من تعز... "الحياة لبنان"

رسالة تضامن في مهرجان ثقافي يمني إلى بيروت
فخر العزب
August 14, 2020

من تعز... "الحياة لبنان"

رسالة تضامن في مهرجان ثقافي يمني إلى بيروت
فخر العزب
August 14, 2020
ت: أنس المنصري

رغم جراحات اليمنيين من نار الحرب التي يكتوون بها منذ أكثر من خمس سنوات، إلا أن ذلك لم يمنع أهالي تعز المحتشدين في مدرجات قلعة القاهرة، من التضامن مع لبنان في محنته جراء انفجار الرابع من أغسطس/ آب 2020. لقد احتشدوا للاحتفال بمهرجان قلعة القاهرة الثالث، في اليوم التالي للانفجار، لكن عيون قلوبهم كانت تنظر إلى مرفأ بيروت المتصل بمحيطه من الأحياء والشوارع، عبر أكوام من الدمار. 

رجال ونساء وأطفال على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم السياسية والاجتماعية، وبشكل عفوي وتلقائي رفعوا العلَم اللبناني، وأوراق كتب عليها "من تعز إلى بيروت... قلوبنا معكم" و"الحياة لبنان"، تعبيرًا عن تضامنهم مع الشعب اللبناني الذي يعيش كارثة حقيقية بعد الانفجار الكبير الذي شهدته العاصمة بيروت، الثلاثاء 4 أغسطس/ آب 2020، مخلفًا قتلى وجرحى بالمئات، إن لم يكن بالآلاف. 

خلعت تعز أوشحة الحزن التي ترتديها بسبب الحرب، فأولت عيونها شمالًا باتجاه الشام، لتواسي أختها بيروت، وتمسح الدمع من على خديها، وهي تؤكد أن بيروت هي تعز، وتعز هي بيروت، وأنهما شريكتان في الأفراح والأتراح، وفي واحدية المصير.  

جمهور تعز المحتشد في قلعة القاهرة قدم رسالة تضامنية مهمة للتعبير عن حزنه ومواساته لبيروت

مدير مكتب الثقافة بمحافظة تعز "عبدالخالق سيف"، قال لـ"خيوط": «إن جمهور تعز المحتشد في قلعة القاهرة قدّم رسالة تضامنية مهمة للتعبير عن حزنه ومواساته لبيروت، وللبنان، البلد الذي يعشقه كل عربي؛ لكونه منبعًا للثقافة العربية والإبداع العربي». 

وأضاف سيف إن دلالة هذا التضامن هي دلالة الانتماء أولًا للبعد العربي، ورسالة امتداد ثقافي تقدمها تعز، بمكانتها الثقافية في اليمن، إلى "بيروت الحياة والفن والثقافة". وكانت تعز المكتوية بالحرب، قدمت رسالة تضامنها الإنسانية مع بيروت بطريقتها الخاصة، وأكّدت من خلال عبارات التضامن واللوحات الغنائية اللبنانية المقدمة في الفعالية، على وقوف اليمنيين بجانب بيروت في محنتها، وهو ما يؤكده سيف الذي قال عن الفعالية إن "تعز رغم معاناتها، لا تتخلى عن دورها الريادي، ولا عن بعدها الوطني والقومي، ولا عن شعورها بالإنسانية كلها"، وأن "هذا ما تحسن تعز الثقافة والإبداع والفن والحياة"، تقديمه رغم كل الظروف التي تحيط بها.

حملة التضامن مع بيروت لم تنحصر على تعز وأهاليها، بل شملت جميع اليمنيين على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية، الذين تركوا خلافاتهم جانبًا وتوحدوا في التعبير عن تضامنهم مع بيروت في مصابها منذ الساعات الأولى لانفجار بيروت، حيث اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي لليمنيين بمتابعة ونقل أخبار الحادث أولًا بأول، والتعبير عن التضامن مع لبنان من خلال التغريدات المصحوبة بصور العلَم اللبناني.

كما قام ناشطون يمنيون بتغيير صور "بروفايلاتهم" بصور العلَم اللبناني، ووضع إطارات تضامنية مع لبنان في فاجعته، بالإضافة إلى المنشورات التي عبرت عن مشاطرة اللبنانيين في مصابهم الذي وصفوه بأنه مصاب اليمنيين أيضًا، في تعبير أخوي صادق عن المصير العربي المشترك. 

الشاعر يحيى الحمادي، أشار إلى أن العلاقة بين اليمن ولبنان - علاوةً على كونها علاقة أخوَّةٍ ومصير مشترك - هي علاقة تعاطف إنساني يتشابك فيها الثقافي بالوطني، والتاريخي بالقومي، و"يتمازج فيها الدم بالدم، والدمع بالدمع".

وأضاف: «لبنان، وبيروت تحديدًا، هي واجهة العرب الثقافية والسياحية الأبرز والأكثر عمقًا من حيث السبق والأصالة، وهي قبل أن تكون ساحة صراعٍ أو نزاع، فإنها في الذاكرة اليمنية تمثل بلدَ إيليا أبي ماضي، وجبران خليل جبران، وإلياس فرحات، وخليل مطران، وهي دور النشر التي ملأت الساحة العربية لأكثر من قرنٍ برافدٍ ومعينٍ لا ينضب مِن الفِكر والثقافة والنور». 

وكانت حملة التضامن اليمنية مع بيروت في مواجهة الكارثة التي حلّت بها تركت انطباعات ايجابية لدى أطياف الشعب اللبناني، الذين ثمّنوا هذه الالتفاتة لشعب يعيش تحت الحرب، دون أن يمنعه ذلك من القيام بواجبه الأخوي في التعبير عن تعاطفه مع إخوانه الذين يواجهون المصائب والكوارث والمآسي والأحزان على امتداد الساحة العربية.

من السهل أن تعطي الطيبة حين تكون الشمس ساطعة على حياتك والأمان مستتب، لكن أن تعطيها في الليلة الظلماء فهذه هي الطيبة، وهكذا نصور تضامن إخواننا اليمنيين معنا

"نيكولا فرح" من أهالي بيروت الذين تفاعلوا مع حملة التضامن التي قام بها اليمنيون، قال لـ"خيوط": «إن هذا العالم لم يعلن سقوطه النهائي بعد؛ لأن فيه من الطيبين الأقوياء الذين يعيدون شحن المحبة في داخلهم كلما أفرغتها البشاعة السائدة»، ويردف فرح قائلًا: «من السهل أن تعطي الطيبة حين تكون الشمس ساطعة على حياتك والأمان مستتب، لكن أن تعطيها في الليلة الظلماء، فهذه هي الطيبة، وهكذا نصور تضامن إخواننا اليمنيين معنا».

ويؤكد فرح أن «المأساة التي يعيشها اليمنيون، تشغل الكثير من أحاديث الشباب اللبناني اليوم؛ لأنهم عاشوا - ولا يزالون - هذا النوع من الصراع، الذي تبدلت فيه الأدوار، لكن الزج بالشباب في أتونها كان قاعدة ثابتة ومشتركة.

ويختتم "فرح" حديثه بالقول: «نأمل أن يتوصل اليمنيون لحل نزاعاتهم بالاحتكام للحوار، وأن يطمئن الجميع للنتائج المترتبة على الحل الذي صاغته الأطراف المختلفة، بعيدًا عن صنع وتأليه الأشخاص».

وكان مرفأ بيروت شهد مساء الثلاثاء 4 أغسطس/ آب 2020م، انفجارًا مدمرًا، في أحد المستودعات الذي كان يحتوي على مواد شديدة التفجير، ما تسبب بمقتل 100 شخصٍ على الأقل، وإصابة أكثر من 4000، كما تسبب الانفجار بدمار شامل في معظم مناطق العاصمة بيروت.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English