أسعار الأضاحي في اليمن.. غصة مركبة

عندما تصل السوق بنقود تتقزّم في جيبك!
طلال محمد
July 31, 2020

أسعار الأضاحي في اليمن.. غصة مركبة

عندما تصل السوق بنقود تتقزّم في جيبك!
طلال محمد
July 31, 2020

في أحد أسواق المواشي بمدينة إب (وسط اليمن)، يشكو الحاج عبدالله أحمد (56 سنة) من ارتفاع أسعار الأضاحي قبل أيام من حلول عيد الأضحى هذا العام. يحل هذا العيد في ظل استمرار الحرب المدمرة التي دخلت عامها السادس، وفي ظل تفشي الكثير من الأوبئة التي صاحبتها منذ البداية، ومنها الجائحة الأخطر؛ (كوفيد- 19).

لم يتمكن أحمد من شراء أضحية عيد الأضحى كما اعتاد منذ أكثر من 25 عاماً. السبب يعود إلى الارتفاع غير المسبوق في أسعار المواشي، في ظل تدهور العملة المحلية أمام العملات الصعبة، وتوقف غالبية الأعمال، سواء في القطاع العام أو الخاص.

في حديث لـ"خيوط"، يقول أحمد، إنه بعد أن اعتراه اليأس وهو يتجول في سوق المواشي، في شارع الدائري، إنه تفاجأ حين وجد أن المبلغ الذي بحوزته لا يكفي لشراء أضحية تفي باحتياج أسرته.

  كان أحمد، الذي يعمل في مجال البناء، حزيناً لعدم تمكنه من شراء الأضحية قبيل أيام قليلة من حلول العيد. تساءل بمرارة: "من أين لي ثمن الأضحية والحال كما ترى؟"، مشيراً إلى أن وضعه كان أفضل حالاً حتى خلال السنوات الماضية من الحرب، لكن هذا العيد جاء مختلفاً بالنسبة له، بسبب توقف الأعمال، وعزوف الناس عن البناء، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، مع انهيار سعر الريال اليمني.

مناسبة مؤلمة

حال أحمد، هو مثال لملايين اليمنيين الذين لا يمتلكون ثمن الأضاحي، ويعتبرون العيد مناسبة مؤلمة، ذلك أنه بات يشكل بالنسبة لهم، مصدر همّ إضافي، ويحل عليهم ثقيلاً ومضاعفاً للمأساة التي يعيشونها.

  ومع اشتداد أزمات الحرب، وتردي الوضع الاقتصادي والمعيشي للكثير من الناس، غدت أضاحي العيد عقبات جديدة تثقل كاهل اليمنيين، إذ وصل متوسط سعر الخروف إلى 90 ألف ريال، في حين بلغ متوسط سعر الثور 650 ألف ريال (أكثر من 1000 دولار)، وهي زيادة باهظة مقارنة بالأعوام الماضية؛ جعلت الكثير من الناس يفكرون بالاستغناء عن الأضاحي التي صارت استحقاقاً ثقيلاً لدى المقتدرين، ومصدر ألم كبير بالنسبة للمعسرين.

  ورغم أنه العيد السادس من نوعه في ظل الحرب المستمرة في البلاد، إلا أنه الأول الذي اختفت ملامحه بشكل شبه تام، جراء اتساع رقعة الفقر بشكل غير مسبوق، وتوقف رواتب موظفي الدولة منذ قرابة خمسة أعوام، إلى جانب جائحة كورونا، والتراجع الكبير في تمويل المساعدات الإنسانية منذ مطلع العام 2020.

  ويحل عيد الأضحى، غداً الجمعة، بينما تجد ملايين العائلات اليمنية نفسها على شفا مجاعة، فيما أصبحت طقوس العيد، التي كانوا يعيشونها، كشراء أكثر من خروف للعيد وإعداد أصناف الكعك والحلويات، مجرد ذكريات.=

منتصف يوليو/ تموز 2020، حذرت الأمم المتحدة من مجاعة محتملة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مشيرة إلى أن هناك 20 مليون يمني يعانون حالياً من انعدام الأمن الغذائي (من أصل 30 مليوناً) في ظل جائحة الوباء العالمي كورونا.

تاجر ماشية: نسبة الثروة الحيوانية، من الأبقار والماعز، التي تم استيرادها من أثيوبيا وبعض دول القرن الأفريقي، والموجودة في السوق حالياً، تعادل 40% من إجمالي الثروة الحيوانية المحلية.

عزوف عن الأضاحي 

مصادر محلية متطابقة في مدينة إب، أكدت لـ"خيوط"، أن الكثير من العائلات لا تملك ثمن الأضاحي، وستكتفي بشراء الدجاج، عوضاً عن لحم الأغنام والخراف والثيران، ذي الأسعار الباهظة. 

وفي السياق ذاته، قال مهدي الوصابي، وهو تاجر مواشي في سوق "الدائري" في مدينة إب، إن هناك عزوف كبير من قبل اليمنيين عن شراء أضاحي العيد هذه السنة، بسبب تدهور حالتهم الاقتصادية، وارتفاع الأسعار مقارنة بالأعوام الماضية.

وأرجع الوصابي، في حديثه لـ"خيوط"، سبب ارتفاع أسعار الثروة الحيوانية المحلية، إلى تدني مستويات استيراد الثروة الحيوانية (الأبقار والأغنام والماعز)، من أثيوبيا وبعض دول القرن الأفريقي، نتيجة الحصار المفروض من قبل "التحالف العربي" بقيادة السعودية والإمارات، على اليمن.

ويقدر الوصابي أن نسبة الثروة الحيوانية، من الأبقار والماعز، التي تم استيرادها من أثيوبيا وبعض دول القرن الأفريقي، والموجودة في السوق حالياً، تعادل 40% من إجمالي الثروة الحيوانية المحلية.

  ويضيف أنه تم استيراد الأبقار والماعز من دول أفريقيا عن طريق ميناء عدن، وأن المستوردين دفعوا ثلاثة آلاف ريال يمني، كرسوم جمارك في الميناء، عن كل رأس ماعز، بالإضافة إلى دفع جمارك مرة أخرى عند مدخل مدينة إب، كونها ضمن المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين). وعن أسعار المواشي، أشار الوصابي إلى أن متوسط سعر الثيران المستوردة يقدر بـ480 ألف ريال للثور، بينما متوسط سعر الماعز ذات الأحجام الكبيرة، يقدر بـ85 ألف ريال.

  وإضافة إلى الماشية المستوردة، يمتلك اليمن ثروة حيوانية، خصوصاً في المناطق الزراعية الساحلية والصحراوية، التي تمتاز بجودة لحوم مواشيها، لكنها غالباً ما تباع بأسعار مضاعفة مقارنة بالماشية المستوردة.

ويتراوح سعر الخروف أو الماعز المحلي، من ذات الأحجام المتوسطة، بين 70- 90 ألف ريال، والأحجام الكبيرة من 100 إلى 130 ألف ريال. بينما يقدر متوسط سعر الثيران المحلية بـ650 ألف ريال.

  وعن نسبة المواشي المحلية ومن أي المحافظات تأتي، يشير ناجي الشتي، وهو أحد تجار المواشي في مدينة إب، إلى أن نسبة الأبقار الموجودة في إب تقدر بـ70% من تهامة الحديدة، بينما 30% يتم جلبها من قرى ومديريات محافظة إب نفسها. أما الخرفان والماعز، فإن قرابة 90% منها يأتي من أرياف المحافظة أيضاً.


•••
طلال محمد

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English