأداء القسم الدستوري أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، بخلاف وزير الإدارة المحلية حسين عبدالرحمن الأغبري. وتمسك الممثل للتنظيم الناصري في الحكومة أن يكون أداء القسم في عدن، بحسب ما نصت عليه اتفاقية الرياض. ليثير موقفه الغبار حول توافق بأفق واهن.

لكن ما الذي يجعل من عودة هادي إلى عدن بتلك الصعوبة لأداء بروتوكول شكلي، يقدم فيه 24 وزيرًا جديدًا اليمين الدستوري أمامه في العاصمة المؤقتة بدلًا من الرياض، ربما كانت الإجابة عن ذلك، ما حدث أثناء وصول الحكومة الجديدة إلى عدن، بمعنى أنه لا تزال هناك شكوك حول تأمين الاجراءات الأمنية.

مع أنه في 19 أكتوبر/ تشرين الأول، شوهدت مروحية سعودية تشق عباب سماء عدن من جهة البحر لتحط في قصر معاشيق، أثارت تكهنات حول وجود شخصية سعودية رفيعة، وتحديدًا السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، لكنها أخبار غير مؤكدة. وكانت الحادثة بعد يومين من إعلان متحدث وزارة الخارجية الإيرانية عن وصول سفير فوق العادة ومطلق الصلاحية لجمهورية إيران الإسلامية حسن إيرلو إلى صنعاء. 

وخلال إرهاصات طويلة مهدت لتشكل الحكومة وفق (اتفاق الرياض)، كان آل جابر البادئ في الإعلان عن مستجدات سبق تشكيل الحكومة الجديدة، وهو من أعلن عن قرب اتفاق الأطراف حولها، وتنفيذ الشق العسكري، ثم بعد تشكيلها كان المتحدث عن موعد وصولها إلى عدن.

ولم تكن تلك النهاية السعيدة، لعام أضفى على الأحداث في اليمن عناصره الإشكالية. ففي 20 يونيو/ حزيران أكملت قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على جزيرة سقطرى الاستراتيجية. بعدها ظهر محافظ الأرخبيل رمزي محروس في محافظة المهرة، متهمًا السعودية بالتواطؤ في سقوط الجزيرة، كعملية ضغط على الحكومة اليمنية.

في الوقت نفسه لم تتوقف المعارك في مأرب، بعد استيلاء (الحوثيين) على مواقع حكومية هناك والسيطرة على مركز محافظة الجوف، فيما كانت البيضاء مسرحاً لسيطرة جديدة في ردمان وقانية، على إثر مقتل امرأة بيد مسلح حوثي، ونكف (نفير) دعت إليه القبائل. واختتم النصف الأول من العام بتوسيع سيطرتهم في عدة محافظات. 

كانت عربة العام تنطلق وسط سجالات دامية، وعجز الضوء الواهن الذي حاول بثه المبعوث الأممي مارتن غريفيث من إيقاف شرر الاقتتال، أثناء زيارة كانت الأولى إلى مأرب في 7 مارس/آذار، بعد ستة أيام من سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على مدينة الحزم، مركز محافظة الجوف. 

وشكل نجاح صفقة تبادل 1056 محتجزاً بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، استثناء في عام لم يحدث فيه الكثير من التوافق. وضمن الصفقة تم الإفراج عن خمسة صحفيين، لم يكن بينهم أربعة تم الحُكم عليهم بالإعدام من المحكمة الجزائية في يونيو/ حزيران. وهي مرحلة ثانية مما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والحوثيين في جنيف.

من جهة أخرى، انتهت محنة اعتقال ستة بهائيين في صنعاء، لتقلهم طائرة من المُعتقل إلى المنفى. وبينما نجا المقدشي، وزير دفاع الحكومة المعترف بها دولياً ورئيس هيئة الأركان الذي تم تعيينه حديثًا من محاولة اغتيال بلغم في مأرب، تعرض وزير الشباب والرياضة في حكومة الأمر الواقع بصنعاء حسن زيد لاغتيال وسط صنعاء.

وعاود الاقتصاد ليكون حدثًا بانقسام الريال بعد حظر الحوثيين استخدام الفئة الجديدة في مناطق سيطرتهم. ففي أبريل/ نيسان كان التباعد بين الفئتين ينذر بانقسام مصرفي سيتجرع تبعاتها المواطنون، وتعاقبت أزمة مشتقات نفطية في كل المناطق، لكنها اتخذت في مناطق سيطرة الحوثيين واقعًا لتشكل سوق سوداء رسمية.

هناك تشكلت علامات، من المتوجب أن تتعامل معها الحكومة الجديدة، ولاح الانفراج بتعافي للريال في عدن بعد بلوغه مستوى قياسيًّا متجاوزًا صرفه أمام الدولار 900 ريال. وجاء صعود الريال متأثرًا بتعهدات سعودية لدعم حكومة كانت تمثيلًا لاتفاقية الرياض، لكنه وفي نهاية ديسمبر/ كانون الأول، عاد الريال للتعافي أمام العملات الأجنبية ليصل سعره أمام الدولار الواحد -حتى كتابة هذا التقرير- إلى  647 في عدن و580 في صنعاء مع التطمينات التي بثها الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة. 

الحرب على الجبهة الشرقية

في نهاية يناير/ كانون الثاني بدت جماعة أنصار الله (الحوثيين) منتشية بتحقيقها انتصارات شرق صنعاء، ليصرح المتحدث باسم الجماعة محمد البخيتي، أن بإمكان مقاتليهم السيطرة على مأرب، "لولا توسط دولة عربية"، وبما يشبه الحرب النفسية ضد خصومهم، في الوقت الذي كانت وتيرة هذه المعارك على أشدها.

وكان معسكر يتبع اللواء الخامس حرس رئاسي في مأرب قد تعرض لهجوم بصاروخ بالستي وطائرة مسيرة في 19 يناير/ كانون الثاني، اتهمت فيه الحكومة الجماعة المسلحة، غير أن الحوثيين لم يعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم الذي أدى إلى مقتل 111 وعشرات الجرحى من الجنود. 

ففي 27 يناير/ كانون الثاني، تمكنت أنصار الله (الحوثيون) من السيطرة على فرضة نهم، التي تبعد عن مطار صنعاء بحوالي 60 كلم، وهي أقرب نقطة إلى العاصمة صنعاء كانت تتمركز فيها قوات حكومية. وشكل سقوطها تأمينًا للجبهات التي تخوضها الجماعة في مأرب والجوف ما مكنهم من السيطرة على مدينة الحزم في الأول من مارس/أذار. 

وأمطر الحوثيون مأرب بهجمات صاروخية وطائرات مسيرة وقذائف الكاتيوشا في أوقات متفرقة خلال العام. كما اشتدت المعارك على مقربة من معسكر كوفل الاستراتيجي، الذي كان هدفًا استراتيجيًّا لبلوغ مدينة مأرب، خاض خلالها الجيش معارك ضارية بمشاركة مقاتلي القبائل وإسناد جوي من طيران التحالف الذي استهدف معاقل الحوثيين بمئات الضربات. 

ورغم إعلان المتحدث باسم التحالف عن وقف إطلاق النار من جانب واحد كاستجابة للأمم المتحدة يبدأ في 9 أبريل/ نيسان، وصف المتحدث الرسمي باسم جماعة أنصار الله، محمد عبدالسلام هذه الهدنة بالمناورة سياسية. مع ذلك استمر التحالف بشن هجماته الجوية في مناطق مختلفة، تضرر منها مدنيين أيضاً.

ومع تواصلت المعارك، قدّم الحوثيين من جانبهم شروطًا لإيقافها، تضمنت دفع السعودية للرواتب الحكومية المتوقفة منذ منتصف 2016 في مناطق سيطرتهم. 

وفي أبريل/ نيسان أعلن المبعوث الأممي مارتن غريفيث عن سلسلة مشاورات أجراها مع أطراف النزاع، من أجل حل سياسي شامل. لكن الحرب ظلت متأججة مع أنها بلغت حد المراوحة في 27 مايو/ أيار، لتحتفظ الحكومة بمأرب، وتتوقف حدود سيطرة الحوثيين في خط جبهة اشتعلت من الجدعان مرورًا بصرواح وجبل مراد إلى الكسارة والرخيم. وبالتوازي كانت تندلع معارك في أماكن أخرى تارة بين الحكومة وجماعة الحوثيين، وتارة أخرى بين الحكومة والمجلس الانتقالي، ومرات بين فصائل مسلحة أخرى. 

وفي مديريتي المعافر والشمايتين في الريف الجنوبي لمدينة تعز، تصاعدت حدة التوتر بين قوات حكومية تدين بالولاء لحزب الإصلاح المحافظ وقوات اللواء 35 ذو التوجه الحكومي البيروقراطي، أجج من ذلك الصراع قراراً جمهورياً قضى بتعيين الضابط المدعوم من حزب الإصلاح عبدالرحمن الشمساني قائداً للواء عقب مقتل قائده، عدنان الحمادي في ديسمبر 2019، والذي يحظى بشعبية واسعة في الأوساط اليسارية. انتهى هذا الصراع بسيطرة القوات الحكومية الموالية للإصلاح على اللواء، وسُجلت جريمة مقتل الطالب الجامعي، ونجل أركان اللواء 35 أصيل عبدالحكيم الجبزي، كواحدة من التداعيات البشعة لهذا الاقتتال البيني.

وعلى صعيد كورونا، سُجّلت أول إصابة بفيروس كورونا في المكلا عاصمة محافظة حضرموت، بحسب إعلان رسمي في 10 أبريل/ نيسان. مع أنه سبق لأطباء ومواطنين الحديث قبلاً عن إصابتهم بأعراض مشابهة لوباء كورونا، وتزايد أعداد القبور، اختلطت التكهنات حول تلك الأوبئة وهل كان الوباء موجوداً في البلد قبل إعلان السلطات الصينية عنه. إلى ذلك رسمت الفيضانات مأساة جديدة لضحايا وخراب في المنازل وخاصة التاريخية والممتلكات العامة والخاصة والمدرجات الزراعية، غير أن سلطات العاصمة صنعاء عانت من وبائها الخاص، وقد ضاقت بالتقارب الاجتماعي ورأت في اختلاط الجنسين رذيلة أدت إلى تأخير (النصر). 

ومع انتهاء الإجراءات الخاصة بانتشار كورونا في صنعاء، بدأت ملامح أزمة مشتقات نفطية، تعاقبت على جميع المناطق لكنها في مناطق الحوثيين فرضت واقعًا سيطرت عليه سوق سوداء رسمية، فكانت السيارات تتكدس بالقرب من المحطات الخاضعة للسعر الرسمي، بينما توفرت المشتقات وفق ما تمليه الأزمة، وسط مخاوف من إنقطاع شبكتي الاتصالات والانترنت. 

عام عصيب... كورونا المجهولة  

بحسب المعلومات الرسمية، بلغت إصابات كورونا في اليمن حوالي 2,100، توفي منهم أكثر من ستِّ مئةِ شخص. لكن التوقعات تُرجح أن عدد الإصابات الفعلية أكثر من ذلك بكثير، إما لإخفاء في المعلومات أو لإجراء اختبارات فحص محدودة، فسلطات الحوثيين في صنعاء لم تعلن سوى عن إصابة وحيدة لشخص تم العثور عليه ميتًا. 

وعلى خلاف ذلك، استقبل مستشفيا (الكويت) و(زائد) المخصصان لمعالجة مرضى كورونا مئات المصابين في صنعاء، ولم تصل الإجراءات في اليمن حد الإغلاق الكامل، لكن جماعة الحوثيين أغلقت الطرق للقادمين من مناطق سيطرة الحكومة أو خارج اليمن، ما ترتب على ذلك تقطع السبل بالأسر وذويهم، وصعوبات في حق الوصول والتنقل بين المحافظات والسفر.

ورغم المنظومة الصحية المتهالكة، لم يحدث انهيار في الوضع العام، وتذهب التكهنات إلى كون معظم السكانه من الشباب، وهو ما ساهم في تشكيل جدار حماية للأكبر سنًّا، وهم الأكثر تهديدًا من آثار الجائحة. 

مع ذلك تضرر القطاع الصحي بوفاة أكثر من مئة طبيب وعامل صحي وفقًا لنقابة الأطباء اليمنيين، وهو قطاع عانى من خسارة كبيرة من كوادره بسبب الهجرة خلال فترة الحرب.

على صعيد آخر، تجاوزت أعداد الوفيات ما أشارت له البيانات المُعلنة، وفي عدن ارتفع معدل الإعلان عن الوفيات خلال شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران ليصل العدد ذروته إلى مئة، لكن المصادر الطبية تذهب إلى كون المعدل الطبيعي للوفيات في عدن 17 حالة وفاة يوميًّا. ومعظم هذه الوفيات كانت مُصابة بأعراض مشابهة لأعراض كورونا إلى جانب مرض آخر ينتمي إلى فصيلة الحمّيات ويدعى محلياً بـ(المكرفس)، ولم يكن من السهل الحصول على إحصائيات مماثلة في صنعاء وبقية المدن اليمنية. فيما منع المجلس الانتقالي المُسيطر على عدن نشر إحصائيات الوفيات اليومية.

وعلاوة على ذلك، عانى الاقتصاد اليمني المدمر بالحرب من آثار الانكماش في دول المنطقة جراء تفشي كورونا. وتراجعت تحويلات المغتربين في دول الخليج إلى اليمن بنسبة 70% في النصف الأول من العام. ويبلغ متوسط التحويلات كل عام 3,5 مليار دولار منذ 2015 حتى 2019. كما تضاءل حجم المعونات الإنسانية، بعد تخفيض المانحين معوناتهم متأثرين بالأزمة الاقتصادية، وبسبب العراقيل التي وضعتها جماعة أنصارالله (الحوثيين) أمام عمل المنظمات الدولية في مناطق سيطرتها، ما يعني انخفاض أهم مصدرين لدخول العملة الصعبة بعد توقف تصدير النفط والغاز، فيما لا تزال قوات إماراتية تسيطر على منشأة بلحاف الغازية في شبوة منذ بداية الحرب، وتمنع تصدير شحنات الغاز منها.

وانخفضت مداخيل المغتربين في دول الخليج بسبب عمليات الإغلاق الشامل التي اتبعتها الحكومات للحد من انتشار فيروس كورونا، إضافة إلى أسوأ انكماش اقتصادي عانت منه تلك البلدان مع تراجع أسعار النفط. وتكالبت على اليمن حوادث جعلت من هذا العام أكثر سوءًا على صعيد الاقتصاد، فإضافة إلى ما دمرته الحرب زادت الأوضاع سوءًا. وبصورة متزامنة مع استنفاد الحكومة الوديعة السعودية المُقدرة بملياري دولار، أعلن الحوثيون حظرًا للتعامل بالفئة الجديدة في مناطق سيطرتهم. وفي وقت كانت الحكومة اليمنية تعاني من ضغوط سعودية لإتمام اتفاق الرياض. فمع إعلان الحكومة الجديدة، سرعان ما تعافى الريال في عدن متواترًا مع تعهد سعودي لإطلاق وديعة.

 انقسام وتقاسم

وترتب على حظر التعامل بالفئة الجديدة، تراجع لقيمة الريال في عدن، بينما حافظ في صنعاء على استقراره. فمن جهة ارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة 40% في مناطق سيطرة الحكومة، بينما أضيفت الفوارق في قيمة الفئتين النقديتين على التحويلات القادمة من مناطق الحكومة، لتبلغ ذروتها في النصف الأول من ديسمبر/ كانون الأول؛ ببلوغها حوالي 35% من حجم التحويل المالي. 

ومع تعافي الريال في عدن خلال الأيام الأخيرة من عام 2020، يمكن للبعض أن يعقد التفاؤل لعام أقل سوءًا.

لكن ما خلقه انقسام العملة اليمنية، على التعاملات البنكية والمصرفية، أثار روحًا جديدة تتقاسم فيها أطراف الحرب التعاملات التجارية في مناطق سيطرتها. وكانت شركة سبأفون أعلنت نقل مقرها إلى عدن في 20 سبتمبر/ أيلول، بينما تقاسمت أطراف النزاع شركة واي، بعد الإعلان عن إفلاسها. وفي وقت تخطط شركة MTN، ومقرها في جنوب أفريقيا ببيع حصتها في أربع دول بما فيها اليمن، ربما يحدث الأمر نفسه. 

الواقع الجديد رسم تحولاته أيضاً على أصعدة أخرى،  فاقتسم الطرفان تجارة المشتقات النفطية وتشكلت حواجز عسكرية وأخرى جمركية، والاتفاق على المصالح التجارية يسبق الاتفاق حول السياسة والأوضاع الإنسانية. 

ولم يذهب هذا العام بعيدًا حتى في وعوده، فبعد ما تعهد به رئيس المجلس السياسي في صنعاء مهدي المشاط من دفع نصف راتب كل شهرين للموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتهم، اعتذر في نهاية العام عن هذا الوعد. 

استثناء سيئ وآخر جيد

تتخذ الأحداث في اليمن طريقًا مخالفًا لما يجري في العالم، وإن لم يكن بمنجى عن مؤثراته. وعلى خلاف ما شهده 2020 هذا العام من ارتفاع المشاركة النسوية في الحياة السياسية حول العالم، أعلن هادي بتشكيل حكومة يمنية غابت عنها المرأة للمرة الأولى منذ عشرين عامًا. وفي هذا العام تترأس المرأة في 20 دولة، وهو رقم قياسي، بينما ارتفع تمثيلها في البرلمانات العالمية ما يقارب الربع، وفي أمريكا أصبحت أول امرأة نائبة لرئيس الجمهورية بعد نجاح بايدن.

ولعل نجاح صفقة تبادل الأسرى بين الحكومة المعترف بها دوليًّا وجماعة الحوثين مثّل خرقًا لعام لم يحدث فيه الكثير من التوافق. وبعد سنوات من التضييق على الصحافة وحرية التعبير قوض ما تحقق من هامش حرية، أصدرت المحكمة الجزائية في صنعاء حكمًا بإعدام أربعة صحفيين في 11 أبريل/ نيسان. وعلى الرغم من أن صفقة تبادل 1081 أسيرًا ضمت خمسة صحفيين إلا أنه لم يكن بينهم أيٌّ من الصحفيين الذين يواجهون عقوبة الإعدام. 

ولم يقتصر اعتقال الصحفيين على جماعة أنصارالله الحوثيين، ففي حضرموت تم اعتقال الصحفي عبدالله بكير في 27 مايو/ أيار، وهي إحدى ثمان وقائع انتهاك للحريات الصحفية وُثقت على الحكومة المعترف بها دولياً .

© ICRC

غريفيث وجهود من أجل السلام

لم يتمكن المبعوث الأممي إلى اليمن بسبب الإغلاق من زيارة اليمن سوى ثلاث مرات، إحداها كانت إلى محافظة مأرب. ومنذ مارس/ آذار سعى المبعوث للتشاور مع أطراف النزاع في اليمن من أجل مبادرة حل شامل، تتضمن ثلاث عناوين رئيسية، وهو ما تم صياغته تحت مُسمى "الإعلان المُشترك" ولأول مرة يظهر هذا المُسمى في 15 يوليو/ تموز خلال لقاء اجراه غريفيث مع موقع أخبار الأمم المتحدة.

ويهدف الإعلان المشترك إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وتدابير إنسانية واقتصادية للتخفيف من معاناة الشعب اليمني ، إضافة إلى استئناف العملية السياسية. وكانت رؤية المبعوث مشاركة الأطراف والفئات اليمنية المتنوعة من أجل إنهاء الحرب.

وخلال سلسلة مشاورات بين المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، والحكومة اليمنية وجماعة انصار الله كلاً على حدة، تطور مقترح مبادرة انهاء الحرب، واتخذت عناصر الاعلان المشترك سلسلة من التنقيحات المستمدة من تعليقات طرفي النزاع في اليمن، من أجل سلام شامل وعادل. وأشار المبعوث الأممي لهذا الاعلان خلال لقاء له مع منصة (خيوط). 

وعلى حسب العادة، يقدم المبعوث الأممي إحاطة كل شهر، وفي 2020 قدم 12 إحاطة أمام مجلس الأمن بينها 3 إحاطات في جلسة مغلقة كانت في (يونيو/ حزيران، واغسطس/ آب، وديسمبر/ كانون الأول). 

وبسبب اجراءات الاغلاق في العالم مع تفشي وباء كورونا، اقتصرت زيارة المبعوث إلى اليمن ثلاث مرات إحداها كانت إلى مأرب أعلن فيها وقفاً شاملاً وغير مشروط لإطلاق النار، لافتاً إلى أهمية مأرب كمنطقة تحتضن النازحين من مناطق الحرب الأخرى.

وتوجت مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن في التمهيد لصفقة تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصارالله (الحوثيين). ولعب مكتب المبعوث دوراً في تسهيل اجتماع اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع طرفي النزاع بشأن ملف السجناء والمحتجزين، في فبراير/ شباط وسبتمبر/ أيلول وقرر الطرفان تبادل قوائم الأسرى بعد اختتام الاجتماع الأول في العاصمة الأردنية عمّان في 16 فبراير/ شباط، بينما اسفر الاجتماع الثاني في غليون (سويسرا) بإطلاق 1081 سجينا ومعتقلا مرتبطاً بالنزاع.

خسارة سقطرى

كانت 2020 تنذر بأزمات سياسية رغم ما استبقها من مساعٍ للتوفيق بين الأطراف المتنازعة ضمن اتفاق الرياض، إلا أن الوضع السياسي زاد تعقيدًا مع سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على جزيرة سقطرى في 21 يونيو/ حزيران. 

وسبق السيطرة على الجزيرة توترًا منذ أبريل/ نيسان، بعد إرسال قوات المجلس الانتقالي تعزيزات إلى مدينة حديبو عاصمة الجزيرة. وغادر الشيخ ياقوت بن عيسى شيخ مشائخ سقطرى الجزيرة إلى حضرموت بطلب من الحكومة في مايو/ أيار، بحسب ما ذكره بيان صدر عن مكتب الشيخ وقتها. وكان رمزي محروس (محافظ سقطرى)، اتهم السعودية بالتواطؤ في سقوط الجزيرة بعد تقديمها ضمانات للسلطات المحلية بعدم السماح لقوات الانتقالي في السيطرة على الجزيرة.

وتقع جزيرة سقطرى في موقع استراتيجي بين بحر العرب والمحيط الهندي، تشكل امتدادًا بين جزيرة العرب والقرن الأفريقي، وشبه الجزيرة الهندية. إنها قصة تقف في منتصف الطريق بين الشرق والغرب، أثارت أطماع القوى، قديماً، فاحتلها اليونانيون والبرتغاليون. 

ملاحة على خط النار

ربما يكون عام 2020 الفصل الأكثر تهديدًا للملاحة في بحر العرب والبحر الأحمر، فتزايدت الهجمات خلال النصف الثاني على السفن النفطية والتجارية أثناء مرورها قبالة السواحل اليمنية، فيما تعرضت سبع ناقلات لهجوم خلال هذا العام، بينما قالت السعودية إنها أحبطت هجومًا بقاربين مفخخين جنوب البحر الأحمر، أطلقتهما جماعة الحوثي. 

وشهد بحر العرب خمس هجمات، بينما اقتصر الهجومان في البحر الأحمر على ناقلتين قبالة السواحل السعودية، آخرها في 24 ديسمبر/ كانون الأول حين تعرضت ناقلة نفط ترفع علم سنغافورة، لهجوم بقارب مفخخ قبالة ميناء جدة السعودي، أحدث ضررًا في بدنها، وناقلة أخرى أصيبت بشظايا قارب مفخخ كانت ترسو على مرفأ سعودي، وهي مملوكة لشركة يونانية في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني.

وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول تعرضت ناقلة نفط تحمل مليوني برميل، لهجوم قبالة ساحل الشحر في حضرموت، بينما انفجر لُغمان بحريان بعد ثلاثة أيام ألحقا ضررًا ببدن ناقلة تحمل مليون برميل نفط قبالة منطقة النشيمة في شبوة. وقالت السعودية إنها أحبطت هجومًا على ناقلة نفط كانت تبحر على بعد 90 ميلًا من ميناء نشطون في المهرة في 4 مارس/ أذار. 

ومن جهة أخرى تعرضت سفينتان تجاريتان بريطانيتان لهجومين في بحر العرب آخرهما في 4 ديسمبر/ كانون الأول، بينما استهدف الحوثيون منشآت نفطية على الساحل السعودي.

وتبنى الحوثيون هجومًا في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني على مصنع تملكه شركة أرامكو في جدة لتوزيع المواد البترولية، بعد عشرة أيام من هجوم تبنوه على محطة عائمة في جازان تتبع محطة توزيع للمنتجات البترولية. وفي 13 يوليو/ حزيران قال الحوثيون إنهم أصابوا منشأة نفط في جازان بصاروخ وطائرة مسيرة.

هناك هجوم واحد في النصف الأول من العام، بينما شهد النصف الثاني منه تصعيدًا واضحًا، وتركّز بدرجة أساسية ضد ناقلات ومنشآت نفطية، ما يفتح الملاحة في بحر العرب والبحر الأحمر لمخاطر متزايدة، وتمر فيها سنويًّا بضائع بقيمة 2.5 ترليون دولار، أي ما يعادل 13% من حجم التجارة العالمية.

ويثير هذا التهديد مخاوف من إعادة تموضع للأساطيل العسكرية البحرية الدولية تحت ذريعة حماية هذا الممرات، وربما يعيد صبغ المشهد الشرق أوسطي بمزيد من التوتر، غير أن تلك الهجمات تحمل رسائل لأطراف كنوع من ممارسة ضغط، أو لاستعراض مساحة تأثيرها في حال انفجر الوضع.

انفراج أزمة صافر

بعيدًا عن الهجمات التي تستهدف ناقلات النفط، أصبحت سفينة صافر العائمة على البحر الأحمر قبالة ميناء رأس عيسى النفطي، تهديدًا يؤرق العالم وخصوصًا الناشطين في مجال البيئة.

في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلن الحوثيون عن توصلهم إلى اتفاق مع الأمم المتحدة بشأن أعمال الصيانة للسفينة المتوقفة منذ بدأت الحرب. وبموجب الاتفاقية سيسمح الحوثيون بوصول الفريق الأممي الخاص بتقييم وصيانة سفينة صافر، ومن المتوقع أن يكون الفريق جاهزًا على الأرض بغضون 6 أو 7 أسابيع من تاريخ هذا الاتفاق.

وسبق للحوثيين أن وافقوا على مقترحات الأمم المتحدة بشأن إرسال فريق صيانة عبرها، غير أن الأمم المتحدة كانت ما تزال بحاجة لتحديد جدول زمني، وبما يتوقف على توفر المعدات المطلوبة في السوق من أجل عمل الفريق.  

Photo Credit: Maritime First ©

والسفينة عبارة عن خزان نفطي عائم لتصدير النفط، تم إنشاؤها قبل 34 عامًا، وتختزن 1.14 مليون برميل نفط، يمكن أن يتسبب بأكبر كارثة للبيئة البحرية في المنطقة حال تسربها. والسفينة بحاجة إلى فحص وتقييم سنوي، توقفت منذ بداية الحرب. 

وسبق لطرفي النزاع استخدام قضية صافر، كأداة ضغط يحمّل فيها كل طرف خصمه تبعات أزمتها. وحاولت جماعة أنصارالله (الحوثيين) بيع الكمية المُخزنة من النفط في 2016 و2017، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب الحصار الذي تفرضه قوات التحالف والصعوبات التقنية لشفط هذه الكمية المهولة. ويبدو أن سفينة صافر تفصيل صغير في خط ملاحي يعوم فوقه ما يزيد عن خمسة ملايين برميل نفط، لتشهد المنطقة أغزر فصل من استهداف حركة ناقلات النفط والمنشآت النفطية، وما يزال العالم يترقب بالكثير من الخشية، أن تحدث انفراجة قريبة في ملف هذه القنبلة البئية الموقوتة.

أوراق سفير واغتيال وزير في يوم واحد

أعلنت إيران في 17 أكتوبر/ تشرين الأول أن حسن إيرلو (سفير فوق العادة ومطلق الصلاحية) وصل صنعاء، وهو أول سفير يُعتمد في صنعاء في ظل سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) عليها في ٢١ سبتمبر/ سبتمبر ٢٠١٤. وقدّم إيرلو أحد عناصر الحرس الثوري، بحسب تقارير دولية، أوراق اعتماده بصورة رسمية لوزير خارجية حكومة الحوثيين وحلفاؤهم من حزب المؤتمر الشعبي العام في 27 أكتوبر/ تشرين الثاني.

وفي اليوم نفسه تعرض وزير الشباب والرياضة في حكومة صنعاء حسن زيد للاغتيال وسط العاصمة اليمنية، حيث قام مسلحون على دراجات نارية برشق سيارته بوابل من الرصاص جنوب صنعاء، بينما كان إلى جانب ابنته. كثير من خصوم جماعة الحوثيين ربطوا بين الأمرين، وشككّوا في التحقيقات والاجراءات التي تلت واقعة القتل. 

على أن الطريقة التي وصل فيها سفير طهران إلى صنعاء لم تتضح، رغم الحصار الجوي الذي يفرضه التحالف بقيادة السعودية على اليمن. وأعلنت وساطة عُمانية في 14 أكتوبر/ تشرين الأول، نجاحها في الإفراج عن رهينتين أمريكيتين ورفاة ثالث، كانوا محتجزين في صنعاء. 

وكانت طائرة تتبع سلاح الجو العُماني قد أقلت الرهينتين الأمريكيتين بعد ساعات من وصول مئتين من عناصر الجماعة، إلى صنعاء، كانوا يتلقون العلاج في سلطنة عُمان ضمن مبادرة حسن نية قدمتها الأمم المتحدة. وتضمنت الصفقة إيصال شحنة أدوية للحوثيين كانت مُحتجزة في مسقط. 

إلى ذلك اشترطت جماعة أنصار الله (الحوثيين) إخراج مسلحين لتلقي العلاج في عُمان، للمشاركة في مؤتمر سلام، كان مُقررًا انعقاده في جنيف خلال سبتمبر/ أيلول 2018. لاحقًا استضافت العاصمة السويدية ستوكهولم المؤتمر، والتحق به وفد الحوثي بعد نقل الجرحى عبر طائرة عُمانية. 

وتحدثت صحيفة أمريكية عن تعرض الرياض لضغوط دولية من أجل السماح بعودة عناصر الجماعة، إذ كانت لديها مخاوف من وجود خبراء في توجيه الصواريخ وإطلاقها. وبحسب معلومات حصلت عليها (خيوط)، عبر قادة سعوديين في التحالف عن قلقهم من وجود ضباط إيرانيين ضمن الرحلة، إضافة إلى المخاوف من حصول الحوثيين على أجهزة حديثة لتوجيه الصواريخ والطائرات المُسيرة.

وبعد أيام من إتمام العملية أعلنت إيران عن وجود سفير لها مطلق الصلاحية في صنعاء. ويعتبر الإيراني حسن إيرلو أول سفير رسمي يمارس مهامه في صنعاء منذ اندلاع الحرب في اليمن.

بهائيو اليمن... من السجن إلى المنفى

من جهة أخرى، قال مصدر، إن الصفقة لم تقتصر على تسليم رهينتين أمريكيتين، إنما تضمنت الإفراج عن ستة بهائيين كانوا محتجزين في صنعاء. وأطلقت جماعة أنصار الله (الحوثيين) ستة بهائيين ضمن عملية سرية، بحسب المصادر، تدخلت فيها الأمم المتحدة.

وكان رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط أعلن في 25 مارس/أذار بالإفراج عن المعتقلين البهائيين، لكن إطلاقهم تأخر حتى 30 يوليو/ تموز. واعتقل الحوثيون خمسة يمنيين من الطائفة البهائية، بينما كان زعيم الطائفة في اليمن حامد حيدرة معتقلًا منذ 2013، وكان يواجه عقوبة الإعدام. وبينما أعلنت الطائفة البهائية أن أولئك الستة ما زالوا يسعون لاستعادة أصولهم المُصادرة وإسقاط كافة الملاحقات ضدهم، عادت المحكمة الجزائية في صنعاء لتحاكمهم كفارّين من وجه العدالة في أغسطس/ آب. 

فيضانات... حتى الأمطار فعلت فعلها

شهد اليمن خلال أبريل/ نيسان ويوليو/ تموز وأغسطس/ أب عددًا من الفيضانات والسيول تسببت بعدد من الضحايا. وارتفع معدل تساقط الأمطار، وسط تكهنات بتغيرات مناخية ستشهدها اليمن خلال السنوات القادمة. لكن الأمطار أيضًا تركت ندوبها خلال عام لم يبخل بإشكالياته. وتسببت السيول والفيضانات خلال شهور أبريل/ نيسان ويوليو/ تموز وأغسطس/ آب، بمقتل حوالي 172 شخصاً حول اليمن، بينما تضررت أكثر من 262 منشأة، بعضها تدمرت كليًّا. وتعرضت بيوت أثرية لدمار جزئي أو كلي بسبب الأمطار في صنعاء القديمة وشبام حضرموت، وهناك أكثر من 112 منزلًا مهددًا بالسقوط فقط في صنعاء القديمة. 

وعانى النازحون بصورة كبيرة حيث تعرضت خيامهم للجرف، بينما تضررت مدرجات زراعية. وفي 8 أغسطس/ آب فاض سد مأرب بعد أن تجاوزت المياه فيه حاجز550 مليون متر مكعب، وهي السعة القصوى للسد، للمرة الأولى منذ افتتاحه عام 1986، لكن تدفق السيول إلى الصحراء أودى بحياة 31 من النازحين، وتضررت أكثر من ألف أسرة، جُرفت خيامها وبعض ممتلكاتها. 

وبلغت الأمطار في الثامن من أغسطس/ آب ذروة غزارتها، لينهار على إثر ذلك منزل الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردّوني، والواقع في باب السباح، أحد أبواب صنعاء السبعة.

تهامة... أعنف معارك منذ عامين

اشتركت تهامة، في معاناتها مع مأرب، فالسيول جرفت من البشر والمزارع إلى قطعان الماشية، كما اكتوت مناطق الساحل الغربي بمعارك هي الأعنف منذ منتصف 2018، حيث شهدت الجبهة هناك تصعيدًا في أغسطس/ آب، وأدت إحدى الهجمات الجوية التي شنها طيران التحالف إلى مقتل وإصابة 25 من المدنيين. 

وفي السياق عزز الحوثيون بقوات نحو الساحل، تمكنت من إخراج مقاتلين لهم مُحاصرين في مديرية الدريهمي منذ 2018، وتوسع هجومهم ليسيطروا على قرى في مديريتي الدريهمي وحيس، وأجزاء من الكيلو 16، في ظل وتبادل الاتهامات بين طرفا النزاع حول الخروقات التي هددت اتفاقية ستوكهولم. 

واستمرت المعارك بين الحوثيين والقوات المشتركة التي يقف على رأس أبرز تكويناتها طارق محمد عبدالله صالح نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، مسنودًا بدعم إماراتي. واستمرت المعارك بين الطرفين حتى أواخر العام، لكنها اتخذت منحى آخر في نوفمبر/ تشرين الثاني. 

المدنيون: قربان شياطين الحرب 

في مدينة المخا الواقعة على الساحل الغربي، تدير منظمة أطباء بلا حدود مستشفى خاص بالإصابات البالغة. ويقول مايكل فيشت رئيس بعثة أطباء بلا حدود في اليمن، أنه "تم معالجة 122 مدنيًّا". لكن منذ الأسبوع الأخير من نوفمبر/ تشرين الثاني، تغير الأمر وأصبحت النساء والأطفال يمثلون الغالبية العظمى من تلك الإصابات. 

على الأرجح، أصبح معظم القتلى مدنيين في الساحل الغربي مع تراجع الاشتباكات البرية وتبادل قصف عشوائي بين الطرفين، بما في ذلك تدخل الطيران أو ضحايا الألغام التي زرع معظمها الحوثيون.

يتفق جميع أطراف الحرب على استهداف المدنيين؛ إذ استقبل المستشفى نساء مصابات، بعضهن حوامل، وأطفالًا، وكذلك عُمال تعرض مصنع يعملون فيه للقصف. وقد استهدف الحوثيون مصنع ألبان (يماني) المملوك لمجموعة إخوان ثابت التجارية مرتين خلال هذا العام، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وتعرضت مارب لحصيلة هي الأكبر من الهجمات بالصواريخ البالستية والطائرات المُسيرة خلال هذا العام، أدت إلى مقتل وإصابة مدنيين.

تسبب النزاع في 2020، بمقتل مئات المدنيين ونزوح عشرات الآلاف من المدنيين، ويزيد عدد النازحين عن ثلاثة مليون نسمة منذ بدأت الحرب في اليمن، فضلاً عن إقدام الأطراف المتحاربة على قتل المدنيين واحتجازهم التعسفي.

وعلى غرار الحديدة شهدت المواجهات في تعز تصعيدًا خلال النصف الثاني من العام، دون أن تشهد أي تقدم للطرفين. وخلف الصراع في تعز 484 قتيلًا وجريحًا من المدنيين، بينهم 35 طفلًا. وينسب للحوثيون مقتل 113 مدنياً، بينهم ست سجينات قتلن في قصف استهدف السجن المركزي بتعز، بينما تنسب إلى القوات الحكومية مقتل 69 مدنيًّا في منطقة الحوبان أو نتيجة لاشتباكات وسط المدينة.

وواصلت طائرات التحالف حصدها للمدنيين، ففي الجوف قُتل حوالي 70 مدنيًّا حينما شنت طائرات التحالف هجمات جوية على مديريات الحزم والمصلوب وخب والشغف. 

وعلى الحدود اليمنية-السعودية، شنت القوات السعودية هجمات مدفعية وصاروخية على القرى المتاخمة الواقعة في محافظة صعدة أدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى من المدنيين. 

الجائحة ومطالبة بمحاكمة دولية

اشتركت جميع أطراف الصراع في قتل المدنيين، وتنوعت انتهاكاتها بين الحجز التعسفي والتعذيب والإختفاء القسري، كما جندت الأطفال واحتلت المدارس وعملت على إعاقة وصول المساعدات الإنسانية.

وقد استولى الحوثيون على مساعدات إنسانية، كما استهدف طيران التحالف مخزنًا يحوي مواد غذائية وإغاثية في صعدة. وتعرض العاملون في المجال الصحي والإنساني لاعتداءات متكررة، جميعها ترقى إلى كونها انتهاكات جسيمة بحق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

إلى ذلك، أطلق فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، في 9 سبتمبر/أيلول، تقريره الثالث بشأن اليمن، من مدينة جنيف السويسرية بعنوان "جائحة الإفلات من العقاب في أرض معذبة". 

وخلص التقرير إلى أنه "ما من أيادٍ نظيفة" في هذا النزاع، محملًا جميع أطراف النزاع في اليمن المسؤولية، واصفاً الانتهاكات أنها قد ترقى إلى جرائم حرب. وبحسب التقرير المُقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الخامسة والأربعين فإن التدهور المستمر للوضع الإنساني، يعود بشكل مباشر لسلوك أطراف النزاع، ولم يكن نتيجة عرضية للأعمال العدائية. 

وأكد التقرير أن الانتهاكات في اليمن وصلت إلى مستويات خطيرة ترقى إلى جرائم حرب، إذا اتسم التقرير الثالث لفريق الخبراء بصرامة فاقت سابقيه، موصيًا بمساءلة جميع منتهكي حقوق الإنسان، بما في ذلك إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن.

وقدم الفريق إحاطة أمام مجلس حقوق الإنسان في 29 سبتمبر/ أيلول، فضلاً عن عقد جلسة مغلقة أمام مجلس الأمن في 3 ديسمبر/ كانون الأول، للمرة الأولى منذ تشكله عام 2017، قدم فيها إحاطة استعرضت نتائج وتوصيات تقريره الأخير. وطالب بتدخل المجلس من أجل إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة منذ بداية الحرب.   

انتهاك الحريات الشخصية

مارست السلطات الحاكمة في صنعاء وحضرموت نوعاً من الوصاية غير القانونية على الحريات العامة والشخصية، وحاولت فرض قوانين عرفية في الجامعات وأماكن الترفية والتجمع.

وتنوع الاستهداف في صنعاء ما بين حملات لمتاجر بيع الملابس وكافيهات وصالات أفراح، فيما قامت مجموعة في مدينة المكلا تتبع السلطات المحلية بحلاقة شعر شباب بمبرر أن طريقتها تخالف (الأخلاق العامة). 

وفي منتصف أغسطس/ آب شنت جماعة الحوثيين حملات لإلزام الكافيهات على رفع لافتات تمنع دخول الشباب والرجال إلى بعض الأقسام التي كانت مشتركة، مشددةً على الكافيهات والمطاعم وصالات الأفراح "منع الاختلاط بين الرجال والنساء". 

وبعد أسبوع من هذه الحملات، أغلقت الجماعة بعض الكافيهات تحت مبرر أنها لم تلتزم بمنع الاختلاط، وعادت تلك الكافيهات لفتح أبوابها بعد التزام مُلاكها بعدم السماح بأي نوع من الاختلاط، ولم تكتفِ الجماعة بالفصل بين الجنسين، بل فرضت على بعض المطاعم بحيث تصير مخصصة للنساء فقط. 

وفي السياق ذاته، قامت الجماعة بمنع حفلات التخرج؛ لأنها "تشهد اختلاطًا بين الجنسين"، بينما فرضت على الجامعات تعليمات تمنع اختلاط الطُّلاب والطالبات وتتضمن منع الطالبات من ارتداء عباءات مفتوحة أو قصيرة أو ضيقة، أو استخدام مساحيق التجميل، أو إظهار أي مساحة من الشعر.

وفي سيئون تعرض برنامج TEDx seiyun women كان مُزمعًا إقامته خلال ديسمبر/ كانون الأول، إلى تحريض من شخصيات موالية للسلطات المحلية، ما دفع اللجنة المُنظمة للفعالية إلى إلغائه. 

وهذا الفصل من التضييق على الحريات مرشحٌ للتصعيد تحت ذريعة (الأخلاق العامة)، أو (تأخير النصر الإلهي) أو أي نوع من المبررات التي تساهم في توسيع الرقابة على التدخل في كل تفاصيل الحياة الشخصية للأفراد والجماعات على حد سواء.

قانون الخُمس

يبدو أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) ذهبت بعيدًا، لتقر ما يُعرف بقانون الخُمس، أو ضريبة الخُمس. وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وقع على لوائح جديدة بشأن تحصيل وصرف أموال الزكاة، وتقضي اللائحة الجديدة لقانون الزكاة ضريبة الخُمس التي تذهب إلى منتسبي الأسر الهاشمية، بما في ذلك الأنشطة الاقتصادية القائمة على استخراج واستثمار الموارد طبيعية، في المناطق التي تتبع سيطرة الجماعة. وأثار هذا القانون نقدًا واسعًا بين اليمنيين، باعتبار أن الجماعة تشرع تمييزًا بين اليمنيين.

الجريمة حين توثقها الكاميرا... الأغبري

للمرة الأولى يشاهد اليمنيون عملية تعذيب وحشية تعرض لها المواطن عبدالله الأغبري (24 سنة)، أدت إلى وفاته جراء نزيف داخلي. في سبتمبر الفائت وثقت كاميرا مراقبة تفاصيل تعذيب الأغبري بواسطة أشخاص يعمل لديهم في محل جوالات وسط العاصمة صنعاء. 

وقام ضابط في المباحث بتسريب مشاهد مسجلة بالكاميرا وثقت تفاصيل الجريمة، ما أثار تفاعلًا وجعلها قضية رأي عام، حينها شهدت صنعاء أول مظاهرات منذ حوالي عامين ونصف للمطالبة بمحاكمة قتلة الأغبري، تلاها عملية اعتقالات للمتظاهرين، وإقالة الضابط المُتهم بتسريب مشاهد التعذيب. 

حدثت الجريمة في سبتمبر/ أيلول وصدر الحكم الابتدائي في 17 أكتوبر/ تشرين الأول بإعدام خمسة متهمين بقتل الأغبري وتعذيبه، لكن محكمة الاستئناف أيدت الحكم بإعدام أربعة، بينما خفف الحكم على خامس إلى حبس خمس سنوات. 

عاودت الكاميرا حضورها ووثقت جريمة قتل في تعز من نوع آخر؛ ارتكبها مسلحون في رواق مستشفى الروضة بدم بارد. الضحية مسلح آخر يُدعى محمد المغربي، قتله مسلحون بعد مشادة كلامية أظهرت الكاميرا ملامحهم. وحتى لا يتم إسعاف الضحية وإنقاذه، تأكد المسلحون من أنه فارق الحياة قبل فرارهم. تؤرخ الكاميرا الحادثة؛ الساعة الثانية إلا خمس دقائق تقريبًا، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني. ويتهم الناشطون في المدينة القيادات الأمنية والعسكرية، التي تنتمي لحزب الإصلاح، بالتستر على مرتكبي الجريمة رغم توثيق الكاميرا ملامحهم.

في حجة لعبت كاميرا الهواتف الذكية، دورًا لكشف شبكتين تقومان باغتصاب أطفال غالبيتهم لا تزيد أعمارهم عن عشر سنوات، كانت آخرها اغتصاب طفل بعمر أربع سنوات. أوقفت المباحث 40 شخصًا في مدينة حجة عبر اكتشاف تسجيلات فيديو لجرائم الاغتصاب في هواتفهم الذكية، كانوا يصورون ضحاياهم لابتزازهم وتهديدهم.

شبكة أخرى تم اعتقالها في مديرية المحابشة، كشفتها واقعة اغتصاب تعود إلى 2014، ضحيتها طفل كان بعمر العاشرة. وهربًا من الابتزاز التحق الطفل بالمقاتلين الحوثيين. غير أن المجرم اتصل به مؤخرًا، يهدده بنشر مقاطع اغتصابه إذا لم يحصل منه على سلاح كلاشينكوف. اضطر الضحية للإبلاغ عن الواقعة، وحدث أن ظهرت شبكة أخرى. 

والأكيد أن معظم الجرائم لا توثقها الكاميرات.

العنف ضد النساء

مع ازدياد وتيرة العنف في البلاد، فإن وقعه يزداد حدة على الفئات الأكثر هشاشة كالأطفال والنساء. إذ شهد هذا العام واحدة من أعلى معدلات جرائم قتل الرجال لزوجاتهم، وتخلل الجرائم تعذيبٌ واستخدام وسائل بشعة. وفي حجة، أيضاً، التي ظهرت فيها أربع جرائم قتل، قام رجل بتعذيب زوجته وطلب من ولده المراهق مساعدته أثناء تعليق المرأة (أمّ المراهق) على السقف، قبل أن يخنقها بسلسلة حديدية. طالبت المصادر التحفظ عن الأسماء. 

وأقدم رجل في المكلا بحضرموت بإحراق امرأته واسمها مروة البيتي، أمام طفليها، في الوقت الذي شهدت مدن يمنية عديدة جرائم مماثلة، مثل صنعاء وذمار ولحج، بينما قامت امرأة في حضرموت وأخرى في دمت، بقتل زوجيهما.

هل كان عام التوطئة لعودة حكومة في عدن

شهدت عدن اشتباكات بين قوات أمن عدن وقوات الحزام الأمني، بعد محاولة الأخيرة السيطرة على معسكري خفر السواحل والنصر. ويبدو أن صراع الأجنحة فرض نفسه في (العاصمة المؤقتة)، فقوات العاصفة التي شكلت إدارتها المستقلة، سيطرت على مقر مكافحة الإرهاب الذي يقوده يسران المقطري. 

وكان جندي سعودي تعرض لإصابة أثناء تدخل القوة السعودية المتواجدة لإيقاف اشتباكات اندلعت بين جنود يتولون حراسة قصر معاشيق الرئاسي، يتبعون أمن عدن، وبين آخرين يتولون حماية مقر الجوازات في حي القطيع. وحدث القتال نتيجة منع أحد الجنود لأمن عدن دخول مبنى الجوازات بسلاحه الشخصي.

ويبدو أن هناك محاولة لإعادة رسم خارطة التشكيلات المسلحة، ففي 20 ديسمبر/ أيلول تمت إقالة وضاح عمر عبدالعزيز من قيادة الحزام الأمني في لحج. وسبق لوضاح أن تم نقله من قيادة الحزام الأمني في عدن مطلع أكتوبر/ تشرين الثاني، في عملية تبادلية مع قائد الحزام الأمني لمحافظة لحج جلال الربيعي، الذي يشغل حاليًّا قيادة الحزام الأمني في عدن. 

وأصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في 29 يوليو/ تموز قرارين قضيا بتعيين أحمد حامد لملس محافظًا لعدن، ويعتبر لملس قياديًّا في المجلس الانتقالي، إضافة إلى تغيير مدير أمن عدن شلال شائع. فهل كان نقل ثم استبعاد وضاح من قيادة الحزام الأمني ضمن إعادة ترتيب خارطة الولاءات في العاصمة المؤقتة، حيث من المعروف أن وضاح أحد الموالين للقيادي في المجلس الانتقالي هاني بن بريك. 

وكانت قوات التحالف منعت قادة المجلس الانتقالي من العودة إلى عدن في 11 مارس/أذار. وتم إبلاغ قيادات المجلس في مطار علياء بالعاصمة الأردنية عمان، بحسب المتحدث باسم الانتقالي نزار هيثم، بأن قيادة التحالف رفضت منح الطائرة التي تقل عددًا من قيادات المجلس إلى عدن تصريحًا للهبوط. 

وشهدت هذا العام حوادث أمنية متفرقة، مثل إحراق المقر الرئيسي لشركة سبأفون، إثر إعلانها الانتقال إلى عدن، وإلقاء مجهول قنبلة على مقر منظمة مدياغ الفرنسية، بينما تعرض الهلال الأحمر التركي لإطلاق رصاص وإيقاف العاملين فيه. 

إنه عامًا مربكًا في عدن من تهاوي سعر العملة إلى بعض الحوادث، وانقطاع الكهرباء خصوصًا مع منع السعودية مخصصات الديزل لكهرباء المدينة الساحلية الحارة. 

تعز: 

لم تكن لتذهب التغييرات العسكرية في تعز دون حدوث توتر، وبعد مقتل قائد اللواء عدنان الحمادي في ديسمبر/ كانون الأول 2019، أصبح الطريق إلى التربة (وهي المنفذ الوحيد المفتوح لمدينة تعز) ميسرًا بالنسبة لقيادة محور تعز المحسوبة على الإصلاح. وكان الرئيس هادي أصدر تعيينًا مثيراً للجدل، للعميد عبدالرحمن الشمساني لقيادة اللواء 35.

وفي 25 يوليو/ تموز أشرف محافظ تعز نبيل شمسان على عملية الاستلام والتسليم في مديرية المعافر، حيث جرت العملية بين العميد عبدالملك الأهدل أركان حرب اللواء والقائم بأعمال القائد، وبين قائد اللواء المُعين العميد. 

على خلفية التعيين حدث توتر في مديريتي المعافر والشمايتين (ريف تعز الجنوبي) وشهد اللواء تمردًا على القائد الجديد، وكاد الوضع أن ينفجر لكن سرعان ما تم إنهاء التمرد، شاب هذا التطور حملة اعتقالات في صفوف عسكريين وموالين للواء. وخلال هذا العام هاجم المحسوبون على الحكومة أو التحالف بعضهم البعض أكثر مما قاتلوا الحوثي. وفي المعارك التي خيضت شرق صنعاء وعلى الساحل، حقق الحوثي توسعًا وظل معظم الوقت في موقع المهاجم.

آر بي جي تستهدف منزل قاضٍ

عانى القضاء في اليمن من انتهاكات عدة عبر مسلحين، سواء في مناطق سيطرة الحكومة أو الحوثي. وفي صنعاء حدث اعتداءان على القضاة، حيث تعرض منزل رئيس محكمة شمال صنعاء القاضي عبدالله الأسطى لاستهداف منزله بقذيفة آر بي جي، وبتصريح من أمن صنعاء فإنه تم القبض على المتهم في الحادثة.

كان عامًا مليئًا بالتوتر، لكنه أيضًا لم يخلُ من أشياء جيدة.

الرياضة:

ما ميز هذا العام مقارنة بأعوام الحرب السابقة في اليمن؛ عودة مباريات كرة القدم في عدد من المدن اليمنية. وفي يناير احتضن الملعب الأولمبي في سيئون مباراة بين ناديي شعب حضرموت ووحدة عدن، بحضور 35 الف متفرج ملئوا الملعب. كان المشهد لافتة بليغة لعودة جزء من حياة قضت علها الحرب.

" وفاز نادي شعب حضرموت بضربات الترجيح ليتوج بالبطولة التي نظمها الاتحاد اليمني لكرة القدم، تحت مسمى "الدوري التنشيطي لأندية الدرجتين الأولى والثانية".  

كان الأمر بمثابة بداية رمزية لعودة كرة القدم بعد توقف بطولة الدوري اليمني منذ 2014، نتيجة الأحداث السياسية والحرب. وضمن بطولة محلية تم تنظيم بطولة خاصة لأندية محافظة شبوة منذ اكتوبر التي جرت لقاءاتها في ملعب الفقيد ناصر الخليفي في مدينة عتق. 

بينما كان المشهد في عدن أكثر دلالة، بالتطلع لعودة الحياة السياسية والعامة بعد اتفاقية الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي كان تعيين محافظ جديد أول ملامحها. وفي واحدة من أبرز محطات ظهوره هذا العام، قام محافظ عدن احمد لملس بافتتاح  ملعب الحبيشي، أقدم ستاد رياضي في الجزيرة العربية. 

وعلى خلاف ما أصبحت عليه الملاعب في العالم خالية من الجمهور، بسبب جائحة كورونا، كانت مدرجات ملعب الحبيشي وسط مديرية كريتر محتشداً بالجمهور، لمتابعة لقاء قطبي مدينة عدن نادي وحدة عدن ونادي التلال.

لم تقتصر الصورة بالتمهيد لعودة الكرة، بل لعودة التطبيع للحياة السياسية في العاصمة اليمنية المؤقتة بانتظار عودة الحكومة.

Reuters ©

خاتمة عام مروع:

بينما كانت شاشات التلفاز تنقل عودة الحكومة اليمنية الجديدة من الرياض إلى العاصمة المؤقتة عدن، لم يكن أكثر المتشائمين يتصور، أن العالم على موعد مع واحدة من اللحظات الفاجعة لعام 2020. وبعد هبوط الطائرة التي تقل أعضاء الحكومة اليمنية، في مطار عدن، تعرض المطار لهجمات متلاحقة، أظهرت الصور والفيديوهات الأولية التي تناقها الناشطون، سقوط صواريخ على مدرج المطار وصالته، مخلفة أكثر من عشرين قتيلاً ومئات الجرحى.

واتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي جماعة الحوثيين بالمسؤولية عن الحادثة. وفي اتصال مع رئيس الوزراء معين عبدالملك، قال أن الحادثة لن تثني الحكومة عن ممارسة مهامها من العاصمة المؤقتة ومواصلة جهودها لإنهاء الانقلاب. بينما وجه بتشكيل لجنة تحقيق بشأن الحادثة برئاسة وزير الداخلية ابراهيم حيدان.

وفي بيان لوزارة الخارجية اليمنية، وصفت العمل بالجبان، قالت إن هناك دلائل بأن جماعة الحوثي استهدفت المطار بأربعة صواريخ بالستية. وأضاف البيان أن مقر الحكومة في قصر معاشيق تعرض لهجمة بطائرة مسيرة، مساء اليوم الدامي. إلى ذلك قالت قوات التحالف بأنها اسقطت طائرة مسيرة حاولت استهداف قصر معاشيق بعد نقل الحكومة اليه.

وأثارت الحادثة ردود فعل عربية ودولية مستنكرة واقعة الهجوم. وتداول ناشطون في مواقغ التواصل الاجتماعي ما قالوا إنه فيديوهات لاطلاق صواريخ من منطقة الجند شمالي مدينة تعز، في المنطقة التي يسيطر عليها جماعة أنصارالله (الحوثيين). 

من جانبها، نفت جماعة أنصارالله صلتها بالهجوم، في تصريحات لبعض المحسوبين عليها.

يذكر أن الصليب الأحمر أعلن عن مقتل ثلاثة موظفين لديه في الهجوم، كما أعلنت قناة بلقيس مقتل مراسلها في عدن أديب الجناني أحد ضحايا الحادثة، في مشهد آخر من المآسي التي تعرضت لها الصحافة اليمنية خلال سنوات الحرب في اليمن.

افتتح العام حدوثه بالاعلان عن وباء كورونا في الصين، وأنتهى بمحاولة اغتيال حكومة، لم تبدأ أول مهامها بعد، في عدن.  وبصورة عامة، فالحادثة وصفاً مكثفاً لعام إشكالي أراد توديعنا على طريقته، متنبئاً بعام مفتوحاً على كل احتمالات الحرب. وفي حادثة تمتد بأسلوب 2020، من كورونا، مروراً بانفجار بيروت، وحوادث التوترات واللغط السياسية والدينية في عام الانكماش الاقتصادي الأقسى وإلى حادثة عدن المفتوحة على خيارات حرب يمنية، ماذا يمكن أن نقول؟


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English